مقالات

اخلق معي حوارا .. فربما لست بخير – آية الشافعي

انتشرت هذه الجملة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة ، بل و أصبحت تعبيرا فكاهيا يطلق في العديد من المواقف و التعليقات ، ” اخلق معي حوارا .. فربما لست بخير ” بالتمعن في هذه الجملة نجدها مشكلة و حل و نتيجة في آن واحد ، فهي تركز على الحوار أو بالأحرى ثقافة الحوار. لطالما كان الحوار ضرورة حتمية فرضتها طبيعتنا البشرية منذ خلق الخليقة و أصبحت تفرضه كل الظروف الحياتية الراهنة .
 فهو مطلوب في الأسرة و العمل وحتي بين الحكومة و شعبها ، ولا أقصد هنا الحوار في المطلق فالحوار لا يكن حوارا حقيقيا في حد ذاته دون الامتثال إلى بعض الأساسيات المهمة ، و يعد الاستماع الجيد أساس الحوار الذي يجعله فعالا و مثمرا ، و يجب أيضا أن يتمتع الحوار بالمصداقية و سعة الأفق و تقبل الرأي الآخر مهما كان مختلفا ، إننا نتعرض اليوم للكثير من المشكلات بسبب افتقادنا لمثل هذا النوع من الثقافات على كافة المستويات ، فنجد العديد من ظواهر العنف المجتمعي و تفاقم الأزمات في المؤسسات المختلفة و انعدام الثقة في الحكومات و اتساع الفجوة بينها وبين الشعب وكلها مشكلات ناتجة عن ضعف ثقافة الحوار المجتمعي .
يجب أن تتكاتف العديد من الأدوار لترسيخ مفهوم الحوار و اثرائه في المجتمع بداية من الأسرة و تنميتها لتلك الثقافة لدى الطفل فينضج عاقلا متفهما يجيد التحدث و التفاهم من الآخر خارج بيئته ، مرورا بالمؤسسات التعليمية والمقررات الدراسية التي يجب أن ترسخ في سن مبكرة و بأسلوب تراكمي لمثل تلك الثقافة و أيضا التعامل مع الطلاب و المعلمين فيما بينهم ، ومن أهم المؤسسات التي يجب أن تكثف جهودها وسائل الإعلام على اختلافها فهي في الأساس قائمة على الحوار سواء مع القارئ أو المستمع أو المشاهد .
 ومن أهم الأدوار المعنية بتلك الثقافة أيضا الدور السياسي الذي يقسم المجتمع أحيانا بين المؤيد و المعارض فإذا اتسمت الرموز السياسية بنوع من الاحترام لثقافة الحوار و أسسه ساعدت جميع فصائلها على الاندماج و تقبل الآخر و بالتالي النهوض بالمجتمع ، ومن هنا فالحوار أفضل وسيلة لايصال المعلومة الصحيحة من خلال التحاور و خلق جو من الاقناع ، ففي النهاية يولد تبادل الآراء فكرة صحيحة على الأغلب إذا كان الحوار مستندًا إلى قاعدة موضوعية بعيدا عن الهوى والميول والتّعصب والعاطفة ، فالحوار وسيلة لتصحيح الأفكار الخاطئة والعقائد الفاسدة، كما أن الحوار الجيد يساعد على تقبل النقد و يكسب الفرد شخصية قوية قادرة على إبراز رأيها و التفاوض للوصول إلى أفضل النتائج ، لذلك فخلق الحوار الجيد يجعلنا جميعا بخير .

 آية الشافعي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى