السياسة

هادي البحرة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة … تعزيز المعارضة الرئيسية سيجعل الأسد يفيق من وهم أنه قد يحقق نصرا عسكريا

الخطة ألامريكا لضرب الدولة الإسلامية تضعف أحد أعداء الأسد وتقوي شوكة آخرين
الأسد

بيروت (رويترز) – ستضعف الغارات الجوية الأمريكية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا أحد أبرز خصوم الرئيس السوري بشار الأسد لكنها في الوقت نفسه قد تثير قلقه لأنها ستقوي شوكة خصوم آخرين يصرون على الإطاحة به.

ومن غير المرجح أن تتمخض الاستراتيجية الأمريكية في التعامل مع الدولة الإسلامية عن نتائج سريعة. وعلى النقيض من العراق حيث استطاعت الضربات الأمريكية أن تقوض تقدم التنظيم بشكل سريع فإن واشنطن ليس لديها شريك قوي على الأرض في سوريا.

لكن في حرب مستمرة بالفعل منذ أكثر من ثلاثة أعوام وقتلت أكثر من 190 ألف شخص يبدو أن الخطة الأمريكية تحمل في طياتها أهم المساعي لتعزيز ما تبقى من المعارضة السورية “المعتدلة” للأسد.

وقد يمر وقت طويل قبل أن يتحول مقاتلو المعارضة الذين يعرفون بشكل فضفاض باسم “الجيش السوري الحر” إلى ما يشبه قوة عسكرية حقيقة. وقد لا يكون هذا هو الهدف. ويتفق حلفاء الأسد ومعارضوه على أنه لا يوجد حل عسكري لحرب تتطلب تسوية سياسية.

لكن تعزيز الدعم – والذي يشمل تدريبا وافقت السعودية على استضافته – قد يوفر شريان حياة لمقاتلي المعارضة الذين واجهوا خطر الاندثار تماما بسبب الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية.

وفي نهاية الأمر فإن وجود معارضة موحدة قادرة بشكل أفضل على الصمود قد يخلق زخما جديدا لتحريك المسار الدبلوماسي المعطل والذي يشمل الغرب من ناحية وروسيا وإيران حليفتي الأسد اللتين يساورهما القلق أيضا من صعود الدولة الإسلامية.

وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الأربعاء في خطاب مهم عن سياسة واشنطن بشأن مواجهة الدولة الإسلامية إنه لن يتردد في ضرب التنظيم في سوريا حيث سيطر على مناطق واسعة في شرق وشمال شرق البلاد.

كما استبعد فكرة التعاون مع حكومة دمشق وهو الأمر الذي اعتقد بعض المحللين أنه سيكون النتيجة الحتمية للقتال ضد الدولة الإسلامية. ومازال البعض يعتقد أن التعاون بشكل غير مباشر عن طريق أطراف ثالثة لايزال احتمالا قائما.

وقال أندرو تابلر وهو باحث في مؤسسة واشنطن وخبير في الشؤون السورية “نظام الأسد وإيران هما الدفتان الطبيعيتان لهذا (الصراع) في الشرق والغرب لكنه (الأسد) لن يتعامل مع الغرب كما كان يأمل.”

وتابع “الولايات المتحدة قررت أن هذه ستكون حربا طويلة وستدعم المعارضة فيها.”

* دعم المعارضة سيضغط على الأسد

وقال أوباما إن الولايات المتحدة عززت بالفعل المساعدة العسكرية للمعارضة السورية في إشارة محتملة للمساعدات التي تم تسليمها تحت ستار برنامج تدريب تابع للمخابرات المركزية الأمريكية. كما طلب من الكونجرس الموافقة على موارد بقيمة 500 مليون دولار إضافية لمساعدة المعارضة.

وتقول جماعات المعارضة الرئيسية إنها بدأت بالفعل في إعادة تنظيم نفسها. وقالت حركة حازم انها تلقت إمدادات جديدة من الصواريخ المضادة للدبابات في الأسابيع الأخيرة.

ويقول نشطاء المعارضة إن عشرات الالاف من المقاتلين انضموا لجماعات المعارضة الرئيسية منذ بدء الانتفاضة.

لكن المعارضين يقولون إن الكثيرين منهم لا يزالون يتركون صفوف المعارضة المعتدلة للانضمام للجماعات الإسلامية التي تتلقى تمويلا أفضل والتي لا تشمل تنظيم الدولة الإسلامية فحسب بل وجبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا.

ويخشى منتقدون لخطط تسليح المعارضة الرئيسية من أن ينتهي الحال بالأسلحة الجديدة في أيدي المتشددين.

وأي محاولة لتعزيز المعتدلين ستقابل بالشكوك من نشطاء المعارضة الذين يلقون باللوم في فشل انتفاضتهم على الافتقار للدعم الغربي.

ورغم أن البعض حارب ضد الدولة الإسلامية فانهم يقولون إن عدوهم الرئيسي هو الأسد وإن واشنطن لم تقم بشيء يذكر لمساعدتهم.

وقال أحد قادة مقاتلي المعارضة “ينبغي على الناس أن يثقوا في نوايا أوباما… سأقبل الأسلحة والمساعدة في التدريب.”

وقال هادي البحرة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية المدعوم من الغرب في المنفى إن تعزيز المعارضة الرئيسية سيجعل الأسد يفيق من وهم أنه قد يحقق نصرا عسكريا.

وقال البحرة “تعزيز الجيش السوري الحر سيقوي موقفه على الأرض ومن ثم سيضغط على النظام كي يتوجه إلى مائدة المفاوضات لتحقيق الانتقال السياسي.”

وعقدت محادثات سلام تدعمها الأمم المتحدة في يناير كانون الثاني بين المعارضة وحكومة الأسد لكنها سرعان ما انهارت. ولم يبد الأسد رغبة تذكر لحل سياسي بينما تحقق قواته مكاسب بمساعدة حلفاء من بينهم جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية المدعومة من إيران.

وتمكنت الحكومة وحلفاؤها من السيطرة على ممر استراتيجي من الاراضي في غرب سوريا يمتد من دمشق إلى ساحل البحر المتوسط. وأجرت السلطات انتخابات رئاسية في الاراضي التي تخضع لسيطرتها في وقت سابق هذا العام أعادت الأسد لتولى ولاية ثالثة مدتها سبع سنوات.

لكن الحياة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة مازالت بعيدة عن كونها طبيعية. فما زالت اشتباكات ضارية تحدث إلى الشرق والجنوب الشرقي من دمشق على سبيل المثال حسبما أشار المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتابع الحرب.

واثارت مكاسب الدولة الإسلامية في شرق سوريا انتقادا نادرا على مواقع التواصل الاجتماعي للاستراتيجية العسكرية للحكومة من الموالين للأسد ومن بينهم ابناء عمه فيما يشير إلى نقطة ضغط محتمل. وظهر بعض النقد عندما ذبح مقاتلو الدولة الإسلامية عشرات الجنود من قوات الحكومة السورية الذين أسروهم في قاعدة جوية في محافظة الرقة الشهر الماضي.

* الهدف هو العراق

وصعدت القوات الجوية السورية قصفها للاراضي التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية منذ استولى التنظيم على مدينة الموصل العراقية في يونيو حزيران.

وتسيطر الدولة الإسلامية الآن على معظم محافظتي الرقة ودير الزور في شرق سوريا وتقدمت غربا نحو الحدود التركية وشمال مدينة حلب وهي مسرح عمليات مهم للقتال بين المسلحين والقوات الحكومية.

ويمكن للدولة الإسلامية تأمين قبضتها على الاراضي بالقرب من حلب ويمكنها قطع خطوط الامداد إلى المدينة التي كانت الأكبر في سوريا قبل فرار مئات الاف اللاجئين السوريين.

ومقاتلو الاقلية الكردية الذين خاضوا اشتباكات ضد الدولة الإسلامية لكنهم فشلوا حتى الآن في اقناع الغرب بأن يساعدهم يمكن ان يصبحوا عاملا. وتوجد مؤشرات متزايدة على انهم يتعاونون مع مقاتلي المعارضة المعتدلة.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الاربعاء إن مجموعة من مقاتلي المعارضة المعتدلة وحدت صفوفها هذا الأسبوع مع المقاتلين الأكراد الذين يتسمون بتنظيم جيد لقتال الدولة الإسلامية في أجزاء من محافظتي الرقة وحلب. وشكل الفصيلان غرفة عمليات مشتركة وأصدرا بيانا يدعو المجتمع الدولي إلى القضاء على الدولة الإسلامية.

ومازال حجم العمل المزمع في سوريا غير واضح. فقد قالت الحكومة السورية إن أي عمل عسكري يتم بدون موافقتها سيعتبر عملا عدائيا – وهو رأي تشترك فيه روسيا التي عرقلت مرارا اتخاذ أي إجراء ضد سوريا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ويتصور البحرة تشكيل تحالف دولي ضد الدولة الإسلامية تمتد مهمته إلى حماية المناطق المدنية من الضربات الجوية للحكومة السورية – وهي نتيجة تصل إلى حد إقامة منطقة حظر طيران تسعى اليها المعارضة منذ فترة طويلة.

وأعطت القوات الجوية للأسد التي لا تواجه تحديا ميزة حاسمة في الصراع. لكن الغرب لم يبد رغبة تذكر لفرض منطقة حظر طيران فوق سوريا للمساعدة في الاطاحة بالأسد مثلما فعل عام 2011 ضد معمر القذافي في ليبيا.

وتوقع الشيخ نعيم قاسم نائب زعيم حزب الله تدخلا أمريكيا محدودا يهدف إلى احتواء الدولة الإسلامية وليس القضاء عليها.

وتوقع أمين قمورية وهو صحفي لبناني ومحلل سياسي أن تكون أي ضربات جوية ضد الدولة الإسلامية قاصرة على المناطق على الحدود وطرق الامداد. وأضاف أن المعارضة المعتدلة “غير موجودة”.

وقال إن الضربات ستضعف الدولة الإسلامية ولن تقضي عليها تماما. وأضاف أنه سيتم اضعافها ليس من اجل سوريا وانما من أجل العراق وأن الهدف الأمريكي الآن هو العراق دائما

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى