السياسة

العداء التركي يعقد جهود طرد الدولة الإسلامية من الرقة بسوريا

يعقد القتال بين تركيا والفصائل الكردية المسلحة في شمال سوريا خططا لطرد تنظيم الدولة الإسلامية عدوهما المشترك من الرقة معقله في سوريا وهي عملية قال مسؤولون أمريكيون إنها ربما تبدأ خلال أسابيع.

واستهدفت الطائرات والمدرعات التركية المقاتلين الأكراد في الأيام القليلة الماضية دعما لمقاتلي المعارضة السورية بينما يتنافس الجانبان لاستعادة أراض من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية تريد أنقرة أن تكون منطقة عازلة قرب حدودها لحمايتها من خطر المتشددين.

وربما تنذر هذه الاشتباكات بمعركة أوسع بينما يتطلعون للسيطرة على مدينة منبج شمال غربي الرقة. واستعاد مقاتلون محليون تدعمهم جماعات كردية المدينة من قبضة الدولة الإسلامية في أغسطس آب وهي تتيح التحكم الاستراتيجي في منطقة كبيرة.

تكشف الحملة على تنظيم الدولة الإسلامية هذه المخاوف ويترقب زعماء الأكراد السوريين “طعنة في الظهر” من تركيا إذا انضموا لعملية الرقة. من جانبها تقول أنقرة إنه ينبغي ألا يشارك الفصيل الكردي الرئيسي على الإطلاق.

ويسلط هذا الضوء على صعوبة التخطيط لحملة واسعة على تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة يسكنها العرب والأكراد والتركمان وحيث السياسات الإقليمية والخوف من التطهير العرقي يصعبان إقامة تحالفات مستقرة.

وتدعم إيران وروسيا وبعض الفصائل الشيعية الرئيس بشار الأسد في مواجهة مقاتلين معارضين معظمهم من العرب السنة وتساندهم تركيا ودول الخليج والولايات المتحدة. لكن صراعا ثانويا يضع كل هذه الأطراف في حرب مع تنظيم الدولة الإسلامية.

لكن التركيز على إخراج التنظيم المتشدد من الرقة بات أكثر إلحاحا من أي وقت مضى فيما تزحف قوات الجيش العراقي والقوات الكردية على الموصل بالعراق على بعد 370 كيلومترا إلى الشرق على الجانب الآخر من الحدود. ويشجع هذا الدولة الإسلامية على الانسحاب إلى الرقة لتكون مقرا لحكمها الوحشي.

والقوات الأقرب إلى الرقة حاليا هي قوات سوريا الديمقراطية وهو تحالف من الفصائل المسلحة في شمال شرق سوريا أقواها وحدات حماية الشعب الكردية التي تناصبها أنقرة العداء.

وقال مسؤولون غربيون إن العملية لاستعادة الرقة ذات الأغلبية العربية يجب أن تنفذها قوات عربية. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يوم الأربعاء إن وحدات حماية الشعب الكردية يجب ألا تشارك مؤكدا ضرورة أن تشارك قوات بلاده في الهجوم.

وقال أكبر قائد عسكري أمريكي في العراق وهو اللفتنانت جنرال ستيفن تاونسند يوم الأربعاء إن قوات سوريا الديمقراطية هي الوحيدة القادرة على عزل الرقة قريبا وأكد أن وحدات حماية الشعب ستشارك في العملية.

لكنه أقر بمعارضة أنقرة وقال إن الولايات المتحدة وتركيا تجريان محادثات بشأن الأمر. وقال وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر إنه يبحث عن سبل حتى تتمكن تركيا من المشاركة في عملية الرقة وأشاد بتدخلها في سوريا حتى الآن لاستعادتها أراضي من قبضة الدولة الإسلامية.

وقال صالح مسلم الرئيس المشارك لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري إن الأكراد السوريين لا يزعمون أحقيتهم بالرقة لكنه صرح لرويترز بأن “التحرير أولوية بالنسبة للأكراد” مضيفا أن من يحكمون هناك “يجب أن يكونوا أصدقاء لنا على الأقل لن يسعوا لمهاجمتنا.”

*الانفصاليون

وأكثر ما يثير قلق أنقرة في شمال سوريا هيمنة وحدات حماية الشعب الكردية والحزب السياسي المرتبط بها وهو الاتحاد الديمقراطي الكردي.

وتعتبر تركيا الاثنين امتدادا لحزب العمال الكردستاني تلك الجماعة الانفصالية التي قادت حركة تمرد لثلاثة عقود سعيا لحصول الأكراد على حكم ذاتي في جنوب شرق تركيا. وتصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تنظيما إرهابيا.

وينفي حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب في سوريا وحزب العمال الكردستاني في تركيا الارتباط بصلات عسكرية أو سياسية مباشرة لكنهم أعضاء في تحالف أوسع من الجماعات الكردية التي تروج لفكر زعيم حزب العمال عبد الله أوجلان.

وجاء تدخل تركيا في سوريا دعما لجماعات المعارضة التي تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر سعيا لإخراج تنظيم الدولة الإسلامية من مواقع استخدمها لقصف بلدات كردية وأيضا لوقف توسع وحدات حماية الشعب هناك.

وحين اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية سوريا عام 2014 ليهدد في نهاية المطاف مدينتي الحسكة وكوباني اللتين تسكنهما أعداد كبيرة من الأكراد برزت وحدات حماية الشعب بوصفها أقوى جماعة تحارب المتشددين.

وسريعا ما حصلت على دعم أمريكي وانضمت لفصائل عربية وكردية مسلحة أصغر لتشكيل قوات سوريا الديمقراطية التي نجحت على مدار العام الأخير في استعادة أراض كانت تحت سيطرة الدولة الإسلامية على الحدود مع تركيا لتنشئ منطقة حكم ذاتي بحكم الأمر الواقع.

وتحكم المنطقة مجالس محلية وهو نظام تعتبره أنقرة واجهة يسيطر من ورائها حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية على مقاليد الأمور.

*تدخل

حين تدخلت تركيا في أغسطس آب كانت قوات سوريا الديمقراطية قد سيطرت لتوها على منبج وهو ما جعلها في وضع يسمح بسد فجوة طولها 70 كيلومترا تفصل بين جيبين كرديين على الحدود التركية وهو أمر عقدت أنقرة العزم على منعه.

وبعد أن استعادت تركيا والجماعات التي تحارب تحت لواء الجيش السوري الحر التي تحظى بدعمها المنطقة الحدودية من أيدي الدولة الإسلامية أصبحت أمام الأكراد فرصة أخيرة لتوحيد منطقتيهما عبر السيطرة على بلدة الباب. وأدت سيطرتهم على ثلاث قرى قرب الباب الأسبوع الماضي إلى أحدث جولة من القتال بينهم وبين الأتراك.

وقال إردوغان يوم الأربعاء “البعض يصرون على محاولة إبقاء تركيا والجيش السوري الحر عن الباب. عقدنا العزم على تطهير منبج من حزب الاتحاد الديمقراطي في أقرب وقت ممكن. إما أن يترك المنطقة في أقرب وقت ممكن أو سنقوم بما يلزم.”

وكررت تركيا تأكيد ضرورة أن تترك وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي منبج وهو ما يقول الاثنان بالإضافة إلى الولايات المتحدة إنه تم بالفعل.

وتدير مجالس محلية وأخرى عسكرية المدينة وتتولى الدفاع عنها. وتقول هذه المجالس إنها مستقلة عن حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب لكنها تعمل تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية. وترى تركيا هذا الموقف على ما يبدو على أنه نفاق.

وإذا سيطرت أنقرة على الباب منهية آمال الأكراد في توحيد شمال سوريا الذي يطلق عليه الأكراد (روج آفا) ثم استهدفت منبج حيث لقي مقاتلون أكراد حتفهم في المعركة ضد الدولة الإسلامية في أغسطس آب فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى تصعيد كبير.

وبالنسبة للولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية التي تركز حاليا على توحيد حلفائها – ومن بينهم تركيا وقوات سوريا الديمقراطية – من أجل المعركة لسحق الدولة الإسلامية فإن هذه ستكون انتكاسة كبيرة لخططها.

(إعداد دينا عادل للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن)

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى