السياسة

الانسحاب من سوريا غير ممكن… هل تؤثر تصريحات أردوغان على جهود التطبيع مع الأسد؟

أثارت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشأن نيته عدم الانسحاب من سوريا جدلا واسعًا، خاصة وأن سوريا تضعها كشرط رئيسي لبدء عملية التفاوض حول تطبيع العلاقات.وأبدى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس الاثنين، انفتاحه للقاء نظيره السوري، الرئيس بشار الأسد، لكنه أكد أن خروج تركيا من شمالي سوريا غير ممكن في ظل محاربتها للإرهاب هناك.وطرح البعض تساؤلات بشأن التصريحات التركية وإمكانية أن تعرقل الجهود المبذولة لإعادة العلاقات والتطبيع ما بين دمشق وأنقرة، في ظل تمسك الرئيس السوري بعملية الانسحاب.

إشكاليات أكبر

اعتبر فريد سعدون، المحلل السياسي السوري، أن تصريحات الرئيس أردوغان لا تحمل تغييرًا جوهريًا في موقف تركيا، فمنذ بداية التفاوض وجلسات الحوار بين أنقرة ودمشق، والحديث ثابت عن عدم الانسحاب من سوريا، حتى خلال الانتخابات التركية وترويج المعارضة بالانسحاب وإعادة اللاجئين وتطبيع العلاقات.وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك“، خلال اللقاءات المتتابعة بين القيادات السورية والتركية والتي عقدت في موسكو، أكدت دمشق أنها لن تقبل دعوة التطبيع قبل الانسحاب الكامل من أراضيها، فيما رفضت أنقرة هذه الأحاديث طالما أمنها لا يزال في خطر، وقوى الإرهاب التي تعمل ضدها ما زالت تعمل.

وقال إن القضية ليست وليدة اليوم، وتصريحات أردوغان لم تقدم أي جديد، فيما لا بد من التركيز على تصريحات الرئيس بشار الأسد حول إمكانية التفاوض على التطبيع مقابل جدولة عملية الانسحاب التركي من سوريا، وبذلك يكون انتهى شرط الانسحاب الفوري من أجل التطبيع، ولم يعد شرطًا جوهريًا وأساسيًا لإعادة العلاقات.
ويرى سعدون أن دمشق بحاجة إلى الانفتاح على دول الجوار بعد إعادة العلاقات مع الدول العربية – والتي كانت شكلية سياسيا واقتصاديا- حيث تحتاج سوريا لأن تكون علاقاتها طبيعية مع أنقرة للتخلص من الدعم التركي للمعارضة السورية، وهو ما لم يمكن تحقيقه دون تحقق مصالح وشروط أنقرة.
وقال إن التساؤل المطروح الآن يدور حول إمكانية قبول سوريا بالشروط التركية لإعادة العلاقات، حيث تطرح أنقرة فكرة الاستقرار السياسي وأن يكون هناك انتخابات وحكومة جديدة وحل على أساس القرار الدولي رقم 2254، وكذلك إعادة 4 ملايين لاجئ إلى سوريا، وهو ما لا يمكن أن تتحمله هذه المدن المدمرة، أو الاقتصاد المنهار.
وأوضح أن أردوغان يطمع من هذه العودة في المسائل الاقتصادية، لا سيما فتح طرق التجارة بين بلاده والأردن ودول الخليج العربي عبر سوريا، وكذلك تدعي تركيا بأن أمنها القومي في خطر ومصدره حزب العمال الكردستاني وقوات قسد، وكلها أمور لا يمكن التنازل عنها وستصر عليها في أي جولة حوارات مقبلة.
يبقى التساؤل هل تقبل سوريا بهذه الشروط وهل تقبل أنقرة بالتطبيع وسط واقع قوات قسد التي تسيطر على ثلث مساحة سوريا، الإجابة تقول إن الطرفين ولو كانا يرغبان في التطبيع وبدء المفاوضات هناك إشكاليات دولية أكبر من هذه الرغبة، ولا يمكن تذليلها بدون سوريا وأمريكا والعراق وإيران ودول الخليج، هذه العراقيل أكبر من إمكانيات سوريا وتركيا لحلها.

شرط سوري

اعتبر غسان يوسف، المحلل السياسي السوري، أن لا أحد يتوقع انسحاب تركيا من الأراضي السورية، حيث يعتقدون أن لأنقرة أطماع في دمشق، وهي دخلت إلى سوريا ليست فقط كما تقول لمحاربة حزب العمال الكردستاني، بل لأطماع جيو سياسية.وبحسب حديثه، تعتبر تركيا بأن الأراضي التي احتلتها تركيا، خاصة شمال اللاذقية وإدلب وحلب والرقة والحسكة، وكذلك في شمال العراق كركوك وأربيل والسلمانية، حيث تضع ذريعتها محاربة حزب العمال الكردستاني، ولا يمكن لأحد توقع انسحاب أردوغان من هذه الأراضي.وأوضح أن حديث أردوغان يؤكد الأطماع التركية في سوريا، وعدم نيته الانسحاب، إلا وكان قد اتفق مع الدولة السورية على تفكيك المجموعات الإرهابية المصنفة دوليًا، وترحيل المقاتلين الأجانب والانسحاب من هذه المناطق، ومن ثم محاربة حزب العمال الكردستاني، لكنه لم يقدم على أي خطوة حتى الآن، ولم ينفذ اتفاق سوتشي لعام 2019، وغيره من الاتفاقيات ذات الصلة.وفيما يتعلق بترحيب أردوغان بلقاء الأسد، قال إن لم يكن هناك خطوات جدية وآليات وخارطة طريق واضحة للانسحاب التركي من سوريا ومحاربة الإرهاب وإعادة اللاجئين لن يكون هناك لقاء قريب، مشيرًا إلى أن الرئيس التركي تحدث عن عدم ترحيل اللاجئين بشكل قسري فيما يقوم الآن بنقلهم إلى الحدود السورية بالقوة بعد اعتقالهم.

وشدد يوسف على أن الرئيس التركي بات شخصًا غير موثوق فيه، ويمكنه الانقلاب في أي لحظة على كل ما يعد به، حيث أنه لم يلتزم طول السنوات الأخيرة بأي تعهدات أو اتفاقات قام بعقدها في هذا الصدد.يذكر أن العاصمة الكازاخستانية استضافت، يومي 20 و21 يونيو/ حزيران الماضي، الجولة العشرين من محادثات “أستانا” بشأن التسوية السورية، بمشاركة ممثلين عن روسيا وتركيا وإيران والحكومة السورية والمعارضة، وكذلك المبعوث الخاص للأمم المتحدة، غير بيدرسن، كما تضمن جدول الأعمال مناقشة قضايا مكافحة الإرهاب والوضع الإنساني ومشكلة عودة اللاجئين.يذكر أن الرئيس السوري، بشار الأسد، سبق وأكد في مقابلة مع وكالة “سبوتنيك”، في مارس/ آذار الماضي، أن إمكانية عقد لقاء مع نظيره التركي مرتبطة بخروج تركيا من الأراضي السورية، ووقف دعمها للإرهاب، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء الحرب في سوريا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى