مقالات

الشعب الفلسطيني بين الفساد الفتحاوي وفقه الكذب الحمساوي – بقلم : د. كاظم ناصر

أكثر من عشرين عاما مرت على قيام السلطة الفلسطينية ، وعشر سنوات على انتصار حماس في الانتخابات التشريعية وتأسيس المجلس الوطني المعطل الذي لم يجتمع منذ انتخابه سوى بضع مرات ولم يحقق شيئا ، وتسع سنوات من سيطرة حماس بالسلاح على قطاع غزة ، وما زالت فلسطين المنكوبة بقياداتها الفلسطينية ، وبدولة الاحتلال الصهيوني ، تعاني من الخلافات الجنونية بين فتح وحماس ومن يتبعهما من الفصائل الأخرى .

 الدولة المزعومة ، أو ما يسمى بالسلطة الوطنية الفلسطينية التي لا سلطة لها ، و التي اوجدتها اتفاقات اوسلو، و تسيطر عليها مجموعة من الفاسدين والمفسدين الفتحاويين الذين ما زالوا يتحكمون بمصير شعبنا منذ عقود ، ودولة حماس التي تخفي كل أكاذيبها ، وعوراتها ، وأهدافها تحت عباءة الدين ، والتي يقودها مجموعة من المستشيخين الذين يستغلون العاطفة الدينية عند البسطاء ويستخدمون بيوت الله لالقاء خطب الجمعة الرنانة المسيسة للكذب على الناس و تضليلهم .

 الواضح الآن أن جهود ونجاحات حماس حققت لشعبنا المعجزات ! حيث اصبحنا نعيش في دولتين واحده مقدسة ، والأخرى كافرة ولنا وزارتين ، وقوتين أمنيتين ، وأقتصادين ، وشعبين ضفاوي وغزاوي ، ودينين ، دين فتحاوي ودين حمساوي وكل دين له شيوخه ومنظريه ، وتعليمين جامعيين في غزة ، الجامعة الاسلامية التي تديرها حماس وتفرض فيها الزي الحمساوي الاسلامي وتمنع الاختلاط بين الطلاب والطالبات ، وجامعة القدس الكافرة التي تديرها فتح .وعلى الرغم من كل هذه المآسي فان قادة الفصائل المتناحرة ما زالو يستخفون بعقولنا ويقولون لنا كل هذا حدث من أجل التحرير واستمرار المقاومة ، وأنه أدى ألى أنتصارات عظيمة لم تحرر شبرا واحدا من أرض فلسطين ، ولكنها أطالت عمر مفاوضات أوسلو العقيمه التي لم تحقق شيئا لشعبنا ، وزادت معاناته ، وأضعفته ، اقتصاديا و سياسيا .الشعب الفلسطيني المنتفض ضد الاحتلال يقول بأعلى صوته للطرفين كفاكم كذبا ، لقد فقدتم مصداقيتكم ولا يمكننا الثقة بكم مرة أخرى.

الشعب الفلسطيني العظيم أذكى وأكثر ثقافه ووعيا من الذين يحالون خداعه ، ويستهترون بمصيره و مصالحه . لقد كفر بهم جميعا وانه جاهز للذهاب الى صناديق الأقتراع للتخلص منهم ان شاء الله ، وانتخاب شخصيات فلسطينيه تضع المصلحة العليا للشعب الفلسطيني فوق كل اعتبارات حزبيه .

ان شعارات المقاومة التي تستخدمها قيادات فتح وحماس المقصود منها المحاصصة و تقسيم المنافع بين القبائل المتناحرة ولاتخدم طموحات وأهداف الشعب الفلسطيني .مقاومة أي شعب محتل كشعبنا تتطلب أولا وحدة وطنية ، وقيادة موحدة تعمل لتحقيق أهداف واضحة ، وتوظف قدرات سياسية وثقافية مميزة للتعامل مع العالم. المقاومة ليست فقط بالبندقية: العصيان المدني ، وتشكيل لجان في كل قرية ومدينة لمقاومة الاستيطان ، واصلاح التعليم وتوفيره للحميع ، وايجاد فرص عمل للناس ، ودعمهم للصمود في الأرض ، ومساعدة العوائل المحتاجة ، وتطوير البنية التحتية ، وتطوير النظام الصحي ، والاداري ، وزراعة الأرض وتشجيرها لحمايتها من الاستيطان ، وتطوير الصناعات الناشئة ، وحماية الاثار والتراث الوطني ، والتوسع في العلوم والاداب والفنون ، والتواصل مع الموسسات والمنظمات العالمية الداعمة لحقوقنا ، ونشر الوعي وتعزبز الثقافة الوطنية والفكر الديموقراطي، وتفعيل دور الأحزاب السياسية ، وتشجيع كل فلسطيني يعيش خارج الوطن للعودة اذا كان قادرا على ذلك ، وعدم السماح للشباب بمغادرة الوطن الا للعلاج أو الدراسة. كل ما سبق ذكره هو بعض أنواع المقاومة الضرورية للخلاص من الاحتلال.أما الذين يطبلون ويزمرون لنوع واحد من المقاومة لأنها تخدم مصالحهم الآنية أكثر من غيرها ، ويتجاهلون أنواع المقاومة الأخرى ، فانهم ببساطة يحاولون خداع شعبنا لتمرير أهدافهم الحزبية الضيقة .

 كل الشعب الفلسطيني يجب أن يشارك في انتفاضة شاملة منظمة لا تسمح لا لحملس ولا لفتح التحكم بها أو السيطرة عليها. مقاومة الاحتلال حق مشروع للفلسطيني تجيزه القوانيين الدولية ، وتباركه كل المعايير الأخلاقية ، و يدعمه الأحرار في شتى انحاء العالم . لقد قاوم الشعب الفلسطيني وما زال وسيظل يقاوم بكل الوسائل المتاحة له حتى يتمكن من الحصول على حقوقه . ونحن كفلسطينين نحيي كل الشهداء الأبرار الذين جادوا بأرواحهم فداء للوطن ، ونقول لهم كما أكرمكم الله بالشهاده ، فأن شعبنا سيكرمكم بتخليد ذكراكم و تضحياتكم الى الأبد.أنتم أيها الأبرار لم تستشهدوا من أجل مصالح حزبية أو فصائلية ، لأن ايمانكم بفلسطين أكبر من ذلك .

 ان عقولكم وأرواحكم الطاهرة لا تؤمن بالمناصب و ترفض تقسيم الوطن ، ولا تعرف معنى الحزبيه والاقصاء ، ولا تفهم معنى الاقتتال والشقاق ، ولاتؤمن بالمناصب والمنافع ، وتترفع عن الخلافات الشخصيه لأنها ترى أن العدو الصهيوني واحد ، وهدفه هو سحق كل فلسطيني دون أي اعتبار لانتمائه السياسي ، أوالديني أو الحزبي ، أو الجهوي ، أو العائلي . ألعدو يريد الخلاص من الكل الفلسطيني وليس من فصيل أو قبيلة أو جهة ، ولهذا وبسبب تفككنا وخلافاتنا واقتتالنا على المناصب ، وعدم وحدة قررانا السياسي ، فأن هذا العدو أمعن في هجومه الشرس علينا ، فزادت غطرسته ، واستيطانه ، وسرقته لأرضنا و ظلمه لنا .

 لقد أطلق قطعان المستوطنين المجرمين ليعيثوا في أرض فلسطين ظلما ونهبا وفسادا وارهابا، و نحن مشغولون بخلافاتنا ، ومناكفاتنا ، وسوء نوايانا ، و اقصائنا لكل من لا يتفق معنا متناسين أن فلسطين هي أرض كل فلسطيني ، مها كان لونه السياسي ، أو عقيدته ، أو مذهبه الفكري أو الديني . لقد اعطانا الله هذه الأرض ، أرض الأنبياء ، وأمرنا بحمايتها ، وجعلها وطن حب و كرامه للجميع . انني لا أفهم على ماذا نختلف ونحن نرى أن الوزير في حكومة السلطة يقف أمام الجندي الاسرائيلي ذليلا لا حول له ولا قوة ، يأمره فيطيع أوامره ، ويهينه باغلاق الحواجز في وجهه ويمنعه من التنقل بين مدينة واخرى ، أو قرية وأخرى ، ونحن لم نتفق خلال عشر سنوات على فتح معبر رفح ، المنفذ الوحيد لأبناء شعبنا الأسير في غزة .

 توسط العالم كله بين حماس وفتح لفتحه دون نتيجة . تضحيات الشعب الفلسطيني العظيم بكل مكوناته هي التي مهدت الطريق لفتح لتعود الى أرض الوطن . ارتكبت فتح أخطاء كثيرة من ضمنها فساد الكثير من قادتها، وفشلها في دمقرطة المجتمع الفلسطيني ، والاستفراد بالقرار السياسي ، والهيمنة على الوظائف باعطاء الأولوية لكوادرها الغير مؤهلة والشبه أمية.ونتيجة لهذه التجاوزات وغيرها ، عاقب الشعب الفلسطيني فتح في الانتخابات النيابية بانجاح حماس .

  لكن وللأسف الشديد فان حماس لم تتعلم من تجربة فتح الفاشلة ، وعندما شكلت حكومتها الأولى و فشلت في التعامل مع العالم ، و بدأ الشعب الفلسطيني يتذمر من ممارساتها القائمه على المحسوبيه ، والحزبية ، والتسلط ، والاقصاء. وعندما شعرت حماس بالخطر وانها قد تفقد هيمنتها السياسية في أي وقت ، انقضت على السلطة وانتزعتها من فتح بقوة السلاح ، وشقت الصف الفلسطيني ، وأقامت دولة اخونجية ظلامية تتعارض تماما مع التسامح الديني والسياسي ألذي مارسه الشعب الفلسطيني طيلة تاريخه.

 حماس التي وصلت الى السلطة عن طريق الديموقراطية وكان متوقعا أن تحكم الكل الفلسطيني بطريقة ديموقراطيه تضع مصلحه الوطن أولا، و تعمل من أجل مصالح كل فئات الشعب الفلسطيني بغض النظر عن انتماآتهم السياسية والحزبية ، بررت تصرفها هذا بفساد فتح لكنها استخدمت هذه الحقيقيه كخدعة للوصول الي الحكم .

 و الآن و بعد تسع سنوات من سيطرة حماس على غزة فقد شعبنا هناك كل شيء . لقد ساءت أوضاعه السياسية و الاقتصادية ، و الاجتماعية ، و الصحية ، والتعليمية وفصلت غزة عن باقي فلسطين والعالم ، وما زالت حماس تصرعلى المحاصصه والتوافق محاولة بذلك كسب الوقت لتصورها بأن الحركات الاسلامية الأخرى و بالذات اخوان مصر سيعودون الى الحكم و ينقذوها من الورطة التي وضعت نفسها وأهل غزة فيها . الشعب الفلسطيني العظيم بحاجة ماسة الى الذهاب الى صناديق الاقتراع لانتخابات رئاسية وتشريعية تنهي هذه المرحلة المأساوية من تاريخه وتمهد لاقامة سلطة ديموقراطية بقيادات جديده تنير لشعبنا الطريق .

  قيادات تؤمن بالتداول السلمي للسلطه ، وتنظم و تحدد اساليب المقاومه السلميه و غير السلميه ، و ترفض الاكاذيب السياسية، و تقف ضد استغلال الدين في السياسة ، وضد المحاصصة والمحازبة ، و تحارب الفساد ، وتعمل من أجل الكل الفلسطيني ، ولا تحتكر المناصب والقرار السياسي ، و تستطيع قراءة الوضع الدولي قراءه صحيحه و تعرف كيف تتعامل معه لتحقيق أهدافها .لقد سئم شعبنا من صراعات الفصائل و تمرسها في الكذب و الخداع ومن فشلها الذريع في التعامل مع قضايانا المصيرية وفي مقدمتها الاحتلال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى