السياسة

الأكراد يسيطرون على كركوك ومتشددون سنة يتقدمون نحو بغداد وأوباما يبحث كل الخيارات

بغداد/أربيل – سيطر الاكراد العراقيون على مدينة كركوك النفطية بشمال البلاد يوم الخميس بعد أن انسحبت القوات الحكومية من مواقعها أمام تقدم متشددين سنة نحو بغداد مما يهدد مستقبل العراق كدولة موحدة في حين قال الرئيس الأمريكي إنه يبحث كل الخيارات لدعم الحكومة العراقية.

وفي الموصل نظم مقاتلو جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام استعراضا بعربات الهمفي الأمريكية التي استولوا عليها من الجيش العراقي المنهار على مدى يومين منذ أن قدم المقاتلون من الصحراء واجتاحوا ثاني أكبر مدينة في العراق.

وقال شهود إن طائرتي هليكوبتر سيطر عليهما المتشددون أيضا حلقتا في الاجواء فيما يبدو أنها المرة الأولى التي تحصل فيها الجماعة المتشددة على طائرات على مدى السنوات التي تقوم فيها بتمرد على جانبي الحدود العراقية السورية.

وعرض التلفزيون الحكومي ما قال إنها لقطات جوية لطائرات عراقية تطلق صواريخ على أهداف للمتشددين في الموصل. وأمكن رؤية الأهداف تنفجر وتتصاعد منها سحب سوداء.

وعلى مسافة أبعد إلى الجنوب واصل المقاتلون تقدمهم الخاطف نحو بلدات لا تبعد أكثر من ساعة بالسيارة عن بغداد حيث تقوم الميليشيات الشيعية بتعبئة فيما قد ينذر بتكرار حمام الدم العرقي والطائفي في عامي 2006 و2007 .

واندفعت شاحنات تقل متطوعين شيعة يرتدون زيا عسكريا صوب الخطوط الأمامية للدفاع عن العاصمة.

والتقدم المفاجئ لمقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام التي تهدف إلى إقامة خلافة إسلامية سنية في سوريا والعراق هو أكبر تهديد يواجهه العراق منذ انسحاب القوات الأمريكية عام 2011 . وفر مئات الألوف من بيوتهم خوفا فيما سيطر المتشددون على المدن الرئيسية في وادي نهر دجلة شمالي بغداد خلال أيام.

وقال متحدث إن قوات البشمركة في الشمال الكردي الذي يتمتع بحكم ذاتي سيطرت على القواعد التي انسحب منها الجيش في كركوك.

وأضاف المتحدث باسم البشمركة جبار ياور ‭‭‭‭‭‭‭‭”‬‬‬‬‬‬‬‬سقطت كركوك بأكملها في أيدي البشمركة ولم يعد هناك وجود للجيش العراقي في كركوك الآن.”

ويطمح الاكراد منذ فترة طويلة للسيطرة على كركوك وهي مدينة تقع خارج منطقتهم المتمتعة بالحكم الذاتي مباشرة وتوجد بها احتياطيات نفطية هائلة ويعتبرونها عاصمتهم التاريخية.

والتحرك السريع من جانب قوات الامن الكردية التي تتمتع بدرجة عالية من التنظيم للسيطرة على المدينة بالكامل يبين كيف أعاد التقدم السريع لمقاتلي جماعة الدولة الاسلامية في العراق والشام هذا الاسبوع رسم خريطة العراق وربما خريطة الشرق الأوسط بأكمله.

ومنذ يوم الثلاثاء سيطر مقاتلو الجماعة التي لا تعترف بحدود الدول الحديثة في المنطقة على الموصل وتكريت مسقط رأس صدام حسين وبلدات ومدن اخرى تقع الى الشمال من بغداد.

وتلاشى جيش حكومة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي في مواجهة الهجوم وتخلى عن قواعده وعن الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة.

وتعرضت ادارة الرئيس باراك اوباما لانتقادات لعدم قيامها بما يكفي لتأمين الحكومة في بغداد قبل سحب قواتها.

وقالت مصادر أمنية إن متشددين يسيطرون الآن على أجزاء من بلدة العظيم الصغيرة على مسافة 90 كيلومترا إلى الشمال من بغداد بعد أن تركت معظم قوات الجيش مواقعها وانسحبت تجاه بلدة الخالص القريبة.

وقال ضابط شرطة في العظيم “ننتظر قوات دعم ونحن مصممون على عدم السماح لهم بالسيطرة ونخشى أن يكون الارهابيون يحاولون قطع الطريق الرئيسي الذي يربط بغداد بالشمال.”

ومن المتوقع أن يجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في وقت لاحق يوم الخميس. وقال سفير العراق لدى فرنسا فريد ياسين إنه سيدعو إلى تقديم أسلحة ودعم جوي.

وأضاف فريد لراديو فرنسا الدولي أن بلاده تحتاج إلى معدات وطيران إضافي وطائرات بدون طيار. وتابع قائلا إن على المجلس دعم العراق لأن ما يجري لا يمثل تهديدا للعراق فقط بل للمنطقة بكاملها.

وقالت فرنسا يوم الخميس إن على القوى العالمية أن تتحرك بصورة عاجلة للتعامل مع الوضع في العراق.

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس “إن تقدم الدولة الإسلامية في العراق والشام يعرض للخطر وحدة وسيادة العراق… إنه يمثل تهديدا خطيرا لاستقرار المنطقة.”

واضاف “يتحتم على المجتمع الدولي مواجهة الوضع.”

وقفز سعر النفط حوالي دولارين يوم الخميس مع تزايد المخاوف من أن يؤدي العنف إلى تعطيل الإمدادات من الدولة العضو في أوبك. وقال وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي إن المنشآت الرئيسية لتصدير النفط يقع معظمها في المناطق الشيعية في الجنوب وهي آمنة تماما.

وأضاف أن المتشددين اجتاحوا بلدة بيجي حيث توجد مصفاة النفط الرئيسية في البلاد والتي تفي بالطلب الداخلي من الوقود لكن المصفاة ذاتها ما تزال في أيدي الحكومة.

وفي تكريت أظهرت لقطات فيديو عشرات من قوات الشرطة الخاصة محتجزين ويعرضهم مقاتلون أمام حشد من الناس بعدما اجتاحوا قاعدتهم.

وقال سكان إن المتشددين شكلوا مجالس عسكرية لادارة البلدات التي سيطروا عليها.

وقالت شخصية قبلية من بلدة العلم شمالي تكريت “جاءوا بالمئات الى بلدتي وقالوا إنهم لم يأتوا من أجل اراقة الدماء أو الانتقام لكنهم يسعون لاجراء اصلاحات وفرض العدالة. واختاروا لواء متقاعدا ليدير البلدة.”

وأضاف أن قائد المجموعة المتشددة ظل يردد “وجهتنا النهائية ستكون بغداد والمعركة الحاسمة ستكون هناك.”

وعززت اجراءات الامن في بغداد لمنع المتشدين السنة من الوصول الى العاصمة المقسمة هي ذاتها الى أحياء سنية واخرى شيعية وشهدت قتالا طائفيا ضاريا في الشوارع في عامي 2006 و2007 في ظل الاحتلال الأمريكي.

وبحلول ظهر الخميس لم يكن المتشددون السنة دخلوا سامراء وهي المدينة الكبيرة التالية في طريقهم على امتداد نهر دجلة شمالي بغداد.

وقال وسام جمال وهو موظف حكومي في المدينة التي يشكل السنة غالبية سكانها ويوجد بها مزار شيعي مهم “الوضع داخل سامراء هادئ جدا اليوم ولا يمكنني أن أرى أي تواجد للمتشددين. الحياة عادية هنا.”.

ويعاني الجيش العراقي الذي يبلغ قوامه مليون جندي ودربته الولايات المتحدة بتكلفة حوالي 25 مليار دولار من انخفاض الروح المعنوية ومن الفساد. وتضررت فاعليته بسبب التصور السائد في المناطق السنية بأنه مجرد مدافع عن مصالح حكومة المالكي التي يقودها الشيعة.

وحثت واشنطن المالكي إبان الاحتلال الأمريكي على التواصل مع السنة الذين فقدوا السلطة بعد الإطاحة بصدام حسين. لكن المالكي أبعد السنة عن تحالفه الحاكم بعد انسحاب القوات الأمريكية مما أوجد استياء استغله المتشددون.

وحاولت إدارة أوباما الاحتفاظ بفرقة من القوات في العراق بعد عام 2011 للحيلولة دون عودة المتشددين لكنها فشلت في التوصل إلى اتفاق مع حكومة المالكي.

وقال الرئيس باراك أوباما يوم الخميس إنه يبحث كل الخيارات في مساعدة الحكومة العراقية على مواجهة أعمال العنف المسلح المتصاعدة هناك.

وردا على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة تبحث شن هجمات باستخدام طائرات دون طيار أو أي إجراء آخر لوقف أعمال العنف المسلح قال أوباما “لا أستبعد اي شيء”.

واضاف أوباما للصحفيين في البيت الأبيض أثناء اجتماعه مع رئيس وزراء استراليا توني أبوت ان من مصلحة الولايات المتحدة ضمان ألا يحصل الجهاديون على موطئ قدم في العراق.

وقال انه ستكون هناك تحركات عسكرية قصيرة المدى وفورية ينبغي عملها في العراق مشيرا إلى أن فريقه للأمن القومي يبحث كل الخيارات. وتابع إن الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ إجراء عسكري عند تهديد مصالحها المرتبطة بالأمن القومي.

وقال مسؤول أمريكي إن جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي اتصل برئيس الوزراء العراقي يوم الخميس لبحث الأزمة الأمنية المتفاقمة في العراق.

وكان من المقرر أن يعقد البرلمان العراقي يوم الخميس جلسة طارئة للتصويت على إعلان حالة الطوارئ في البلاد لكن الجلسة لم تعقد لعدم اكتمال النصاب القانوني في علامة على الخلل السياسي الطائفي الذي أصاب عملية صنع القرار في بغداد بالشلل.

وخسر جيش المالكي بالفعل السيطرة على كثير من مناطق وادي الفرات غربي العاصمة لصالح الدولة الإسلامية في العراق والشام العام الماضي ومع انهيار الجيش في وادي دجلة الواقع إلى الشمال قد لا يتبقى للحكومة سوى بغداد والمناطق الواقعة الى الجنوب.

وبعد تقدم مقاتلي الجماعة في الشمال قد تصبح الحدود الصحراوية بين العراق وسوريا فعليا في أيدي الجماعة السنية المتشددة مما يدعم هدفها المعلن بمحو الحدود بين البلدين وإقامة دولة خلافة.

وقد تتورط إيران بدرجة أكبر في الصراع إذ أنها تقوم بتمويل وتسليح جماعات شيعية في العراق. وقد تتورط تركيا أيضا.

وفي الموصل يحتجز مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام 80 تركيا بعد أن سيطروا على القنصلية التركية. وهددت تركيا بالرد إذا تعرض أي من أفراد المجموعة التي تضم عسكريين ودبلوماسيين وأطفالا للأذى.

ووصف المالكي سقوط الموصل بأنه “مؤامرة” وقال إن قوات الأمن التي انسحبت من مواقعها ستعاقب. وقال أيضا إن العراقيين بتطوعون في العديد من المحافظات للالتحاق بألوية الجيش لمحاربة جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى