
كابوس “الحمى النزفية”…يهدد حياة العراقيون
يقف العراقيون عند مفترق حساس بين فرحة العيد ومخاوف تفشي مرض “الحمى النزفية”، فرغم التحذيرات الرسمية والإجراءات المشددة من الجهات الصحية والبيطرية، يواصل المواطنون إقبالهم الكثيف على شراء الأضاحي في بغداد والمحافظات، وسط تأكيدات الباعة والمواطنين على سلامة المواشي وخلوها من أي أمراض.
الشارع العراقي يعيش حالة ترقب وتحدٍ، بين تطمينات السلطات بأن “الوضع تحت السيطرة”، وتصاعد الحملات الميدانية التي تشمل إغلاق المحال غير المرخصة ومنع الذبح العشوائي، وصولًا إلى فرض الحجر الصحي في بعض المناطق.
وفي الوقت ذاته، لا تزال أصوات الباعة تطالب بتنظيم عملهم الموسمي بدلًا من التضييق عليهم، في مشهد يعكس تعقيدات المعادلة بين الصحة العامة ولقمة العيش.

وقبل فترة قليلة، أعلنت وزارة الصحة العراقية تسجيل 73 إصابة مؤكدة بمرض الحمى النزفية خلال عام 2025، بينها 10 حالات وفاة.
ووفقاً لبيان لرسمي صادر عن الوزارة العراقية فقد سجلت محافظة ذي قار أعلى عدد من الإصابات بـ25 حالة دون وفيات، تلتها الرصافة في بغداد بـ9 إصابات، بينها وفاة واحدة.
وقال المتحدث باسم الوزارة، سيف البدر، إن “الوضع تحت السيطرة”، مشيراً إلى أن فرص الشفاء عالية عند الاكتشاف المبكر، بينما تتضاءل عند ظهور النزيف تحت الجلد”، مبيناً أن “معظم الإصابات تعود لجزارين، محذراً من خطر التعرض للدغات القراد”.
كما دعا المسؤول العراقي، إلى ارتداء ملابس وقائية، بينما نصحت الوزارة المواطنين بتجميد اللحوم جيداً وطهيها جيداً وارتداء القفازات أثناء التقطيع.
ارتفاع الإقبال على شراء الأضاحي في بغداد
ويقول أمير فلاح، أحد بائعي الأغنام في بغداد إن “ذبح الاغنام مستمر، ولا توجد أي مشاكل صحية تذكر”، مبيناً أن “الأغنام متوفرة بكثرة وسعرها مناسب، وهناك إقبال واسع هذا العام”.
ويضيف أن “أسعار الأضاحي تبدأ من 400 ألف دينار عراقي، وتصل إلى 500 وأحيانًا 600 ألف، وذلك حسب الحجم والسلالة”، مشيراً إلى أن “المخاوف من الحمى النزفية لم تؤثر على حركة البيع والشراء هذا الموسم”.
في حين، يقول عدد من المواطنين إنهم وجدوا أسعار الأضاحي هذا العام أكثر توازنًا مقارنة بالسنوات الماضية، ما أسهم في تنشيط السوق ورفع معدلات البيع في الأيام التي تسبق العيد، عازين هذا التحسن إلى وفرة المعروض من المواشي، وتكثيف الرقابة البيطرية، بالإضافة إلى الجهود التي تبذلها الجهات الصحية والبلدية لضمان سلامة الأضاحي وتسهيل عمليات الشراء للمواطنين.
رغم التعليمات الصارمة التي أصدرتها السلطات في عدد من المحافظات العراقية لمنع ذبح الأغنام في الشوارع والأماكن العامة، حفاظًا على الصحة العامة ومنع انتشار الأمراض، لا تزال العاصمة بغداد تشهد مشاهد الذبح العشوائي في الأزقة والساحات مع اقتراب عيد الأضحى، وسط عجز واضح عن فرض الانضباط وتنفيذ التعليمات.
وفي الوقت الذي تمكنت فيه محافظات مثل كركوك والمثنى من تفعيل قرارات المنع وتطبيق حملات ميدانية لإغلاق محال القصابة غير المرخصة ونقل المواشي خارج المدن، بدت بغداد كأنها خارج هذا السياق، إذ تنتشر الأكشاك العشوائية والذبح في الأرصفة والأسواق بشكل لافت، وسط صمت أو بطء في استجابة الجهات المعنية.
سلامة الأضاحي وخلوها من أي أمراض
يواصل المواطنون في العاصمة العراقية بغداد الإقبال على شراء الأضاحي وسط تأكيدات من الباعة والمشترين على سلامة الأغنام وخلوها من أي أمراض، بما في ذلك الحمى النزفية، التي أثيرت حولها مخاوف في الآونة الأخيرة.
وفي حديث لـ “سبوتنيك”، من أحد أسواق بيع المواشي، يقول حسين محمد جاسم، أحد باعة ومشتري الأغنام، إن “الأغنام سليمة 100%، ولا توجد أي مؤشرات على وجود حمى أو أمراض، نحن نتابع الحالة الصحية للحلال على مدار الساعة، من الفجر وحتى منتصف الليل، لو كان هناك خطر فعلي، نحن أول من سيتأثر لأننا نعيش مع هذه المواشي ولدينا عوائل نعيلها”.
ويتابع جاسم، قائلاً: “كل ما يُقال عن انتشار الحمى هو دعاية ومبالغات، المواطنين تقبل على الشراء، والضحية طبيعية وآمنة، ونحن لا نبيع إلا ما نأكله ونثق به”، لافتاً إلى أن “أسعار الأضاحي هذا العام تبدأ من 400 ألف دينار عراقي وتصل إلى 600 ألف، حسب حجم وسلالة الأضحية”.
ويشر إلى أن “الأسعار معقولة مقارنة بالسنوات الماضية، مع وجود طلب مرتفع من المواطنين”، مبيناً أن “المواشي مراقبة من قبل البيطريين، ولا يتم تداول أو بيع أي رأس من الغنم دون التأكد من حالته الصحية، حرصًا على صحة الناس وسلامتهم”.
يُذكر أن العراق سجل خلال العام الماضي 2024 ما مجموعه 178 إصابة بمرض الحمى النزفية، أسفرت عن 26 حالة وفاة، في مؤشر مقلق على تفشي المرض في عدد من المحافظات.

مناشدات بتنظيم عمل بائعة اللحوم في العراق
وفي هذا الصدد، يؤكد عدد من باعة الأغنام المنتشرين في شوارع العاصمة بغداد أن المواشي المعروضة للبيع بمناسبة عيد الأضحى خالية من أي أمراض، مشيرين إلى أنهم ملتزمون بالشروط الصحية والنظافة العامة رغم الصعوبات التي يواجهونها مع حملات البلدية المتكررة.
ويقول مهدي الشويلي، أحد بائعي الأغنام،: “نحن متواجدون في الشوارع منذ أيام، ونعرض الحلال الذي جلبناه من الفاتورة ومعه كتب رسمية تؤكد سلامته، لا توجد أي أعراض مرضية أو حمى، وكل شيء تحت السيطرة”.
ويوضح الشويلي أن “عدد رؤوس الأغنام المنتشرة في بعض الشوارع قد يصل إلى 300 رأس، وسط إقبال متفاوت من المواطنين”، مشيراً إلى أن “الأسعار هذا العام تبدأ من 200 ألف دينار عراقي وتصل إلى 500 ألف، حسب الحجم والسلالة”.
ويشير إلى أن “العديد من الباعة لا يملكون مصادر دخل أخرى، ويعتمدون على بيع الأضاحي كمورد رئيسي في هذه المناسبة، مضيفًا: “نحن مختصون بالحلال ولسنا عشوائيين، ونطلب فقط أن تُنظّم أعمالنا بدلًا من التضييق علينا”.
وتكثف الجهات البلدية والصحية حملاتها في الأيام التي سبقت العيد وخلال لضمان التزام باعة المواشي بالشروط البيئية والصحية، في وقت تتواصل فيه دعوات المواطنين للحفاظ على نظافة الأحياء وضمان سلامة الأضاحي.
وفي سياق الوقاية والحد من انتشاره، باشرت السلطات الصحية والرقابية في محافظات كركوك، البصرة، ذي قار، ومناطق أخرى، بتنفيذ حملات ميدانية تستهدف بؤر الأمراض الانتقالية، مع التركيز على المجازر العشوائية ومحال بيع اللحوم، بهدف الحد من المخاطر المرتبطة بسوء الذبح والتخزين، وتعزيز الرقابة الصحية على مصادر اللحوم.
ووسط هذه الأزمة، خرج مدير دائرة البيطرة في وزارة الزراعة، حبيب الخفاجي، مؤكداً أن الوزارة وزعت أدوية ومستلزمات وقائية على المستشفيات البيطرية في المحافظات، ضمن حملة وطنية لمكافحة الأمراض الوبائية.
ويقول أن الحملة المجانية لتغطيس الأغنام والماعز ورش الأبقار والجاموس بمضادات حشرة القراد مستمرة حتى نهاية نيسان، بمشاركة أكثر من 250 فرقة بيطرية، كما يشير إلى تفعيل الرقابة بالتعاون مع جهات حكومية لمنع الجزر العشوائي وتنقل الحيوانات من المناطق الموبوءة دون شهادة صحية، إضافة إلى حملات توعية لمربي المواشي حول الوقاية من الحمى النزفية.