عاجل

برلمان لبنان ينتخب قائد الجيش السابق العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية

انتخب مجلس النواب اللبناني قائد الجيش السابق العماد ميشال عون رئيسا للبلاد منهيا 29 شهرا من الفراغ الرئاسي. والانتخاب جزء من صفقة سياسية أكدت على الدور المسيطر لحلفائه جماعة حزب الله الشيعية.

ومن المتوقع أن يصبح الزعيم السني سعد الحريري رئيسا للوزراء في إطار الصفقة التي سلطت الضوء على تقليص الدور الذي لعبته في السابق المملكة العربية السعودية الداعم الأساسي للحريري.

وأطلقت الألعاب النارية في شتى أنحاء بيروت لدى إعلان حصول عون على عدد كاف من الأصوات في البرلمان. ومنذ انتهاء الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 هذه هي المرة الأولى التي ينتخب فيها واحد من السياسيين الموارنة الأقوياء للموقع المخصص للموارنة في إطار النظام الطائفي في لبنان.

وعون وهو في الثمانينيات من العمر لم يكن لديه أي منافس حقيقي للوصول على هذا المنصب الذي طالما طمح إليه. وكان سليمان فرنجية وهو حليف آخر لحزب الله والمرشح الرسمي الوحيد قد دعا أنصاره إلى الإدلاء بأوراق بيضاء بدلا من التصويت له.

وقد فاز بالانتخابات الرئاسية في الجولة الرابعة بحصوله على تأييد 83 صوتا أي أغلبية أعضاء المجلس المؤلف من 128 مقعدا.

وهنأ رئيس مجلس النواب نبيه بري المعارض لعون بعد انتخابه الرئيس الجديد وقال في كلمة له “اليوم وقد أنجز مجلس النواب اللبناني الاستحقاق الرئاسي بانتخابكم فانه يعهد إليكم باسم الشعب قيادة سفينة الوطن إلى بر الأمان فيما تعصف بنا الأمواج وتتلاطم من حولنا وتهدد بتقسيم المقسم من أقطارنا ومن أقطار جوارنا العربي ودخول المنطقة في حروب استتباع لا تنتهي.”

وقال بري “انتخابكم يجب ان يكون بداية وليس نهاية، وهذا المجلس على استعداد لمد اليد لإعلاء لبنان”.

وتعهد عون في خطاب أداء القسم بان يبقي لبنان بعيدا عن “النيران المشتعلة” في المنطقة في إشارة إلى الصراع الدائر في سوريا حيث يقاتل حزب الله دعما للرئيس بشار الأسد.

وقال “لبنان السائر بين الألغام لا يزال بمنأى عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة ويبقى في طليعة أولوياتنا منع انتقال أي شرارة إليه من هنا ضرورة ابتعاده عن الصراعات الخارجية ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية.”

كما تعهد بمعركة وقائية ضد الارهاب قائلا “سنتعامل مع الإرهاب استباقيا وردعيا وتصديا حتى القضاء عليه”

وقال عون إن أي حل للصراع السوري يجب أن يضمن عودة اللاجئين السوريين في لبنان. ويقول المسؤولون اللبنانيون إن 1.5 مليون لاجئ سوري يعيشون في لبنان.

وأشار إلى أن المخيمات السورية في لبنان يجب ألا تتحول إلى مخابئ للمسلحين.

لكن عون لم يشر إلى بعض أبرز القضايا الخلافية التي تواجه لبنان وهي ترسانة حزب الله وموقف لبنان من الحرب في سوريا حيث كان الموقف الرسمي للحكومة هو “النأي بالنفس”

ووصف عون نفسه “رئيسٌ أتى في زمن عسير ويؤمل منه الكثير في تخطي الصعاب وليس مجرد التآلف والتأقلم معها وفي تأمين استقرار يتوق إليه اللبنانيون كي لا تبقى أقصى أحلامهم حقيبة السفر”

ودعا عون إلى إطلاق خطة اقتصادية “تغير اتجاه المسار الانحداري”.

وبشأن إسرائيل أكد عون “أننا لن نألو جهدا ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أرضنا اللبنانية المحتلة”.

ويعزى تأييد الحريري لعون إلى المأزق المالي. وتضررت مكانة الحريري في لبنان جراء أزمة مالية تواجهها شركته للتطوير العقاري بالسعودية سعودي أوجيه.

ويظهر هذا التأييد أيضا تراجع الدور الذي كانت تلعبه المملكة العربية السعودية الداعم الأساسي للحريري وحلفائه خلال سنوات من الصراع مع حزب الله وحلفائه. وبدلا من ذلك أعطت السعودية الأولوية لمحاربة إيران في الخليج.

ومن المقرر أن يجتمع عون مع النواب في وقت لاحق من هذا الأسبوع لاستشارتهم حول من يقترحون لتولي منصب رئيس الوزراء. ويكلف عون المرشح الذي يحصل على أصوات أكبر عدد من أعضاء البرلمان والذي من المتوقع ان يكون الحريري.

ومع انتخاب عون الشخصية المثيرة للجدل في الخارج كما في لبنان والذي كان قد قاد في السنوات الأخيرة من الحرب اللبنانية واحدة من حكومتين متنافستين يكون قد انتهت أطول مرحلة فراغ رئاسي في تاريخ البلد الذي ليس غريبا على الأزمات السياسية.

واللبنانيون هم بأمس الحاجة إلى حكومة تستطيع التعامل مع المشاكل في الاقتصاد والبنية التحتية والخدمات الأساسية والتي بلغت ذروتها العام الماضي مع أزمة القمامة التي تركت النفايات تتكدس في الشوارع وخلقت أزمة صحية عامة.

وفور وصوله إلى القصر الرئاسي الذي كان قد غادره قبل 26 عاما بضغط من القوات السورية استعرض ثلة من الحرس الجمهوري تزامنا مع رفع العلم اللبناني على سارية القصر وأطلق المدفعية 21 طلقة.

ووقع عون مرسوم استقالة الحكومة وطلب منها الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تشكل حكومة جديدة.

وأعطى دعم حزب الله القوي لعون دفعة حاسمة لوصوله إلى سدة الرئاسة. وكان الحريري قد رشح العام الماضي حليفا آخر لحزب الله وهو سليمان فرنجية لهذا المنصب. ولكن حزب الله ظل متمسكا بعون ومعتبرا انه يشكل “ممرا إلزاميا” لرئاسة الجمهورية.وتلقى عون اتصال تهنئة من امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله.

وهنأ فرنجية عون بانتخابه واعتبر “ان فوزه برئاسة الجمهورية هو فوز للخط السياسي وان التصويت بالورقة البيضاء لم يطلبه أحد مني لكني أخذت هذا القرار لكي أحفظ حلفائي وعدم احراجهم كي لا يتم الانتقام منهم”.

وقال منسق الأمم المتحدة سيجريد كاج لرويترز في البرلمان “نحن نتطلع إلى جميع المؤسسات التي يجري إعادة تنشيطها وإحيائها.. ونبقى العين حريصة على الانتخابات الوطنية التي ينبغي ان تجرى في العام المقبل”

وكان مفاجئا أيضا دعم أحد أبرز أعدائه إبان الحرب الأهلية وهو منافسه المسيحي قائد القوات اللبناني سمير جعجع إضافة إلى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. لكن لا يزال لديه خصوم أقوياء يعارضون انتخابه وفي مقدمتهم بري حليف حزب الله.

وقال بسام الصراف وهو مدقق حسابات يبلغ من العمر 46 متحدثا في ساحة ساسين في منطقة الأشرفية المسيحية في بيروت حيث تم وضع صور ضخة لعون وحمل مؤيدوه أعلاما لبنانية “إن حلمي يتحقق …البلاد تحتاج إلى شخص قوي وليس هناك من احد آخر سوى ميشال عون لهذه المهمة”

لكن سامي عطاالله المدير التنفيذي للمركز اللبناني للدراسات السياسية قال إن “مأساة الوضع عندما نختلف نذهب إلى الشلل. وبعد ذلك عندما يتفقون نذهب إلى موضة التواطؤ. ولكن في معظم الحالات يكون هذا على حساب المواطنين وهذا هو الفخ الذي نعيش به”

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى