عاجل

في سوريا .. رحلة بالحافلة تظهر تغير خريطة الحرب

تزيد خدمة جديدة للحافلات تربط شمال شرق سوريا الذي يسيطر عليه الأكراد بغربها الذي تديره الحكومة آمال استئناف التجارة بين جزأين طال البعاد بينهما في بلد ممزق.

وكانت خدمة من هذا القبيل أمرا غير وارد قبل طرد تنظيم الدولة الإسلامية من المنطقة.

وتأمل السلطات التي يقودها الأكراد أن ينهي الممر الجديد العزلة الاقتصادية لمنطقتهم التي يقع على حدودها الحالية أطراف معادية. وبالنسبة لدمشق يبقي الممر على احتمال الحصول على الوقود والطعام من الشمال الشرقي الغني بالموارد.

وتمر الخدمة من القامشلي التي يسيطر عليها الأكراد إلى مدينة حلب عبر أراض انتزعت القوات الحكومية السورية السيطرة عليها من تنظيم الدولة الإسلامية في فبراير شباط بدعم من روسيا. وحتى ذلك الحين كان عدد قليل ممن يتسمون بالجرأة والجسارة يقومون برحلة تتطلب عبور مناطق تسيطر عليها الدولة الإسلامية وجماعات معارضة متنافسة.

وقال أحمد أبو عبود رئيس مكتب القامشلي بشركة الحافلات التي بدأت عملها في أواخر أبريل نيسان “لم يكن هناك ركاب قبل ذلك..عدد قليل للغاية بسبب الأوضاع الأمنية”.

ويزداد الطلب باطراد منذ تشغيل أول الحافلات الفاخرة البيضاء المكيفة الهواء. وأبلغ عبود رويترز في القامشلي أن الرحلات الأسبوعية زادت من اثنتين إلى ثلاث.

وقال مسؤول كردي إن الطريق يستخدم حتى الآن في السفر فقط وليس في التجارة.

وخدمة الحافلات هي نتاج لأحد أهم التحولات في خريطة الصراع السوري في الآونة الأخيرة مع ربط المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية وتلك الخاضعة لهيمنة الفصائل المسلحة المتحالفة مع الأكراد قرب مدينة منبج.

عداء تاريخي

تشير الخدمة إلى التغير في العلاقات بين حكومة دمشق والسلطات الكردية التي بسطت سيطرتها على مساحات واسعة من شمال البلاد منذ بدء الحرب في 2011.

وعلى الرغم من العداء التاريخي فإن أكراد سوريا والحكومة نادرا ما دخلوا في اشتباكات. كما وجدوا أنفسهم يقاتلون نفس الخصوم في الحرب الأهلية في مناطق تتلاقى فيها مصالحهم العسكرية. ومن الخصوم المشتركين جماعات معارضة تدعمها تركيا.

ويقول منتقدون إن وحدات حماية الشعب الكردية، الفصيل المسلح الرئيسي لأكراد سوريا، تعاونت مع القوات الحكومية. وتنفي الوحدات ذلك.

ويمر الطريق الذي تم فتحه حديثا غربا من القامشلي مارا بقطاع من الأرض تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف من فصائل مسلحة تهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردية. وجرى انتزاع السيطرة على أغلب المناطق التي تهيمن عليها قوات سوريا الديمقراطية من الدولة الإسلامية بدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وتلتقي المنطقة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية مع المناطق التابعة للحكومة السورية وحلفائها عند منطقة تقع إلى الجنوب من منبج.

وقال أبو عبود “سمعنا عن الطريق في وسائل الإعلام وبعد ذلك علمنا أنه افتتح. نحن على اتصال بالأطراف المعنية ولدينا اتصالات بجميع الأطراف..النظام والإدارة شبه المستقلة”.

وأضاف “الجانبان سهلا الأمر”.

وقال عبد الكريم صاروخان رئيس الإدارة التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا إن طريق الحافلات مبادرة خاصة ولا ترعاه الإدارة التي يدير شؤونها من مدينة عامودا على بعد 30 كيلومترا من القامشلي.

وأضاف متحدثا إلى رويترز أن الطريق لم يُستخدم بعد للتجارة. وكان صاروخان عبر في مقابلة مع رويترز في مارس آذار عن أمله في أن ينهي الطريق “الحصار” الاقتصادي المفروض على المنطقة التي تحدها تركيا من الشمال وإدارة كردستان العراق من الشرق، وكلاهما معاد للإدارة الكردية في شمال سوريا.

ولم يتسن الحصول على تعليق من مسؤولي الحكومة السورية. بيد أن مسؤولا في دمشق قال إن خدمة الحافلات أمر إيجابي وأشار إلى أنه نال موافقة الحكومة.

وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه “أي تحرك يساعد على الاتصال الجغرافي بين المناطق السورية بمعرفة الدولة السورية يعتبر شيئا مفيدا وجيدا”.

ولمح الجانبان في الآونة الأخيرة إلى استعداهما للتوصل إلى تسوية سياسية. وتقول وحدات حماية الشعب الكردية إنها “لن تكون لديها مشكلة” مع الحكومة عند حصول الأكراد على حقوقهم وعبر وزير الخارجية السوري عن ثقته في إمكان التوصل إلى “تفاهم”.

وسمحت وحدات حماية الشعب الكردية للحكومة السورية بمواصلة السيطرة على جيوب من الأرض في الشمال الشرقي ومنها مطار القامشلي الذي تنطلق منه رحلات إلى دمشق.

في الوقت نفسه سمحت الحكومة لوحدات حماية الشعب الكردية بالاحتفاظ بالسيطرة على منطقة كردية في مدينة حلب.

لكن الشكوك لا تزال قائمة. ويروج كل جانب لرؤى متضاربة لمستقبل سوريا. فالجماعات الكردية وحلفاؤها في الشمال يريدون الاحتفاظ بالحكم الذاتي في أي اتفاق سلام ويدعون إلى نموذج اتحادي لسوريا.

أما الأسد، الذي يسيطر على مساحات واسعة من غرب سوريا، فقال مرارا إنه يريد إعادة جميع أنحاء البلاد إلى سيطرة الحكومة ورفض العام الماضي مجالس الحكم المحلي التي تأسست في المناطق الكردية ووصفها بأنه “هياكل مؤقتة”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى