السياسة

“الإمارات وتركيا”… هل تجاوز الجانبان خلافات الماضي؟

مرحلة جديدة في العلاقات بين الإمارات وتركيا تم تدشينها على لسان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عقب لقاء مستشار الأمن القومي الإماراتي، طحنون بن زايد آل نهيان، في أنقرة، حيث تعد تلك التصريحات تحولا كبيرا في توجهات الجانبين نحو قضايا المنطقة.

ما سر التحولات والتغييرات في توجهات كل من أبو ظبي وأنقرة.. وتأثيرها على باقي ملفات المنطقة؟

بداية يقول الأكاديمي الإماراتي، الدكتور عبد الرحمن الطريفي: “في رأيي أن الإمارات وتركيا تسيران في المسار الصحيح، فلابد أن يكون هناك نوعا من التوازن لأن الخطر الإيراني يداهم في منطقة مجلس التعاون الخليجي، لذا فمن الضروري أن يكون هناك تنسيق وتعاون فيما بين تركيا والإمارات والسعودية وقطر والبحرين”.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “تركيا الآن لديها استثمارات كبيرة في المنطقة، في نفس الوقت تبحث الإمارات عن استثمارات جديدة بعد أن بدأت في التعافي من كورونا، بدأت بحالة من الزخم في جذب الاستثمارات العالمية، وتركيا في الوقت الراهن من الدول المتقدمة والمتطورة، وهى أيضا بوابة أوروبا ولها استثمارات وعلاقات قوية مع ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول الغرب، كل تلك المناطق جاذبة للاستثمار”.

وتابع الطريفي: “عندما انخفضت أسعار النفط، بدأت الإمارات تبحث عن موارد جديدة لتنويع مصادر الدخل، ووصل حجم الاستثمارات والسيولة في أبو ظبي وحدها إلى أرقام ضخمة، برأيي الآن الإمارات تسير بالطريق الصحيح في كل مناحي الحياة والاستثمارات، وقد اتخذت العديد من التسهيلات والإجراءات لجذب الاستثمار الأجنبي، من بينها الإقامات الذهبية التي منحت للرواد في المجالات المختلفة، كما أن عملية التملك للشركات الأجنبية داخل الإمارات وصلت إلى مائة بالمئة، الأمر الذي شكل عامل جذب آخر للاستثمارات”.

وأشار الأكاديمي الإماراتي إلى أن: “الاقتصاد ومنذ فترة طويلة بالإضافة إلى السياسة والقوة العسكرية هى محركات جيدة، لكن تحول الاقتصاد الآن إلى عصب الحياة، لذا يجب أن تستفيد المنطقة العربية من عملية التكامل الاقتصادي الذي نسعى إليه جميعا، حيث أن ذهاب الإمارات والسعودية باستثمارات كبيرة في مصر هى مطلب للجميع، والآن ذهاب الإمارات والسعودية إلى تركيا هو في صالح الدول الثلاث وشعوبها، ولا ننسى أن تركيا دولة قوية اقتصاديا وعسكريا ولديها تعداد سكاني كبير، فهى يمكن أن تشكل عامل استقرار في المنطقة”.

تطورات إيجابية

وعلى الجانب الآخر يرى المحلل السياسي التركي، دانيال عبد الفتاح، أن تركيا دائما تتحدث عن أنها تبحث عن وسائل وطرق لإعادة العلاقات مع الإمارات، وذكر ذلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية جاويش أوغلو بأن هناك مساعي لإعادة العلاقات بين البلدين إلى نصابها، كما كانت هناك تصريحات من أنقرة تتحدث عن المصالح الاقتصادية وأنها لن تبعد كثيرا عن دول الخليج، وكانت العلاقة بين الجانبين قد بدأت بالتحسن بين أنقرة والرياض، بعد التصريحات التي أدلى بها الناطق الرسمي باسم الرئيس التركي والتي أعلن فيها اعتراف تركيا بالمحكمة التي شكلتها الرياض لقتلة الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

وأضاف لـ”سبوتنيك”: “كل هذا يأتي ضمن التطورات الإيجابية على الأرض، لكن عودة العلاقة مع الإمارات كانت هى الأصعب في مسار العلاقات الخليجية مع تركيا، والآن التوجه من جانب أنقرة نحو إعادة العلاقات الاقتصادية والبدء في مشاريع ذات فائدة على الطرفين، ومن الناحية الاستراتيجية شعرت تركيا بأن هناك نوع من التباعد في وجهات النظر بين أبو ظبي والرياض”.

وتابع: لا حظت أيضا أن هناك مشكلة في العمل على مشاريع اقتصادية تتبناها السعودية وتبعد الأنظار والمستثمرين عن العمل مع الإمارات، لذا تريد تركيا أن تلعب على الحبلين الإماراتي من جهة والسعودي من الجهة الأخرى، لكي يتحقق التوازن المطلوب ولكي تكسر أنقرة العزلة عن نفسها بعدما وقع ما تسميه أنقرة “الانقلاب العسكري” الذي وقع في القاهرة في العام 2013.

الإمارات وإسرائيل

واعتبر عبد الفتاح أن، عودة كل تلك العلاقات مرتبط بالتقارب بين الإمارات وإسرائيل وما حدث من تطبيع، هذا كله كان ضمن برنامج وخطة عمل نفذتها أنقرة مع واشنطن بالتعاون مع تل أبيب لإعادة التوازن في العلاقات وكسر العزلة عن أنقرة بمساعدة إسرائيل.

وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني مع وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال التوقيع على اتفاق السلام في البيت الأبيض

وأشار إلى أن: “تلك الأمور مرتبطة بالرؤية الأمريكية، فعندما قرر بايدن أن تكون لأنقرة عودة إلى العلاقات الطبيعية في المنطقة، كانت قبلها تحت المظلة الأمريكية الإسرائيلية، هذا الذي اكتشفه الجانب التركي، الذي علم أن العلاقات ربما ستكون في هذا الإطار، وما طرح في عدة مؤتمرات واللقاءات بين بايدن وبوتين وأردوغان، كانت التلميحات بأن العلاقة يمكن أن تعود ولكن وفق المصالح المشتركة، بالإضافة إلى الدور الجديد الذي ستلعبه أنقرة في مجريات الأحداث”. 

وأوضح المحلل السياسي، أن التطورات في أفغانستان والملف الأفريقي والعلاقة التركية مع قبرص والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى مجمل العمل في آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز، في كل ما سبق نجد أن هناك أدوار وتأثير لتركيا، هذا بالإضافة إلى العراق وإيران وسوريا وليبيا ولبنان، لذا نجد أن هناك عمليات إعادة تموضع وفق مصالح دولية مشتركة.

وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان عقب اجتماع بأنقرة مع مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد آل نهيان إن تركيا والإمارات حققتا تقدما في علاقاتهما.

وأكد وجود اتصالات استخبارية بين أنقرة وأبو ظبي، وأن الإمارات ستوسع استثماراتها في تركيا.

يذكر أن العلاقات بين تركيا والإمارات وصلت العام الماضي إلى حد التهديد بسحب السفير التركي من أبو ظبي أو تعليق العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، ردا على اتفاق السلام الذي وقعته الإمارات مع إسرائيل.

وأضاف أردوغان في تصريحات للصحفيين، عقب صلاة الجمعة العام الماضي: “طلبنا من وزير خارجيتنا بحث تعليق العلاقات الدبلوماسية مع أبو ظبي أو حتى سحب السفير التركي، لأننا نقف مع الشعب الفلسطيني ولا يمكننا التخلي عن فلسطين”، لأنه “من غير الممكن تقبل الاتفاق بين إسرائيل والإمارات”، حسب قوله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى