السياسة

المحافظون يسعون “للانتقام” من روحاني

منح الإيرانيون المتطلعون لحرية أكبر في الداخل وعزلة أقل في الخارج الرئيس حسن روحاني فترة رئاسية جديدة لكن القوى المحافظة التي تغلب عليها في الانتخابات التي جرت الجمعة ستبقى معارضة بقوة لخططه.

وأسس روحاني فوزه الكاسح في الانتخابات الرئاسية على وعود بمزيد من الفرص الاقتصادية للشبان الإيرانيين إضافة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتوسيع الحريات الشخصية والتسامح السياسي.

ودخل روحاني في اشتباك لفظي نادر مع محافظين مقربين من الزعيم الإيراني الأعلى آية الله على خامنئي وانتقد مرشحهم الذي خاض المنافسة أمامه وهو إبراهيم رئيسي القاضي السابق الذي يعتبره الإصلاحيون ممثلا للدولة الأمنية في أكثر صورها رعبا.

وليس من المرجح أن ينسى الحرس الثوري الإيراني، أقوى جهة أمنية في البلاد، هجمات روحاني اللفظية التي لعبت على وتر إحباط منتشر من دولة تتحكم في كل شؤون حياة الإيرانيين وحتى ما يقولونه أو يلبسونه.

وخلال إحدى خطبه الانتخابية أشار روحاني للمحافظين بوصفهم “هؤلاء الذين يقطعون الألسنة ويكممون الأفواه”.

وقال مئیر جاودانفر وهو محاضر في الشأن الإيراني في مركز دراسات هرتزليا الإسرائيلي ومن مواليد إيران “سيواجه روحاني المزيد من الضغط في ولايته الثانية. الحرس الثوري ومؤسسات أخرى للدولة العميقة ستخلق مزيدا من المشكلات له”.

وأضاف “منذ ثورة 1979، كلما خسر المتشددون معركة سياسية حاولوا الانتقام”.

وأشار جاودانفر إلى أن الحرس الثوري قد يستخدم دوره كقوات تدخل في مناطق أخرى بالشرق الأوسط لمحاولة عرقلة أي تقارب مستقبلي مع الغرب.

وقال “ما قد يقلقني هو انتهاج الحرس الثوري سياسات أكثر ميلا للمواجهة في الخليج الفارسي… وسياسات أكثر ميلا للمواجهة مع الولايات المتحدة والسعودية”.

* على طريق الصدام

يقول حلفاء روحاني إنه مازال يملك الأسباب اللازمة لإحراز تقدم. وكرجل مقرب من الدوائر العليا للسلطة عمل روحاني مع خامنئي لعقود.

وقال مسؤول مقرب من حكومة روحاني “سيضطر خامنئي لتقديم دعم محدود لسياسات روحاني الاقتصادية المتحررة لأن الاقتصاد من بين أبرز أولوياته (الزعيم الأعلى) على غرار الدعم الحذر الذي منحه للاتفاق النووي”.

وقضى روحاني، الذي انتخب رئيسا للمرة الأولى باكتساح عام 2013 بتعهد بتقليل العزلة الدبلوماسية لإيران، أغلب وقته السياسي في ولايته الأولى على إبرام اتفاق نووي مع ست قوى عالمية أدى لرفع أغلب العقوبات الدولية في مقابل كبح إيران لبرنامجها النووي.

وبالتالي تم تجاهل أغلب الإصلاحات الاجتماعية الداخلية. لكن في ولايته الثانية سيتعرض روحاني لمزيد من الضغوط من أنصاره لتحقيق التغييرات في الداخل. وساهم هو شخصيا في زيادة الضغط على نفسه من خلال حملة انتخابية ظهر فيها كإصلاحي متحمس خاصة في أيامها الأخيرة.

وقال عباس ميلاني مدير برنامج الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد “رفع روحاني من السقف في اللغة التي استخدمها خلال الأيام العشرة الماضية. من الواضح أنه سيكون من الصعب التراجع عن بعض ما قال”.

وأضاف “التحديات التي أثارها أمام الحرس الثوري” إضافة لوعوده بالإفراج عن قادة إصلاحيين يقبعون رهن الإقامة الجبرية “كل ذلك سيضعه على طريق المواجهة إن لم يكن الصدام مع المحافظين”.

والصراع الداخلي على السلطة في الجمهورية الإسلامية ليس جدلا فلسفيا بين إصلاحيين ومحافظين بل معركة للدفاع عن هيمنة المؤسسة الدينية ومصالحها والمزايا التي تتمتع بها في البلاد.

فللحرس الثوري إمبراطورية أعمال ضخمة يعمل على حمايتها ويعتقد أن الانفتاح على الغرب سيؤدي لتغيير في النظام الحاكم. ونظرا لأهمية الحرس لدى القيادة الدينية فليس لدى الإيرانيين آمال عريضة في أن روحاني سيتمكن من الوفاء بكل وعوده.

وقال بنام بن تاليبلو وهو محلل بارز للشأن الإيراني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن “على الأرجح لن يكون روحاني مستعدا ولا قادرا على مواجهة المحافظين… من يريدون التغيير الحقيقي مجددا يختارون، للأسف، بين الرمضاء والنار”.

وكان ناخبون كثيرون عازمين على منع صعود رئيسي الذي كان واحدا من أربعة قضاة حكموا على آلاف المعتقلين السياسيين بالإعدام في الثمانينيات وهو ما كان كافيا لدفع المتشككين من الإيرانيين للخروج والتصويت لروحاني.

وقال كريم سجادبور وهو زميل بمؤسسة كارنيجي مهتم بالشؤون الإيرانية لرويترز “الإيرانيون على الأرجح لا يشعرون بالكثير من التفاؤل حيال قدرة روحاني على دفع البلاد قدما لكنه على الأقل لا يريد جرها للخلف”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى