مقالات

السويد: اعتداءات جنسية في حمَّامات السباحة

  • تحوَّلت حمَّامات السباحة العامة في السويد إلى ساحات للاغتصاب والاعتداء الجنسي على يد طالبي اللجوء الشباب.
  • يبدو أنَّ السياسيين السويديين مقتنعون بأنَّ توفير شيء من التعليم حول “المساواة” سوف يهذِّب سلوك هؤلاء الرجال الذين شبُّوا منذ طفولتهم على أنَّ النساء هن المسؤولات عن عدم استثارتهم جنسيًا، ومن ثمَّ أنَّ المرأة هي المخطئة بالتأكيد إذا شعر الرجل بالرغبة في اغتصابها.
  • بدأ عدد متزايد من السويديين في تجنُّب حمَّامات السباحة العامة تمامًا.
  • تلقى العاملون في حمام سباحة ‘هيلي باديت’ للمغامرات العائلية في مالمو تعليمات صارمة بعدم الإبلاغ عن بعض الأمور، وبالأخص ألا يذكروا أبدًا العرق أو الدين الذي ينتمي إليه من يثيرون المشاكل في حمَّام السباحة.
  • “ما يفعله الأفغان لا يُعد خطأ في أفغانستان، ومن ثمَّ فإنَّ قواعدكم غريبة عنهم تمامًا… إذا كنتم ترغبون في منع الأفغان من التحرش بالفتيات السويديات، فإنَّكم تحتاجون إلى أن تعاملوهم بشدَّة. فلا طائل من وراء إجبار هؤلاء الشباب على حضور محاضرات عن المساواة وكيفية التعامل مع النساء. بل ينبغي أن يتلقوا إنذارًا عندما يتصرفون على نحو سيء في المرة الأولى، ثم يجري ترحيلهم من السويد إذا فعلوا ذلك مرة ثانية” – السيد ‘عزيزي’، مدير فندق في كابول، أفغانستان.

في التقاليد السويدية، يمارس الرجال والنساء السباحة معًا في حمَّامات سباحة عامة منذ أكثر من 100 سنة. ويتساءل العديد من الناس الآن إذا كُنَّا سنُضطر إلى التخلي عن هذه التقاليد لأنَّ طالبي اللجوء الشباب قد حوَّلوا حمَّامات السباحة العامة في السويد إلى ساحات للاغتصاب والاعتداء الجنسي.

وقد بدأت السباحة المختلطة في السويد في قرية جنوبية صغيرة تمتهن صيد الأسماك واسمها ‘موليه’ (Mölle). وبحلول عام 1890 تقريبًا، كانت “خطيئة ‘موليه'” قد حازت شهرت كبيرة. فقد كان الرجال والنساء يسبحون معًا! يسبحون دون ستار، ويختالون في ملابس الاستحمام المخطَّطة التي يرتدونها دون خجل. وأثارت هذه المسألة ضجَّة كبيرة، تردَّد صداها في جميع أنحاء أوروبا، وجاء الناس من كل حدب وصوب للمشاركة في هذا النشاط الجديد المثير. وانهمرت جحافل الدانمركيين، بل وزار الإمبراطور الألماني ‘فيلهلم الثاني’ (Wilhelm II) القرية في تموز/يوليو 1907.

ولا ينبغي أن نُفاجأ بأنَّ الرجال القادمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديهم وجهة نظر مختلفة تمامًا بشأن النساء عن تلك التي يعتنقها الرجال السويديون. فالأمر المحيِّر الوحيد هو السبب الذي دعا السياسيين السويديين إلى الاعتقاد بأنَّ كل من سيطأ الأراضي السويدية سوف يعتنق القيم السويدية والنظرة السويدية للنساء والتقاليد السويدية على الفور.

والآن أُصيب أولئك السياسيون بحالة من الذهول بعد أن تبيَّن لهم أنَّ العديد من الرجال العراقيين والسوريين والأفغان والصوماليين (أكبر جماعات المهاجرين الذين يأتون إلى السويد الآن) يعتقدون أنَّ المرأة التي تخرج إلى الشارع مرتدية ملابس غير محتشمة هي هدف مشروع لهم. وبطبيعة الحال، فليس بإمكانهم الاعتراف بأنَّ هذه النظرة للنساء، التي يراها السويديون غريبة تمامًا، لها صلة بالإسلام، وإلا صاروا ضحايا للزعم الذي أرسوه بأنفسهم بأنَّ كل من ينتقد الإسلام ليس إلا “كارهًا للإسلام”.

ولسنوات عديدة، كان التستُّر على هذه الاعتداءات ممكنًا، ولعبت وسائل الإعلام دورًا كبيرًا في هذا الشأن، إذ دأبت على وصف مرتكبي تلك الاعتداءات بأنَّهم “عصابات من الشباب”، ولم تُشر قط إلى أنَّهم كانوا في جميع الأحوال مهاجرين من بلدان إسلامية. وفي مالمو، واحدة من أكثر المدن السويدية اكتظاظًا بالمهاجرين، حيث صارالسويديون يمثِّلون أقلية بالفعل منذ عام 2013، بدأت هذه المشاكل في الظهور في حمَّامات السباحة العامة منذ 15 عامًا على الأقل.

ففي عام 2003، سبَّبت “عصابات الشباب” ما يكفي من المضايقات لغيرهم من الضيوف في حديقة الألعاب المائية ‘أكفاكول’ (Aq-va-kul) لدرجة أنَّ إدارة الحديقة اضطرت لإغلاقها في مناسبات عديدة. وعلى الرغم من استثمار مبلغ 750,000 كورونا (88,000 دولار) في إنشاء بوابات أكبر للدخول، ومكتب استقبال محاط بالزجاج، وكاميرات للمراقبة، وتعيين “مضيفين” من الناطقين بالعربية للتصدي للمشاكل الأمنية، استمرَّت الأمور في التفاقم. وفي عام 2005، صرَّح ‘برتل ليندبرج'(Bertil Lindberg)، أحد كبار مسؤولي الحديقة، للصحيفة المحلية ‘سيدسفينسكان’ (Sydsvenskan) قائلًا: “لقد تصاعدت حدَّة الأمور هذا العام. فقد أخذت عصابات كبيرة تتألف مما بين 10 إلى 20 شابًا في تهديد الضيوف الآخرين والموظفين واستفزازهم. فهم لم يأتوا هنا للسباحة؛ بل بحثًا عن المشاكل فحسب”.

ومن بين هذه المشاكل أنَّ الشبان المسلمين يرفضون الاستحمام قبل النزول إلى حمَّام السباحة، ويظلون مرتدين ملابسهم الداخلية أسفل ملابس السباحة. ولأسباب واضحة، فإنَّ هذا أمر غير مسموح به، وعندما يتحدث الموظفون مع المخالفين بشأن هذا الأمر، يبدؤون في إثارة المشاكل وإطلاق التهديدات. وفي العديد من المناسبات، نصبت بعض هذه العصابات كمائن للموظفين أثناء عودتهم إلى منازلهم بعد انتهاء العمل، واضطُّرت الشركة إلى تعيين حراس لضمان وصول الموظفين إلى منازلهم سالمين. وبلغت الأحداث ذروتها في عام 2013، عندما حطَّمت عصابات الشباب الواجهة، وألقوا بأشياء في حمَّام السباحة، وهدَّدوا الضيوف الآخرين. وأُغلقت حديقة ‘أكفاكول’ إثر ذلك، وأُفرغ حمَّام السباحة من الماء لتنظيفه من الزجاج المكسور. وبعد بضعة أيام، أُعيد افتتاح المكان، ولكنَّه أُغلق أمام الجمهور على نحو دائم في عام 2015. وقد أُعيد تجديد تلك المنشأة الآن، ولكن استخدامها بات قاصرًا على السبَّاحين المحترفين وأندية السباحة فقط.

وفي ستوكهولم، كان حمَّام السباحة ‘هوسبي باديت’ (Husbybadet)، الكائن في ضاحية هوسبي المليئة بالمهاجرين، أوَّل حمَّام سباحة عام تصيبه تلك المشاكل. ففي عام 2007، وردت تقارير بأنَّ البلدية اضطرت إلىبناء منشأة منفصلة لمعالجة مياه الصرف، بتكلفة بلغت عدَّة ملايين كورونا. وكان السبب وراء ذلك ارتفاع مستويات النيتروجين في الماء، نظرًا لإصرار العديد من الشباب على نزول حمَّام السباحة دون خلع ملابسهم الداخلية المتسخة. وصرَّح مدير منشآت البلدية إلى الصحيفة اليومية، ‘داغنز نيهيتير’ (Dagens Nyheter) قائلًا:

“إنَّ النتروجين غذاء للبكتيريا، ويتسبَّب ارتفاع مستوى النيتروجين إلى انبعاث روائح كريهة في الهواء وإلى تعكير المياه. وينتج النيتروجين من البول والعرق. وببساطة، فإنَّ لدينا مشكلة مع ارتداء الملابس الداخلية المتسِّخة أسفل ملابس السباحة. ثمَّ يقفزون إلى مياه تبلغ درجة حرارتها 38 درجة مئوية في حمَّام السباحة الساخن. فالأمر أشبه بالجلوس داخل غسَّالة الملابس أثناء دورة الملابس الحساسة، ونحن نستخدم هذه المياه طوال الوقت. وينبغي على الناس أن يرتدوا ملابس السباحة فحسب، لا أن ينزلوا إلى الماء مرتدين ملابسهم العادية”.

والموقف من العري في الدول الاسكندنافية يختلف كثيرًا عنه في الشرق الأوسط. ففي السويد العديد من شواطئ العراة، يسبح فيها الرجال والنساء معًا دون ارتداء أي ملابس، ودونما أي قدر من التحرش الجنسي. وفي غرف تغيير الملابس المنفصلة حسب النوع في حمَّامات السباحة العامة، ليس هناك أي أثر للخجل. والرجال والنساء في السويد لا يرون غرابة في الاستحمام وتنظيف أجسامهم جيدًا قبل النزول إلى حمَّام السباحة، ومنذ بضعة عقود خلت، كان المشرفون على حمَّامات السباحة يقومون بجولات في غرف تغيير الملابس للتأكد من أنَّ الضيوف يتبعون تلك العادات.

أمَّا في البلدان الإسلامية، فإنَّ العُري شيء خاص وشخصي للغاية، ولا يحب الناس الاستحمام سوية، ولا حتى مع أفراد من نفس الجنس. وأكَّد جميع موظفي حمَّامات السباحة العامة الذين تحدثنا معهم في معهد ‘جيتستون’ أنَّ الرجال والنساء من المسلمين يستحمون دون خلع ملابسهم الداخلية، ويرتدون ملابس السباحة أعلاها. ويسبح العديد من النساء المسلمات وهنَّ يرتدين ما يُطلق عليه “المايوه الشرعي”، وهو زي سباحة يغطي الجسد بأكمله، ومن ثمَّ عندما يرى الرجال المسلمون النساء السويديات وهنَّ يرتدين البكيني، يعتقد العديد منهم أنهنَّ نساء “منحلاَّت”، و”مسموح” لهم بتحسس أجسادهن.

وفي عام 2015، الذي شهد مجيء قرابة 163,000 من طالبي اللجوء إلى السويد، زادت المشاكل في حمَّامات السباحة العامة أضعافًا مضاعفة. فقد دخل البلاد في أقل من عام نحو 35,000 شابًا، ممَّن يُطلق عليهم “أطفال لاجئون غير مصحوبين بذويهم”، 93% منهم من الذكور الذين يزعمون أن أعمارهم بين 16-17 عامًا. ومن أجل ألا يركنوا إلى الخمول التام، سمحت لهم العديد من البلديات بالدخول مجاناً إلى حمَّامات السباحة العامة.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، كان عدد البلاغات عن وقوع حالات اعتداء جنسي وتحرش ضد النساء في حمَّامات السباحة العامة هائلًا. ومعظم هؤلاء “الأطفال” قادمون من أفغانستان، وهو بلد يُعتبر بين أكثر الأماكن خطورة على النساء في العالم في رأي الكثيرين. وعندما أجرت الصحيفة اليومية ‘أفتونبلاديت’ (Aftonbladet) زيارة إلى أفغانستان في عام 2013، أخبرت امرأة في الخادية والستين من عمرها تُدعى ‘فاطمة’ الصحيفة بما تعنيه الحياة للنساء في أفغانستان: “ماذا يحدث إذا لم نُطع الأوامر؟ يضربنا أزواجنا وأبناؤنا بالطبع. فنحن جواريهن”.

ومن ثمَّ، أن نتوقع من رجال ترعرعوا في ثقافة ترى أنَّ المرأة ليست إلا جارية أن يتصرفوا مثل الرجال السويديين ليس أمرًا غبيًا فحسب، وإنما أمر خطير. وأوضح السيد ‘عزيزي’، مدير فندق كبير في كابول، لمعهد ‘جيتستون’ كيف يرى الرجل الأفغاني الاعتداءات الجنسية على النساء:

“ما يفعله الأفغان لا يُعد خطأ في أفغانستان، ومن ثمَّ، فإنَّ قواعدكم غريبة عنهم تمامًا. لأنَّ النساء لا يغادرن المنزل في أفغانستان، وإذا كنَّ بحاجة إلى الخروج، دائمًا ما يكون ذلك بصحبة رجل. إذا كنتم ترغبون في منع الأفغان من التحرش بالفتيات السويديات، فإنَّكم تحتاجون إلى أن تعاملوهم بشدَّة. فلا طائل من وراء إجبار هؤلاء الشباب على حضور محاضرات عن المساواة وكيفية التعامل مع النساء. بل ينبغي أن يتلقوا إنذارًا عندما يتصرفون على نحو سيء في المرة الأولى، ثم يجري ترحيلهم من السويد إذا فعلوا ذلك مرة ثانية”.

ووقعت أول حادثة أُبلغ عنها في عام 2005، عندما اغتُصبت فتاة عمرها 17 سنة في ‘هوسبي باديت’ في ستوكهولم. وبدأ الجاني، وعمره 16 عامًا، في تحسس جسدها في حمَّام السباحة الساخن، وعندما انتقلت الفتاة إلى كهف تتدفق منه المياه، تبعها الجاني وصديقه. وحاصرا الفتاة في أحد الأركان، وبينما أمسك بها الصديق، خلع الجاني البكيني الذي كانت ترتديه واغتصبها. وأثناء المحاكمة، اتَّضح أنَّ قرابة 30 شخصًا شهدوا الهجوم، ولكنَّ المراهقان استمرَّا في اغتصاب الفتاة غير عابئين.

وحُكم على المغتصب بالسجن لمدة ثلاثة أشهر في مركز لاحتجاز الأحداث، وبرَّأت المحكمة صديقه. وأُصيبت الضحية بصدمة نفسية شديدة، واحتاجت إلى العلاج في مصحة نفسية، بعد عدَّة محاولات فاشلة للانتحار.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت جميع حمَّامات السباحة العامة في السويد تقريبًا أماكن خطيرة، وخاصة للنساء. وخلال أول شهرين من هذا العام، توالت البلاغات عن حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي والتحرش الجنسي في تعاقب سريع. وفيما يلي بعض الأمثلة:

في ستوكهولم، خلال الأسبوع الأول من يناير، قرَّرت ساحة السويد الوطنية للسباحة، ‘إريكسدالس باديت’ (Eriksdalsbadet)، الفصل بين الرجال والنساء في حمَّامات السباحة الساخنة. وأتى هذا القرار المثير للجدل في السويد بعد أن أُبلغت الشرطة بوقوع عدَّة حوادث في حمَّامات السباحة، كان أغلبها في تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر 2015. ولا تعتقد ‘أنَّا كونيغ جيرلمير’ (Anna König Jerlmyr)، وهي سياسية محافظة من حزب التجمع المعتدل تشغل منصب مفوض مدينة ستوكهولم في المعارضة، أنَّ الفصل بين الرجال والنساء هو السبيل الصحيح لمعالجة هذه المشاكل، بحسب تصريحها لصحيفة ‘داغنز نيهيتير’ اليومية: “إنَّ من غير المقبول على الإطلاق أن تتصرف إدارة حمَّام سباحة عام على هذا النحو. إذ أنَّ هذا القرار بمثابة استسلام لظاهرة التحرش الجنسي، ويوحي بقبول آراء مريضة بشأن المرأة. وقد كان من الأفضل تعيين عدد أكبر من الموظفين، ومنع المعتدين من دخول المكان مرة أخرى”،

وقال ‘أولوف أيهمان’ (Olof Öhman)، مدير إدارة الرياضة في مدينة ستوكهولم للصحيفة: “إنَّ هناك مشاكل مماثلة في جميع حمَّامات السباحة العامة في ستوكهولم، حتى ولو كانت معظم الشكاوى تتعلق بحمَّام سباحة ‘إريكسدالس باديت’.

وفي 14 يناير، أفاد مسؤولون في حديقة ‘روزينلاندس باديت’ (Rosenlundsbadet) في مدينة جونكوبينغ بأنَّهم سيزيدون من تدابير الأمن المتَّخذة. ووفقًا لمدير إدارة العمليات ‘غونيل إريكسون’ (Gunnel Eriksson)، فإنَّ القرار اتُّخذ في الأساس بسبب سلوك مجموعة جديدة من رواد المكان من الفتيان اللاجئين غير المصحوبين بذويهم: “من الواضح من سلوك هؤلاء الفتيان أنَّ ثقافتهم مختلفة؛ فهناك صدام ثقافي. ويمكننا أن نلاحظ أنَّهم غير معتادين على مسألة خلع الملابس.” وتشديد الإجراءات الأمنية ضروري أيضًا لأنَّ العديد من الشبان المهاجرين لا يستطيعون السباحة، أو يبالغون في تقدير قدراتهم، الأمر الذي يضعهم في نهاية المطاف في مواقف خطيرة.

وفي 15 كانون الثاني/يناير، ذكرت صحيفة ‘كونغالفسبوستن’ (Kungälvsposten) أنَّ فتاتين تعرضتا للاعتداء الجنسي في أحد المصاعد في حمَّام السباحة العام ‘أويسن’ (Oasen) في مدينة كونغالف. وكان المشتبه فيهما من “الأطفال اللاجئين غير المصحوبين بذويهم”. وقال ‘جوناس أرنغاردن’ (Jonas Arngården)، مدير الشؤون الاجتماعية في البلدية، للصحيفة إنَّ: “هذا يُظهر أنَّنا بحاجة إلى تعزيز العمل بشأن قضايا المساواة والتفاعل مع الوافدين الجُدد، في المدارس وكذلك في مساكن اللاجئين”.

وتسبَّب الهجوم في ظهور أعضاء “حركة المقاومة الشمالية” وهو تنظيم يُزعم انتماؤه للنازيين الجدد، في ‘أواسين’ في 13 شباط/فبراير. وارتدى أعضاء المنظمة قمصانًا خضراء تحمل علامة “مضيف أمن” مطبوعة على ظهرها، ونظَّموا “دوريات أمن” في المنشأة.

ولم تكُن البلدية قد اتَّخذت بعد أي إجراء قوي بعد وقوع الاعتداء، ولكَّن زيارة أعضاء التنظيم للمنشأة بهذا الزي وتلك النوايا أثارت رعب إدارة البلدية التي دعت إدارة ‘أواسين’ لعقد اجتماع عاجل لبحث المسألة. وصرَّح العمدة ‘ميغيل أودهنر’ (Miguel Odhner) للصحيفة اليومية ‘إكسبريسين ج.ت.’ (Expressen/GT) بأنه: “من غير المقبول على الإطلاق وجود هؤلاء المتطرفين المتخفِّين في حمَّامات السباحة التابعة للبلدية. إنَّ نشوب صراع بين تيارين متطرفين وعنيفين للحصول على موطئ قدم أكبر في المدينة أمر خطير جدًا جدًا”.

أصبحت ساحة السباحة الوطنية ‘إريكسدالس باديت’ في ستوكهولم (إلى اليسار) سيئة السمعة بسبب وقوع العديد من حالات الاعتداء الجنسي من جانب مهاجرين ضد نساء وأطفال في المنشأة. وفي حمَّام السباحة العام ‘أواسين’ في كونغالف (إلى اليمين)، تعرَّضت فتاتان للاعتداء الجنسي من جانب “أطفال لاجئين غير مصحوبين بذويهم”. وكرد فعل لذلك، ظهر أعضاء في منظمة ‘حركة المقاومة الشمالية’ مرتدين قمصانًا تحمل علامة “مضيف أمن” ونظَّموا “دوريات أمن” في المنشأة.

وفي 18 كانون الثاني/يناير، كشفت إدارة حمَّام السباحة العام ‘فيريشوف’ (Fyrishov) في أوبسالا عن أنَّ عام 2015 شهد العديد من البلاغات عن وقوع حالات تحرش جنسي بأطفال في المنشأة. ووفقا لإدارة ‘فيريشوف’، كان جميع المشتبه فيهم في هذه الاعتداءات من المهاجرين الوافدين حديثًا – صبية لا يعرفون اللغة السويدية. وزادت المنشأة من تدابير الأمن المتَّخذة في آب/أغسطس بتعيين المزيد من حراس الأمن وإعطاء الموظفين تعليمات مراقبة أكثر صرامة.

وفي 21 كانون الثاني/يناير، وردت بلاغات بأنَّ عدد حالات الاعتداء الجنسي قد زاد زيادة كبيرة في حمَّام سباحة ‘أكوانوفا’ (Aquanova) للمغامرات في مدينة بورلينغيه. ففي عام 2014، أُبلغ عن حالة واحدة؛ ثم قفز الرقم إلى قرابة 20 حالة في عام 2015. وتنوَّعت الحوادث بين تعرُّض بعض النساء لتمزيق البكيني الخاص بهن، وتحسس أجسادهن في الزلاجة المائية، والاعتداءات الجنسية عليهن في دورات المياه. وقالت ‘أولا-كارين سولوم’ (Ulla-Karin Solum)، الرئيس التنفيذي لحمَّام سباحة ‘أكوانوفا’، لمذيع التلفزيون السويدي أنَّ العديد من تلك الحوادث يرجع لوجود “صدامات ثقافية”.

وأكَّدت ‘أنيت نوهرين’ (Anette Nohrén)، موظفة في ‘أكوانوفا’، أنَّ جميع المشتبه فيهم من المولودين في الخارج، وأعربت عن شكواها قائلة إنَّها “مشكلة كبيرة. فنحن لا نستطيع أن نركِّز على مهمتنا الأساسية، وهي الحفاظ على سلامة الضيوف، عندما نكون مضطرين باستمرار إلى التدخل في محاولة لمنع الاعتداءات، وبعد ذلك، محاولة فهم ما حدث”.

وقد طبَّق حمَّام سباحة ‘أكوانوفا’ الآن قواعد جديدة؛ من بينها أنَّ الشباب من مساكن اللاجئين يجب أن يكونوا مصحوبين بمرافقين من البالغين – مرافق لكل ثلاثة من طالبي اللجوء القصر. ويحتاج المرافق إلى أن يبقى برفقة الشباب في غرف تغيير الملابس وأيضًا في حمَّام السباحة.

وفي 25 كانون الثاني/يناير، كشفت صحيفة ‘إكسبريسين’ اليومية عن اغتصاب فتاة في ساحة سباحة ‘إريكسدالس باديت’ سيئة السمعة في بداية هذا الشهر. وسوف تزيد الشرطة من تواجدها في المنشأة، وستنظِّم دوريات أمنية داخلها على نحو منتظم.

وفي 26 كانون الثاني/يناير، وردت بلاغات بأنَّ امرأة وفتاتين تعرَّضن لاعتداء جنسي من مجموعة من الشباب الذين لا يتحدثون السويدية ولا الإنكليزية، في حمَّام سباحة ‘ستورسجي باديت’ (Storsjöbadet) في مدينة أوسترسند. وعلى الرغم من وقوع الحادث، لم يُجبَر الشباب على مغادرة المكان – وهو خطأ اعترف به الموظفون في وقت لاحق.

وفي 27 كانون الثاني/يناير، أعلنت بلدية مدينة فاكسيو أنَّها تخطط لتعيين حارس أمن متجول داخل حمَّام السباحة المحلي، وجاء ذلك بعد أن تعرَّضت فتاتان تبلغان من العمر 11 عامًا للاعتداء الجنسي من جانب مجموعة من الفتيان. وقد هاجم الشباب الفتاتين في منطقة مخفية عن أعين رجال الإنقاذ المعينين في حمَّام السباحة. وقال ‘مايكل ليناندر’ (Mikael Linnander)، والد إحدى الفتاتين، لصحيفة ‘كفالسبوستين’ (Kvällsposten): “هجم سبعة أو ثمانية شبان على الفتاتين. ولمس اثنان منهم بين أرجلهنَّ، وتحسسوا صدورهنَّ. ولم يتوقف الاعتداء إلى أن وبَّخت امرأة تسبح مع أطفالها هؤلاء الصبية. وبعد وقوع الحادث، مُنع اثنان من هؤلاء الشباب من دخول منطقة حمَّام السباحة، ولكنهما لم يُطردا من المنشأة.

وفي 1 شباط/فبراير، أفادت وسائل الإعلام المحلية، بتعرُّض ما لا يقل عن خمس من الفتيات والنساء لاعتداء جنسي في حمَّام السباحة العام في فانيرسبورج خلال الأسابيع القليلة الماضية. وكان الضحايا من الفتيات دون سن 15 عامًا، فضلًا عن نساء في الثلاثينات من أعمارهن. وقالت الشرطة أنَّه لا يوجد مشتبه فيهم حاليًا، ولكنَّها أكَّدت أنَّ القضية لها أولوية كبيرة.

وفي 25 شباط/فبراير، ورد بلاغ عن حالة اعتداء جنسي أخرى في ساحة سباحة ‘إريكسدالس باديت’ في ستوكهولم. وقال المتحدث باسم الشرطة ‘يوهان رينبيرغ’ (Johan Renberg) لصحيفة ‘إكسبريسين’ أنَّ مجموعة من الفتيات وجدت نفسها محاطة بنحو 10 من الشبان الذين حاولوا ملامسة أجسادهنَّ. ولاحظ أحد الموظفين ما يحدث، واتصل بالشرطة. واستطاعت الفتيات التعرف على الشباب الذين لم تُشر الصحيفة إلى العرق الذي ينتمون إليه. ولم يُلقَ القبض على الشباب، ولكن سوف يُستدعون للتحقيق في وقت لاحق.

وفي ضوء الموجة الأخيرة من الاعتداءات الجنسية في حمَّامات السباحة العامة، فإنَّ هناك سر غامض في حمَّام سباحة ‘هيلي باديت’ للمغامرات العائلية الذي أُعيد افتتاحه مؤخرًا في مدينة مالمو المتعددة الثقافات، إذ لم ترِد أي بلاغات عن وقوع أي اعتداءات جنسية على الإطلاق. وقد شهد حمَّام ‘هيلي باديت’ الذي تكلَّف إنشاؤه 349 مليون كورونا (حوالي 41 مليون دولار) أسبوع افتتاح فوضوي في أغسطس 2015. وبعد أيام قليلة فحسب، وردت بلاغات عن وقوع 27 “حادثة”، ولكن لم تكُن من بينها اعتداءات الجنسية.

“كلا، لم أسمع عن حدوث شيء مماثل هنا على الإطلاق”، على حد قول أحد موظفي ‘هيلي باديت’ لمعهد ‘جيتستون’. ولكن عندما تحدَّثنا مع موظفين آخرين في ‘هيلي باديت’ مع وعد بعدم ذكر أسمائهم، أخبرونا أنَّهم تلقوا تعليمات صارمة بعدم الإبلاغ عن بعض الأمور، وقبل كل شيء، ألا يذكروا أبدًا العرق أو الدين الذي ينتمي إليه من يثيرون المشاكل في حمَّام السباحة. وأخبر موظف آخر معهد ‘جيتيستون’:

“بالطبع تقع حوادث هنا، وبالذات حوادث تتصل بمحاولة رجال أفغان تحسُّس أجساد الفتيات. ومنذ فترة ليست بالطويلة، اكتشفنا رجلًا من أصل عربي يمارس العادة السرية في حمَّام السباحة الساخن. ولكن لا يُسمح لنا بالإبلاغ عن هذه الحوادث. وعندما نتحدث معهم، يفهم هؤلاء الرجال جيدًا أنَّ ما يفعلونه أمر خاطئ، ولكنَّهم يستمرون في فعله دون اكتراث. إنَّهم يبتسمون فحسب ويواصلون ما يفعلونه”.

ولا يبدو من المحتمل أن يبدأ السياسيون السويديون في ترحيل مرتكبي الجرائم الجنسية. إذ يبدو أنَّ السياسيين مقتنعون بأنَّ توفير شيء من التعليم حول “المساواة” سوف يهذِّب سلوك هؤلاء الرجال الذين شبُّوا منذ طفولتهم على أنَّ النساء هن المسؤولات عن عدم استثارتهم جنسيًا، ومن ثمَّ أنَّ المرأة هي المخطئة بالتأكيد إذا شعر الرجل بالرغبة في اغتصابها. ولا يتجاوز نصيب هذا التحوُّل المنشود من الحقيقة احتمالية امتناع مواطن سويدي يزور السعودية عن احتساء الخمر فجأة لأنها ممنوعة. فالمواطن السويدي سوف يتبع القواعد ما دام هناك من يراقبه، إلا أنَّه سوف يغتنم أي فرصة ليحصل على بعض من شراب ‘الشنابس’، لأنَّ احتساءه تقليد سويدي عمره أكثر من ألف عام، وهو أمر يراه السويديون مقبولا وجيدًا.

وقال موظف آخر في حمَّام سباحة عام لمعهد ‘جيتستون’ أنَّ الفتية من طالبي اللجوء يثيرون ذعر الضيوف العاديين، وأنَّ عددًا متزايدًا من السويديين يتجنبون الذهاب إلى حمَّامات السباحة العامة تمامًا.

“حتى السويديين الذين اشتروا تذاكر موسمية غالية الثمن لدخول حمَّامات السباحة لا يذهبون إليها الآن، لأنَّهم يرون أنَّ الوضع مقلق. وبالنظر إلى أنَّ البلديات تدفع مقابل دخول طالبي اللجوء الشبان، فسوف نكون محقين إن قلنا إنَّ أموال الضرائب تُستخدم في إبعاد من يدفعونها”.

‘إنغريد كارلكفيست’ صحفية وكاتبة تقيم في السويد،

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى