وسط تصاعد التّوتر في المنطقة، وتزايد التّهديدات المتبادلة، يبرز سؤالٌ محوريّ قد يُغيّر وجه الشّرق الأوسط…ماذا لو تعرّضت إسرائيل لضرباتٍ متزامنة من عدّة جبهاتٍ لبنان، اليمن، العراق، إيران وسوريا وممكن بعض الدّول الاسلامية؟
في حال تحقّق هذا السّيناريو، فنحن لا نتحدث عن مواجهةٍ تقليدية، بل عن زلزالٍ استراتيجيٍّ شاملٍ قد يهزّ أسس النّظام الإقليمي والدّولي برمّته.
منذ تأسيسها، بَنت إسرائيل استراتيجيتها على التفوّق العسكريّ والضّربات الاستباقية. لكنها، أمام ضرباتٍ متزامنةٍ من جهاتٍ مختلفة، ستجد نفسها لأوّل مرّةٍ في موقع الدّفاع العاجز.
قصفٌ بالصّواريخ الدّقيقة من لبنان، هجماتٌ بمسيّرات كروز من اليمن والعراق، ضغطٌ متزايد من غزة وسيناء… كل ذلك قد يؤدّي إلى شللٍ جزئيٍّ وكليّ في بنيتها التّحتية الحيوية”الكهرباء، المطارات، الموانئ، وحتّى المواقع النووية.”
من المرجّح أن تردّ إسرائيل بردٍّ عسكريٍّ عنيفٍ جداً، يشمل استخدام كافّة قدراتها الجوية والصّاروخية. وقد لا يُستبعد، في حال اهتزاز العمق الإسرائيلي، اللّجوء إلى أسلحةٍ غير تقليدية، كالفسفور الأبيض أو حتى النووي التكتيكي، بذريعة “الدّفاع عن الوجود”.
هنا ستقف واشنطن على المحك، هل تتدخّل مباشرةً عسكرياً، أم تكتفي بالدّعم اللّوجستي والسّياسي؟
في كلتا الحالتين، فإنّ أيّ انخراطٍ أميركيٍّ سيُواجه بردٍّ من قوى محور المقاومة، سواء في البحر الأحمر أو قواعد الخليج، مما يُهدّد بتحوّل المواجهة إلى حربٍ إقليميةٍ واسعة النّطاق والطّويلة الأمد.
أيّ تصعيدٍ من هذا النّوع سيُشعل الرأي العام العربي، خصوصاً في دول التّطبيع. ألشّارع لن يبقى صامتاً، وقد تُولد انتفاضاتٌ كبرى تضع الأنظمة في مواجهةٍ مباشرةٍ مع شعوبها وستنفجر حتماً الجبهات الدّاخلية في العالم العربي.
ستسقط اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة تحت ضغطٍ شعبيٍّ وأوسلو لن يكون مستبعداً، وقد تُفتح صفحةٌ جديدةٌ من الصّراع عنوانها: “إرادة الأمة”.
مستقبل إسرائيل اليوم على المحكّ إن استطاعت الحسم بسرعة، ستخرج مثخنةً ولكن واقفة. أمّا إذا طال أمد الحرب، فإنّ فكرة وجودها ككيانٍ قويٍّ ومتفوّقٍ ستبدأ بالتآكل.
ألدّاخل الإسرائيلي نفسه قد يهتزّ، والمجتمع الذي يعيش على “وهم الأمن” قد يُصدم بالحقيقة، أن لا أمن في كيانٍ مفروض بالقوّة وسط محيطٍ رافض.
في ظلّ انقسامٍ عالميٍّ حادٍّ بين الغرب وروسيا والصّين، فإنّ الحرب الشّاملة ستُعيد طرح مسألة النّفوذ الدّولي في المنطقة كون النّظام العام أصبح في مأزق.
ألسّيناريو الّذي قد يبدو للبعض مستبعداً، هو في الواقع أقرب من أيّ وقتٍ مضى. كلّ المؤشّرات تدلّ على أنّنا نعيش على حافة الانفجار الكبير، والقرار الذي قد يُتّخذ في لحظةٍ قد يغيّر وجه المنطقة لعقود.
لكن، إذا اشتعلت الحرب الكبرى، فليعلم الجميع أنّها لن تُبقي ولن تذّر، وأنّ شعوبنا هي التي ستدفع الثمن الأكبر إن لم تكن الخيارات مدروسةً والحسابات دقيقة، وسيتم إعادة رسم النّظام العالمي فالحرب الكبرى قد تكون لحظة التّحوّل من نظامٍ أحاديٍّ إلى تعدّديٍّ، حيث تُكسر الهيمنة الأميركية في المنطقة.
ألسّيناريو ليس خيالًا، بل خيارٌ تدرسه العقول العسكرية والسّياسية. لكنّ الثّمن سيكون باهظًا… وعلى الشّعوب أن تدرك، من يشعل النّار، قد لا ينجو من لهيبها.