مقالات

عناق إسرائيل وإيران – بقلم احمد سلهوب

بلغ القلق الإسرائيلي من الوجود الإيراني في سوريا  إلى منتهاه، لدرجة دفعت رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لمقابلة  الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا بوصفه لاعباً محورياً لايستهان به في القضية السورية، ولما له من اليد الطولى لرسم الخريطة السورية.
فنظرة عدم الارتياح الإسرائيلية مبنية على معلوات استخباراتية، مفادها أن إيران تنشئ مصانع عسكرية مخصصة لصناعة الصواريخ بعيدة المدى على غرار فئة سكود.
وهذا بالطبع لايروق لإسرائيل المتخوفة من  استحواذ حزب الله مخلب قط إيران في منطقة الشرق الأوسط التي تفوح منها رائحة التوتر، على تلك الصواريخ  التي تمثل تهديداً مباشراً للعمق الداخلي الإسرائيلي.

احمد سلهوب
احمد سلهوب
 إسرائيل على ما يبدوا حصلت على الضوء الأخضر من الدب الروسي بوتين باستهداف أي نشاط مريب لإيران داخل سوريا، فروسيا بدورها لاتريد إزعاجا إيرانيا مناهضا، فهي تريده محدود الوجود والحركة، وما يعزز ذلك الاعتقاد غارات إسرائيل الجوية على أهداف عسكرية في محافظة حماه، بعيد أيام قليلة من لقاء بوتين ونتنياهو الأخير في موسكو.
وواهم أيضاً من يعتقد أن إسرائيل تهدف لإزاحة الأسد عن سدة الحكم، فالنظام الأسدي يمثل لها هدفا استراتيجيا في هضة الجولان المحتلة، فمع  أفول نجم حرب أكتوبر بعد عام 1973 لم تطلق سوريا رصاصة واحدة صوب إسرائيل التي تشن غارات جوية داخل الأراضي السورية من حين لأخر.
 ويتزامن ذلك مع رد مخز من قبل دمشق بتصريح عفى عليه الزمن وهو “نحتفظ بحق الرد”، فتخاذل النظام السوري بالجولان وصمته حيال أرضه المحتلة وعدم إثارة القضية في المحافل الدولية في حد ذاته مكسب سياسي لإسرائيل.
ونشير هنا إلى أن إسرائيل تريد سورية وفقا لمقاسها ورغبتها، فهي تخشى صعود قوى أكثر وطنية ناجمة عن التطورات الحاصلة للسلطة وتثير قضية الجولان المسكوت عنها عمدا في المحافل الدولية
وبالعودة لإيران فلديها طموحها الجامح منذ نجاح ثورة 1979، وتريد أن يكون لها موطئ قدم على سواحل البحر الأبيض المتوسط، وأضحت سوريا مسرحا وموطنا لذلك بتواطؤ من نظام الأسد المتخلي عن عباءة السيادة التي لطالما صدعنا بها وزير خارجية سوريا وليد المعلم.
تدخل إيران بسوريا ليست ملامحه بريئة فهو من يملك مفاتيح اللعبة في ذهن دكتور العيون بشار، فالوجود لا يقتصر على تدعيم الأسد عسكريا ومساعدته في فرض هيمنته بشكل صوري، بقدر ما تسعى إلى تعزيز قبضتها السياسية بشكل مطلق، وتحول سوريا لنقطة إنطلاق لأجندتها منها زعزعة دول الجوار كتركيا عبر القضة الكردية، رغم حالة الوئام الراهنة بينهما التي فرضها الواقع والتطورات الإقليمية.
وبالنظر إلى ماسبق، نشير لوجود معادلة صعبة بسوريا بجانب التعقيدات الأخرى  منذ  اندلاع  ثورتها عام 2011، فإسرائيل سينصب اهتمامها من الآن فصاعدا على النشاط العسكري لإيران الذي يهدد أمنها فقط ، وستحاول طهران بدورها إخفاء أي تحرك لها، إذا سنشهد صراع إيراني إسرائيلي مسرحه سوريا بمراقبة روسيا التي تحققت أحلامها بالوصول إلى المياه الدفيئة فلطالما كان هذا هو حلم الاتحاد السوفيتي إبان الحرب الباردة.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى