مقالات

الهجمة الأمريكية على فنزويلا ليست حبّا بالشعب الفنزويلي، وليست دعما للديموقراطية .. بقلم : د. كاظم ناصر

أمريكا دولة إمبرياليّة استعماريّة لا أخلاق لها، فقدت مصداقيّتها، وكشّرت عن انيابها تحت إدارة رئيسها العنصري دونالد ترامب الذي لا يؤمن إلا بالمال وابتزاز دول العالم، وتحوّلت من دولة كانت في يوم من الأيام تدافع عن الديموقراطية وحقوق الإنسان، إلى دولة تدعم الأنظمة الديكتاتورية الأكثر فسادا وتسلّطا في العالم، وتنتقي من تتآمر عليهم وتناصبهم العداء دفاعا عن مصالحها، وليس دفاعا عن الديموقراطية والعدالة وحقوق الإنسان كما تدّعي زورا وبهتانا.

د. كاظم ناصر
د. كاظم ناصر

أمريكا حاولت أن تهيمن على دول أمريكا الجنوبية فحاصرت كوبا وحاولت تجويع شعبها خلال الستين عاما الماضية، وتآمرت على تشيلي والأرجنتين ونيكاراغوا، والغت اتفاقية نافتا مع المكسيك وكندا بحجة أن تلك المعاهدة لا تخدم مصالحها الاقتصادية، وتنتهج سياسة عنصرية لا أخلاقية ضد المهاجرين من المكسيك ودول أمريكا اللاتينية الأخرى، والآن تحاصر فنزويلا وتتآمر على حكومتها وشعبها بحجة ان النظام الفنزويلي اشتراكي ديكتاتوري يصادر الحريّات العامة، وتنسى أنها تدعم وتحمي أنظمة دكتاتورية فاسدة تحرم مواطنيها من أبسط حقوقهم، وتتحالف معها وتتغاضى عن جرائمها بسجن وقتل مواطنيها المطالبين بالديموقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية.

الهجمة الأمريكية على فنزويلا ليست حبّا بالشعب الفنزويلي، وليست دعما للديموقراطية في ذلك البلد؛ الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو خاض الانتخابات الرئاسيّة وحصل على68% من أصوات الناخبين، وأعيد انتخابه رئيسا للدولة بطريقة ديموقراطية؛ لكن أمريكا زعمت ان الانتخابات ” غير شرعية ” و” مهزلة “، وفرضت عقوبات اقتصاديّة قاسية على فنزويلا وصفها مادورو” بعملياّت نهب واحتيال هدفها إلحاق أكبر ضرر باقتصاد البلاد”، وهدّدت باستخدام الخيار العسكري لإسقاط النظام.

فنزويلا تملك أكبر احتياطي نفطي في العالم، 298 مليار برميل، أو ما يعادل 24.8 % من مخزون النفط العالمي، إي إنها واقعة على بحر من النفط؛ ولهذا فإن أمريكا افتعلت الأزمة الحالية معها لتحقيق أهداف تخدم المصالح الأمريكية من أهمها:

أولا: أمريكا تريد اسقاط نظام مادورو المعادي لها واستبداله بنظام عميل يأتمر بأمرها برئاسة خوان غوايدو رئيس البرلمان، الذي زار واشنطن في منتصف شهر ديسمبر الماضي للتخطيط لمحاولة الانقلاب، وعيّن نفسه رئيسا للدولة واعترفت واشنطن به بعد دقائق من الإعلان.

ثانيا: تخفيض أسعار النفط؛ ترامب يخطط لتخفيض سعر برميل النفط إلى أقل من 30 دولار، ويعتقد ان ذلك سيحدث نتيجة لإسقاط النظام ورفع العقوبات عن فنزويلا؛ الدولة الفنزويلية غارقة في الديون ولهذا فإنها ستضطر لمضاعفة انتاجها الحالي 1.4 مليون برميل، وتحاول بيع كميات كبيرة من النفط في الأسواق العالمية لحل مشاكلها الاقتصادية مما سيؤدي إلى انهيار الأسعار.

ثالثا: إن انهيار أسعار النفط يدعم الانتعاش الاقتصادي الأمريكي، وقد يساعد ترامب في محاولته للفوز بولاية رئاسية ثانية في انتخابات 2020.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل ستتمكّن إدارة ترامب من تغيير النظام السياسي الفنزويلي؟ التطورات المتلاحقة تشير إلى أن المؤامرة الأمريكية ستفشل، وإن النظام الفنزويلي سيصمد ويجتاز هذه الأزمة لأنه يحظى بدعم شعبي قوي، ولأن أمريكا لم تتمكّن من إقناع حلفائها الغربيين في باتخاذ قرار حازم ضدّ مادورو، وفشلت في نقل مساعداتها الغذائية من كولومبيا المجاورة إلى الداخل الفنزويلي في الوقت الذي بدأت فيه روسيا والصين وتركيا بشحن مئات الأطنان من المساعدات الغذائية وغيرها لدعم النظام، ولأنها، أي أمريكا، أخفقت في إحداث انشقاق في الجيش الفنزويلي الذي ما زال متماسكا ومؤيدا للرئيس مادورو وحكومته، ومن المستبعد أن تتدخل عسكريا لأن ترامب يواجه مشاكل في الداخل لا تسمح له بالقيام بمغامرة خطيرة كهذه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى