محمد الأتربي رئيس البنك الاهلي المصري مصرفي من كوكب آخر

في لحظة فارقة من تاريخ الاقتصاد المصري، وفي ظل تحولات مصرفية عميقة تتطلب قيادة ذات وعي، وخبرة، واتزان، يبرز اسم محمد محمود الأتربي كرجل من طراز خاص، صاغ مسيرته المصرفية بعناية وهدوء، وجعل من المؤسسات التي أدارها علامات مضيئة في سجل العمل المصرفي الحديث. وُلد محمد الأتربي عام 1956، وتخرج في كلية التجارة بجامعة عين شمس عام 1976، ليبدأ رحلته في البنك العربي الأفريقي الدولي، ثم انتقل إلى بنك الائتمان الدولي، وبعدها إلى بنك مصر الدولي (المعروف حاليًا ببنك قطر الوطني الأهلي) حيث أمضى أكثر من 22 عامًا، شغل خلالها مناصب قيادية عدة، واكتسب خبرة عميقة في إدارة الأصول، الائتمان، وهيكلة التمويل، وأسواق رأس المال.

تدرجه المهني كان مدفوعًا بالكفاءة والانضباط، وهو ما أهله في سبتمبر 2005 لتولي منصب نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقاري المصري العربي، ثم رئيسًا لمجلس إدارة بنك الاستثمار العربي في 2009، قبل أن يعود مرة أخرى إلى البنك العقاري المصري العربي عام 2011 ليتولى قيادته الكاملة. غير أن المحطة الأبرز كانت في يناير 2015، حينما تولى رئاسة مجلس إدارة بنك مصر، ثاني أكبر بنك حكومي في البلاد، في توقيت شديد الحساسية اقتصاديًا وماليًا. خلال قيادته للبنك، قاد الأتربي خطة شاملة لإعادة الهيكلة، وتعزيز نظم الحوكمة، ودفع البنك بقوة نحو تمويل المشروعات القومية والصغيرة والمتوسطة، وهو ما انعكس على تحقيق البنك لأرباح غير مسبوقة، وحصوله على جوائز دولية في إدارة المخاطر والمسؤولية المجتمعية والتمويل المتخصص.

وفي سبتمبر 2024، صدر القرار بتعيين محمد الأتربي رئيسًا تنفيذيًا للبنك الأهلي المصري، خلفًا لهشام عكاشة، ليصبح بذلك أول رئيس يجمع بين قيادة بنك مصر والبنك الأهلي المصري، وهو أمر يعكس حجم الثقة المؤسسية في قدراته الإدارية وقيادته الحكيمة. توليه رئاسة البنك الأهلي جاء تتويجًا لمسيرة امتدت لعقود، واستكمالًا لمنهجية شاملة في العمل المصرفي تجمع بين التحديث والالتزام الوطني. وتحت قيادته، حصل البنك الأهلي المصري على المركز الأول في السوق المصرفية المصرية والأفريقية في ترتيب وإدارة القروض المشتركة، وفقًا لتقارير مؤسسة بلومبرج العالمية.

في فبراير 2025، كرّمته مجلة Global Business Finance بجائزة “أفضل رئيس تنفيذي في مصر”، تقديرًا لدوره الريادي في تطوير القطاع المصرفي الحكومي، وهي جائزة تعكس حجم التأثير الذي أحدثه الرجل داخل أكبر مؤسستين ماليتين في البلاد. لكن محمد الأتربي لم يكن مجرد مدير مصرفي ناجح، بل كان رجل مؤسسات. فهو يشغل كذلك رئاسة اتحاد المصارف العربية، ورئاسة اتحاد بنوك مصر، وعضوية مجلس إدارة عدة مؤسسات اقتصادية وطنية، إلى جانب رئاسته لمجلس أمناء مؤسسة بنك مصر لتنمية المجتمع، حيث يؤمن أن دور البنك لا يجب أن يتوقف عند حدود الربح وإنما يمتد ليشمل التعليم، والرعاية الصحية، والتنمية المستدامة.

إن الحديث عن محمد الأتربي لا يتوقف عند المناصب والجوائز، بل يتعداها إلى كونه نموذجًا للقيادة الهادئة، والعقل المصرفي الرشيد، وصوت الحكمة في زمن التقلبات. هو رجل يعرف متى يتكلم، ومتى يتدخل، ومتى يقف خطوة للخلف ليراقب التوازن. وسواء في الأرقام أو في السياسات، أثبت أنه قادر على صناعة الفارق. لقد نال جوائز كثيرة، لكن وسام الاستحقاق الحقيقي هو ما خطّه بجهده وإخلاصه ووطنيته عبر سنوات من العمل المؤسسي الرفيع. محمد الأتربي ليس مجرد اسم في سجل القيادات المصرفية، بل هو توقيع ممهور على وثيقة الثقة في الاقتصاد الوطني، وهو باختصار: رجل المرحلة، ووسام استحقاق حقيقي على صدر المصرفية المصرية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى