السياسة

المسيحيون في لبنان.. تحت رحمة “داعش”

المسيحيون في لبنان.. تحت رحمة داعش

لا يزال مشهد جريمة ذبح المواطنين المصريين المسيحيين الأقباط في ليبيا مع ما تضمنته هذه الجريمة الوحشية المستنكرة عبر الشريط المسجل الذي بثه «تنظيم الدولة الإسلامية داعش» الإرهابي التكفيري من رسالة واضحة إلى جميع المسيحيين في كل المنطقة والعالم يرخي بأثقاله الخطيرة على لبنان التعدد والتنوع والعيش المشترك خصوصا أن اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا باتوا أكثر من أي وقت مضى ينظرون بعين الريبة والحذر والشؤم إلى مستقبلهم استنادا إلى الخطر الكبير القادم على لبنان الذي لا يزال في عين استهداف المنظمات التكفيرية التي وبحسب أوساط واسعة الإطلاع تستكمل استعداداتها العسكرية واللوجستية لشن المزيد من الغزوات البربرية باتجاه الأراضي اللبنانية.

مضيفة بأن ذبح المسيحيين المصريين في ليبيا هو برهان قاطع على مدى الخطر الكبير المحدق بمسيحيي لبنان وكل المنطقة العربية والذي تحذر منه بشدة تقارير استخباراتية وأمنية عديدة تؤكد بأن ذبح المصريين المسيحيين الأقباط جهارا على يد تنظيم الدولة الإسلامية هو نموذج صارخ على ما ينتظر مسيحيي لبنان وكل المنطقة لو أن العالم فشل في القضاء على هذا التنظيم التكفيري الوحشي الذي للأسف الشديد لا تزال كل التقارير الأمنية تشير وتؤكد بأن الخطر على المسيحيين في لبنان على وجه التحديد لا يزال كبيرا جدا وبالرغم من ضربات قوات التحالف الدولية بقيادة الولايات المتحدة في العراق وسوريا التي لم تمنع أبدا من تنامي خطر تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في سوريا عموما وفي المناطق القريبة من الحدود اللبنانية خصوصا حيث أصبح تغلغل هذا التنظيم في تلك المناطق واضحا جليا استنادا إلى الرصد والتوثيق والتقارير الأمنية الميدانية والموضوعية لهذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد الكيان اللبناني ونموذجه الفريد في المنطقة العربية في التعدد والتنوع والتعايش بين المسلمين والمسيحيين.

واشارت الاوساط الى انه حتى هذه اللحظة هناك قوى لبنانية محلية غير مقتنعة أو غير مطلعة بشكل كاف على حجم الخطر المحدق بلبنان ، حيث لا يزال هناك غياب مطلق للموقف اللبناني الوطني الجامع والحازم لناحية توحيد جهود جميع القوى السياسية بمختلف انتماءاتها ومشاربها في لبنان من أجل محاربة تنظيم «داعش» كأولوية وطنية وجودية للدفاع عن وطن الأرز ورسالته الإنسانية والأخلاقية.

وهذا الأمر يعني بشكل أو بآخر استمرار سياسة التستر عن البيئة الحاضنة للجماعات المتطرفة التي تنتج الخلايا التكفيرية التي تأتمر بتنظيم «داعش» وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي تستهدف الجيش اللبناني وحرية وسيادة لبنان ، وهذا الأمر يعني أيضا بأن بعض القوى المحلية التي تدور في فلك بعض القوى الإقليمية المتورطة في دعم وتمويل مشروع الإرهاب التكفيري ليس لديها الهامش الكافي لفك لبنان عن ارتهانات هذا المشروع وارتداداته الكارثية على لبنان والمنطقة.

وتتابع بأنه وفيما تستمر التنظيمات التكفيرية الإرهابية المنتشرة على مقربة من الحدود اللبنانية باستكمال استعداداتها العسكرية من خلال تعزيز مخازن أسلحتها بشتى أنواع الأسلحة والذخائر واستقدام المقاتلين وإعدادهم في معسكرات التدريب لديها استعدادا لشن المزيد من غزواتها المرعبة باتجاه قرى ومدن البقاع في لبنان، كان اللبنانيون للأسف الشديد منشغلين بمتابعة الخطابات الرنانة في بعض المهرجانات السياسية التي أقل ما يقال عن فحوى ومضامين رسائلها باتجاه الداخل اللبناني بأنها خطابات ومواقف لا تدل سوى أن أصحابها يعيشون في عالم بعيد عن الواقع المرير الذي يعتريه الكثير من المخاطر الداهمة التي تهدد أمن واستقرار لبنان وسلمه الأهلي خصوصا أنه وبحسب الأوساط عينها فأن ما سمعه المراقبون في خطاب الرئيس سعد الحريري بمناسبة الذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري في «البيال» في بيروت لا يمكن الاستنتاج منه سوى أن هذا الخطاب بخلفياته وأبعاده وفي توقيته الحساس والدقيق في هذه المرحلة ليس سوى نسفا كاملاً للحوار الإسلامي – الإسلامي الدائر بين تيار المستقبل وحزب الله أو على الأقل هذا الخطاب قد أعاد هذا الحوار برمته إلى نقطة الصفر على الرغم من تأكيد الحريري الابن على استمرار الحوار بين تياره والحزب لمعالجة الامور التي من الممكن معالجتها في ظل قرار تيار المستقبل الواضح من خلال خطاب الحريري بأنه هو جزء لا يتجزأ من محور عرب الاعتدال بقيادة المملكة العربية السعودية وهو المحور الذي يكابش محور الممانعة والمقاومة بقيادة إيران والذي يشكل حزب الله عموده الفقري والأساسي.

الأوساط أضافت بأن موقف بعض القوى اللبنانية المحلية في الوقوف على الحياد أو في موقف المتفرج إزاء ما يتهدد لبنان من تطورات سلبية من شأنها أن تفاقم من حدة الانقسامات الداخلية الطائفية التي تحركها مشاعر التطرف والكراهية فأنه من غير المستبعد أبدا أن يبقى لبنان في دائرة خطر انتقال الأفعال العنفية الإجرامية التي تجري من حوله ومحيطه وفي كل أرجاء المنطقة إلى داخله وهذا أمر من شأنه أن يطيح بكل الحوارات التجميلية فيما لو بقيت هذه الحوارات تدور في حلقة مفرغة من المقررات السطحية والشكلية في حين أن خطر الفوضى والفتنة الطائفية والمذهبية الذي يتهدد بجر لبنان نحو دائرة العنف والعنف المضاد قد أصبح على الأبواب وما قضية العسكريين المخطوفين على أيدي عناصر «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» بالإضافة الى الأحداث الأمنية المتنقلة من منطقة إلى أخرى ليست سوى اول الغيث من الأزمات السياسية والأمنية المتلاحقة التي لا بد أن تشكل اندار الجميع المسؤولين في لبنان لتحمل مسؤولياتهم الوطنية على صعيد دق ناقوس الخطر من أجل توحيد الهمم والطاقات للدفاع عن لبنان بوجه الحملة التكفيرية الإرهابية التي تتهدد كل أبنائه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى