السياسة

وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة تنتقد “العنف الدبلوماسي التركي”

انتقدت وزيرة الخارجية الأسبانية السابقة آنا بالاسيو، في مقال نشرته على موقع “بروجيكت سينديكيت” Project Syndicate، الدبلوماسية التركية ووصفتها بأنها “عنيفة”، مشيرة إلى إن إسقاط تركيا للطائرة الحربية الروسية يخاطر بفتح جبهة جديدة في أعمال العنف التي تجتاح سوريا، الأمر الذي يبدد آمال التقارب بين روسيا والغرب الذي ظهرت بوادره في أعقاب تفجيرات باريس الأخيرة، أو “مجزرة باريس” على حد تعبيرها.

وأشارت بالاسيو إلى أنه في ظل الحرب الكلامية الدائرة حالياً ما بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والكابوس الذي يلوح في الآفق لسيناريو أسوأ بكثير من أي شيء آخر، ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يبذل قصارى جهده، أكثر من أي وقت مضى، لتجديد نشاطه مع تركيا، والحيلولة دون تصاعد الأزمة ما بين روسيا وتركيا.

سيطرة أردوغان
وتقول بالاسيو: “قبل هجمات باريس، بدا أردوغان مسيطراً على جميع الأوراق في العلاقة الثنائية؛ إذ وافق القادة الأوروبيون – لمواجهة الأزمة المتفاقمة لتدفق اللاجئين – على متابعة خطة العمل المشتركة التي طالبت تركيا بالمساعدة في وقف سيل المهاجرين إلى أوروبا في مقابل حصول تركيا على أموال الاتحاد الأوروبي والتحرر من التأشيرات واستئناف المفاوضات بشأن انضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي.

وفي أعقاب وقت قصير من هذا القرار، تغير موقف المستشارة الألمانية انجيلا ميركل الذي كان يعارض قبول عضوية تركيا، ووصفت الأمر بأنه (مسألة مفتوحة) خلال زيارتها إلى اسطنبول”.

وتلفت بالاسيو أن موقف الاتحاد الأوروبي قد ساعد أردوغان جيداً على تمكين حزبه “العدالة والتنمية” من الفوز بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في تركيا، والأدهى من ذلك – بحسب بالاسيو – أن الاتحاد الأوروبي قام بتأجيل الافراج عن “تقرير مرحلى” حاسم بشأن مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي إلى ما بعد انتهاء التصويت في الانتخابات التركية.

تهميش
ووصفت بالاسيو انعقاد قمة الدول العشرين في تركيا خلال يومي 15 و16 نوفمبر الجاري بأنها بمثابة تعزيز لعودة أردوغان إلى الساحة العالمية، وإنهاء لفترة من العزلة النسبية من قبل الغرب بسبب رفض ميوله الاستبدادية. وكان من المقرر عقد قمة مشتركة ما بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في 29 نوفمبر الجاري لإضفاء الطابع الرسمي على خطة العمل المشتركة.

وتقول بالاسيو: “ولكن كما يحدث دائما، انقلبت الأمور رأساً على عقب بسبب مأساة تفجيرات باريس التي جعلت تركيا مهمشة وهي في قمة مجدها، وتعرقلت عودة أردوغان إلى الساحة الدولية، وبدلاً من ذلك بات التركيز على الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الروسي بوتين والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند”.

مشهد مختلف
وبرأي بالاسيو يواجه أردوغان الأن مشهد استراتيجي مختلف، لاسيما في العلاقات الروسية التركية الواقعة تحت ضغط أكبر من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب الباردة. وبات العالم اليوم أكثر تصميماً على دحر تنظيم داعش الإرهابي، ومن الواضح أن ذلك سيتطلب تدخل قوات برية على الأرض، ومن ثم تسعى القوى الكبرى إلى الاستفادة الفورية من القوات المتوافرة على الساحة.

المنظور التركي
وفي الوقت الراهن، يعني ذلك من ناحية الاستعانة بالقوى الديمقراطية السورية التي يسيطر عليها الأكراد (وحدات حماية الشعب الكردية) التي تعارض نظام بشار الأسد، ومن ناحية أخرى القوات الداعمة لنظام بشار الأسد التي تدعمها سوريا وإيران ووكلائها (حزب الله). وبحسب بالاسيو، فإن تركيا تعارض هاتين القوتين؛ إذ أنه أمر غير مقبول من المنظور التركي.

وتنوه بالاسيو إلى التهديد المباشر الذي تواجهه تركيا من تنظيم داعش الإرهابي الذي تجسد في تفجيرات أنقرة خلال الشهر الماضي التي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص، كما أحبطت السلطات التركية هجوماً آخر كان يتم التخطيط لشنه بالتزامن مع تفجيرات باريس.

منعطف خطير
وتشير بالاسيو أنه في أعقاب التوتر الذي شاب العلاقات بين الكرملين والغرب بسبب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، نجحت تركيا في خلق مكانة استراتيجية متميزة من الناحية الاستراتيجية في علاقتها مع الجانبين.

ولكن الأن تجد تركيا نفسها في عزلة متزايدة من كلا المعسكرين نتيجة إسقاطها للمقاتلة الروسية وكذلك معارضتها الشديدة لبشار الأسد الذي يعتقد القادة الأمريكيون والأوروبيون أنه سوف يلعب دوراً مهماً في أي تسوية سياسية.

وتؤكد بالاسيو على أن موقف تركيا وعدم تسامحها إزاء المقاتلة الروسية قد وضع العلاقات ما بين الناتو وروسيا على منعطف خطير.
وتقترح بالاسيو أن يلعب كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة دوراً مهماً في تخفيف حدة التوترات ما بين روسيا وتركيا، وعليهما كذلك طمأنة الحكومة التركية أن بشار الأسد سيكون جزء من المرحلة الانتقالية الأولى فقط في سوريا ولن يتوافر لديه مستقبل طويل الأمد كزعيم للبلاد.

ونصحت بالاسيو تركيا بتوسيع منظورها والوضع في الاعتبار أن التطورات المثيرة للقلق التي تشهدها حدودها الجنوبية أكبر بكثير من مجرد القضية الكردية؛ إذ أنها تنطوى على تداعيات طويلة الأمد تؤثر على الاستقرار الإقليمي. ويوفر فوز حزب العدالة والتنمية الفرصة للحكومة لتحويل تركيزها إلى حل المشاكل الواسعة النطاق في جوارها والتصرف كزعيم إقليمي حقيقي، بدلاً من السعي لتحقيق “أجندة تخدم مصالح ذاتية ضيقة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى