السياسة

الرئيس الجزائري المنتهية ولايته يستعد لخلافة نفسه

قال رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال السبت إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيترشح لفترة رئاسية رابعة في الانتخابات المقررة في 17 إبريل/نيسان.

ويأتي إعلان الترشح قبل عشرة أيام فقط من مهلة الرابع من مارس/آذار المحددة للتسجيل رسميا. وينتهي موعد تقديم الترشيحات في الرابع من اذار/مارس.

وقال سلال في مدينة وهران بشمال غرب الجزائر “أعلن لكم اليوم عن ترشح رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لرئاسيات 17 أبريل المقبل.”

وقال مراقبون إن الرئيس المتعب بفعل المرض سيجد في النداءات المتكررة له للترشح والتي بدأت حتى من قبل ان يشفى تماما من الجلطة الدماغية التي أصيب بها في نيسان/ابريل 2013، سببا قويا لتبرير هذه الخطوة المثيرة لغضب واستغراب كثير من الجزائريين يطمحون في ان تجدد بلادهم نخبتها السياسية التي فشلت على مدى عقود ومنذ استقلالها عن فرنسا في أن تحقق حدى أدنى من التطور الاقتصادي والسياسي في دولة تملك ثروات باطنية هائلة بينما تعاني أجيال من الجزائريين من الفقر والبطالة و ومن حريات شكلية ومظهرية لا تلبث ان تسقط مع أول اختبار حقيقي لها.

ويؤكد عدد من السياسيين الجزائريين ان ترشح بوتفليقة يعني أن نتائج الانتخابات أصبحت محسومة سلفا لمصلحته، لا سيما وأن الجوقة المحيطة به والتي بذلت وما تزال تبذل أموالا طائلة لشراء ذم الكثيرين من رجال الاعمال وأصحاب المصالح والنفوذ قد ضمنت أن هؤلاء سوف يكونون راس الحربة الأساسية في تحريض البسطاء من الجزائريين على التصويت لفائدة “استقرار الجزائر” الذي تحقق مع مع مجيئ “القائد المنقذ للبلاد من الإرهاب ومحقق الوئام الوطني”.

ويقول سياسيون معارضون أعلنوا خوضهم سباق الرئاسة، إن ترشح بوتفليقة لن يسمح للمنافسة الانتخابية بأن تكون نزيهة، خاصة وأن الرئيس بوتفليقة “يملك تحت تصرفه” دولة كاملة بكل أجهزتها الأمنية والعسكرية والإدارية القادرة على توجيه سير نتائج العملية الانتخابية لفائدته مثلما حصل في استحقاقات انتخابية سابقة.

وأمر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الخميس الحكومة بأن تكون الانتخابات الرئاسية المقررة في 17 نيسان/ابريل نزيهة و”لا يرقى الشك إلى مصداقيتها”، في مسعى منه لطمأنة المعارضة المتخوفة من احتمال تدخل الجيش لصالحه اذا ما ترشح لولاية رابعة.

ودعا بوتفليقة “وسائل الاعلام العمومية أن تتحلى بالصرامة المهنية والاحترافية لضمان معاملة كافة المترشحين بتمام الانصاف سواء خلال الحملة الانتخابية أو خلال الفترة التي تسبقها”، بينما دعا الصحافة الخاصة الى التقيد “بنفس الواجب المهني وبمراعاة أخلاقيات المهنة”.

ويدخل بوتفليقة الانتخابات الرئاسية المقبلة بحظوظ وافرة خاصة بعد الانتصارات المتتالية على القيادات العسكرية الرافضة لترشحه مرة أخرى.

وأثارت التغييرات التي قام بها الرئيس الجزائري منذ ايلول/سبتمبر في قيادة المخابرات حملة من التعليقات لسياسيين وعسكريين سابقين، تحدثت عن صراع بين بوتفليقة والجنرال محمد مدين المكنى بالجنرال توفيق حول ولاية رابعة للرئيس المريض الذي يحكم البلاد منذ 1999.

ويقول محللون إن بوتفليقة الذي نجح في إزاحة المعارضين داخل الجيش، وبالتالي وضع المؤسسة العسكرية الرهيبة تحت تصرفه، لن يجد صعوبة تذكر للبقاء في منصبه لولاية رابعة، مؤكدين أن بوتفليقة سيترشح ليفوز ولن تكون هناك نتيجة أخرى غير ما يريد شقيقه السعيد بوتفليقة الذي عمل كل ما في وسعه لدعم حظوظ شقيقه في البقاء رئيسا، وقبل ذلك في إقناعه بالترشح خاصة بعد كل الذي رشح في وقت سابق، عن رغبة الرئيس المريض في المغادرة لعدم قدرته الجسدية على أداء مهام الرئاسة الشاقة.

وجرّد بوتفليقة مدير المخابرات من ثلاث مصالح أساسية، وهي امن الجيش والصحافة والشرطة القضائية العسكرية، ووضعها تحت سلطة رئيس الاركان، كما غير مديري الامن الداخلي والخارجي، ليضمن بذلك ولاء المؤسسة العسكرية صاحبة الباس الشديد في

ولم يكتف بوتفليقة بذلك بل احال قبل اسبوعين على التقاعد العميد آيت وعراب عبد القادر المكنى بـ”الجنرال حسان” مدير مكافحة الارهاب في جهاز المخابرات واحد المقربين جدا من الجنرال توفيق.

ويرى مطلعون على خبايا الصراع داخل مراكز القرار والنفوذ في الجزائر، أن السعيد بوتفليقة، الذي يصفونه بأنه صاحب القرار الأول في القرار داخل الرئاسة الجزائرية رغم أنه لا يملك أي منصب رسمي داخلها عدا الاستشارية، سيكون ابرز مستفيد من بقاء شقيقه الرئيس، بالإضافة إلى كل المستفيدين من نظامه وخاصة من بينهم أولائك المهددين بأن تتطالهم ايدي القضاء بتهم الفساد المالي في اول فرصة يرفع فيها عنهم الغطاء الذي يوفره لهم بقاء بوتفليقة والمقربين منه في الحكم.

وكان الحزب الحاكم وحزب بوتفليقة جبهة التحرير الوطني ومعه حليفه في البرلمان والحكومة التجمع الوطني الديمقراطي واحزاب اخرى عدة اعلنت دعمها لاستمرار الرئيس في الحكم “ضمانا للاستقرار ولاتمام المشاريع الاقتصادية”.

ويرجح مراقبون أن فوز بوتفليقة لن يكون سوى مرحلة لقطع الطريق على وصول شخص آخر معارض لىل بوتفليقة سواء أكان من داخل الجيش أو من خارجه.

ويقدر هؤلاء ان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة سيكون “مجبرا” بعد فوزه بالعهدة الرابعة وفي فترة لن تتعدى الاشهر و”بسبب طارئ سيبرر بأنه صحي”، على تسليم الرئاسة لأحد الموثوق بهم بالنسبة لشقيقه ممن سيسمح له الدستور الجزائري بتقلد منصبه، وهو رئيس مجلس الامة في الصياغة الحالية للدستور إذا لم يطرا تعديل جديد مرتقب عليه، يحول تعويض رئيس الجمهورية عند الاستقالة أو الغياب، إلى نائب رئيس الجمهورية وهو المنصب المزمع إحداثه في التعديلات الدستورية المرتقبة.

وكان الدستور الجزائري ينص على تحديد عدد الولايات الرئاسية باثنتين فقط، لكن بوتفليقة عدل الدستور في 2008 ليتمكن من الترشح لولاية ثالثة في 2009.

وبين يدي الرئيس الجزائري الوزير الاول عبدالمالك سلال نسخة معدلة من دستور الجزائر الحالي تتضمن إنشاء إنشاء منصب نائب رئيس للجمهورية، وتقييد فترة العهدة الرئاسية بواحدة قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، لكن لن يتم تمريرها للبرلمان لإقرارها، إلا بعد الانتخابات الرئاسية.

ووفقا لهذه النسخة من الدستور فإن نائب الرئيس سيكون شخصا يتم تعيينه من رئيس الدولة.

وقبل شهرين من الانتخابات الرئاسية اعلن اكثر من ثمانين شخصا، من بينهم كثير من المجهولين ورئيس الحكومة الاسبق علي بن فليس الخاسر امام بوتفليقة في انتخابات 2004، عزمهم على خوض السباق الرئاسي.

ويفرض قانون الانتخاب على كل مرشح او من يفوضه تقديم طلب رسمي للترشح، للحصول على استمارات جمع التوقيعات.

وعلى كل مرشح جمع 600 توقيع من الاعضاء المنتخبين في البرلمان والمجالس المحلية او جمع 60 الف توقيع من المواطنين المسجلين في القوائم الانتخابية.

ويفصل المجلس الدستوري في هذه الترشيحات بعد الرابع من اذار/مارس. ويعلن اسماء المرشحين الرسميين، على ان تبدأ الحملة الانتخابية في 23 آذار/مارس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى