واقعٌ مريرٌ يُعاني منه لبنان منذ سنواتٍ، وخاصّةً بعد انهيار الثّقة بالقطاع المصرفي والمؤسّسات الرّسمية. من غير المنطقي أن تتوقّع الحكومة عودة الاستثمارات العربية أو الأجنبية كما يُروّجون لها عبر الإعلام ..
فأموال المودعين، وبينهم مستثمرون عرب، لا تزال محتجزة دون أفقٍ واضحٍ للمعالجة.
ألقضاء عاجزٌ ومنهم من يعتقد أنّه متواطئ، ولا يوجد أي مسارٍ شفّافٍ لاسترجاع الحقوق أو محاسبة المسؤولين.
ألفساد مستشرٍ، والبيروقراطية قاتلة، والمناخ القانوني غير مشجّع.
لا توجد خطةٌ اقتصاديةٌ فعليّةٌ ومُعلنةٌ تحظى بثقة الدّاخل والخارج.
ألأزمة الّتي افتعلتها المصارف اللّبنانية بتهريبها أموال المودعين للخارج وعدم إعادتها جعلت المستثمرين يخشون على أموالهم في هذا النّظام. ألثّقة هي عنصرٌ أساسيٌّ في أيّ عملية استثمارٍ، والمصارف اللّبنانية فقدت هذه الثّقة..
ألاستقرار السّياسي في لبنان هشٌّ، والتّوتّرات بين الأحزاب السّياسية والصّراعات الدّاخلية تعني أنّ لبنان لا يملك بيئةً مستقرّةً لجذب الاستثمارات طويلة الأمد.
ألمستثمرون غالبًا ما يبحثون عن استقرارٍ حكوميٍّ لكي يشعروا بالاطمئنان على استثماراتهم وهذا غير موجود لدينا.
ألاستثمار يتطلّب بيئةً شفّافةً وآمنةً، وهو ما لا يراه الكثيرون في لبنان في الوقت الحالي.
ألتّضخّم المستمرّ، مع انخفاض قيمة اللّيرة اللّبنانية، وارتفاع أسعار السّلع يجعل لبنان غير جذّابٍ اقتصاديًا للمستثمرين، خاصّةً مع ارتفاع تكلفة الإنتاج بالرّغم من تدنّي الرّواتب وانعدام الضّمانات الماليّة.
تناسى المروّجون لهذه الحملات أنّ لبنان يفتقر إلى بنيةٍ تحتيةٍ قويةٍ في عدّة مجالاتٍ، بما في ذلك الكهرباء، المياه، النّقل، والاتّصالات، هذه العوامل تؤثّر بشكلٍ مباشرٍ على بيئة الأعمال وتشكّل عائقًا أمام المستثمرين الأجانب خاصةً العرب منهم الذين يبحثون عن دولٍ تتمتّع ببنيةٍ تحتيةٍ متطوّرةٍ تدعم مشاريعهم لا كما يُروّج الإعلام عن الاستثمارات الفاشلة .
ألعرب ليسوا سذجاً كما يعتقد من يروّج لهم في لبنان ، وهم رأوا بأعينهم كيف خُدع كثيرون ممّن وثقوا بلبنان ومصارفه ، وذاقوا مرارة النّهب باسم “القطاع المصرفي ”. بل يمكن القول إنّ من يظنّ أنّ العرب سيعودون بدون ضماناتٍ دوليةٍ واستقرارٍ سياسيٍّ شامل، هو إمّا متغافل أو يبيع وهماً للنّاس.
أول خطوة يجب أن تكون في استعادة ثقة الناّس والمستثمرين في النّظام المصرفي اللّبناني، وهذا يتطلّب تحقيقاتٍ شفافةً حول ما حدث لأموال المودعين ومحاسبة المسؤولين عن الفساد المالي ودون ذلك لن يستثمر أحدٌ ولو بقرشٍ واحد ٍمقدوح .