
ياسر السجان – يكتب : مصر.. عقل المنطقة وقلبها النابض بالسلام
بين صوت الحرب وصوت الضمير.. مصر تختار السلام
من يراقب مشهد الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر، يدرك أن مصر لم تكن مجرد دولةٍ على الهامش، بل كانت — وما زالت — صوتًا عاقلًا في زمن الجنون، وركيزة أساسية في منع انزلاق المنطقة إلى المجهول.
منذ اللحظة الأولى، تعاملت القاهرة مع الأزمة الفلسطينية – الإسرائيلية بكل شرفٍ ومسؤولية. لم تنجر وراء الشعارات الفارغة، ولم تساوم على ثوابتها التاريخية.
قالت “لا” بصوتٍ واضح لمحاولات التهجير، و*”لا”* لتصفية القضية الفلسطينية، و*”نعم”* للسلام العادل الذي يضمن الحقوق ويحفظ الكرامة.
في الوقت الذي اكتفى فيه كثيرون بالتصريحات، كانت مصر وحدها تعمل على الأرض.
فتحت حدودها وقدّمت أكثر من 80% من المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة، من أغذية وأدوية ومستلزمات طبية، وأسهمت في إنشاء مخيمات حماية داخل القطاع استوعبت مئات الآلاف من الأشقاء الفلسطينيين.
لم تكن تلك المخيمات مجرد خيام، بل كانت جسور حياةٍ وإنسانية أقامتها مصر في وجه الموت، ورفع فوقها علمها ليقول للعالم: هنا مصر… وهنا شرف العروبة.
نحو 450 ألفًا من أبناء غزة وجدوا في تلك المخيمات الأمان والغذاء والعلاج، بينما امتدت يد الرعاية إلى آلاف آخرين في محيطها.
وفي كل ذلك، لم تطلب مصر شكرًا، لأنها لا تمنّ على الأشقاء بما تعتبره واجبًا وضميرًا.
وفي الوقت الذي اشتعلت فيه الجبهات السياسية، كان صوت مصر في شرم الشيخ هو الأعلى والأكثر اتزانًا، داعيًا إلى إنهاء الحرب وبدء مسارٍ سياسيٍّ حقيقي يفتح باب الأمل ويعيد للمنطقة توازنها المفقود.
لقد أثبتت القاهرة أن القيادة لا تكون بالصوت العالي، بل بالفعل الهادئ الرزين.
فشكرًا للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أدار الملف بحكمةٍ ومسؤولية،
وشكرًا لرجال المخابرات المصرية الذين تحركوا في أصعب الظروف وأعقد المفاوضات،
وشكرًا لرجال الخارجية المصرية الذين حملوا رسالة مصر للعالم بوجهٍ مشرف،
وشكرًا قبل الجميع لشعب مصر العظيم الذي ظل سندًا للعروبة والإنسانية.
مصر اليوم، كما كانت دائمًا، ضمير الأمة وقلبها النابض بالسلام.
وستظل كذلك، ما دام فيها رجال يعرفون متى يتكلمون، ومتى يعملون بصمتٍ… من أجل أن تبقى الحياة ممكنة.