د .محمد عبد المنعم صالح استشاري صحة البيئة والميكروبيولوجيا والصحة العامة يكتب : تغيير طبيعة الأرض يسبب إنتشار الأوبئة

توصل فريق بحثي دولي مختص بالصحة البيئية والأمراض المعدية إلي أن التغييرات في طبيعة سطح الأرض الناتجة عن النشاط البشري تؤدي إلي تغيير طبيعة إنتشار بعض الأمراض المعدية أو ظهور أمراض أخري وبائية مما يعرض حياة الأنسان والحيوان للخطر – جاء ذلك في تقرير نشر في مجلة أفاق الصحة البيئية environmental  health  perspectives

وقد أوضح التقرير أن النشاطات الإنسانية والتنموية ألتي تقوم بها الدول مثل شق الطرق وبناء السدود وتجفيف البرك وتقسيم الغابات أو تحجيمها بغرض توسيع المدن وزيادة رقعة الحضر تتيح الفرصة لعشرات من الأمراض المعدية كي تنتشر وتتحول الي أوبئة .

والأمثلة علي ذلك كثيرة ومنها الملاريا والايدز ومرض لايم و مرض جنون البقر والحمي الصفراء والكوليرا والأنفلونزا ومرض سارس وحمي الدنج وشتي أنواع الحمي النزفية .

كذلك أورد البحث أمثلة علي الأثار الناتجة عن تغيير طبيعة تربة الأرض ففي شمال شرق الولايات المتحدة يعتقد أن إزالة الغابات وزحف الحضر تسببا في تاكل التنوع الحيوي للكائنات الحية وأدي ذلك إلي ظهور مرض “لايم” وهو مرض بكتيري ينتشر غالبا عن طريق عضة من حشرة القراد ويؤدي إلي التهاب في المفاصل إذا لم يتم علاجه سريعا .

كذلك مرض “الإيدز” الذي يعزو الباحثون بداية ظهوره إلي إنتقاله من حيوانات الأحراش الإفريقية كالقردة إلي صائدي تلك الحيوانات حيث كانوا يتناولونها في الغذاء .ولعل شبكات الطرق التي شقت عبر كل أنحاء الغابات الإفريقية هي التي مكنت صائدي الحيوانات من الوصول إلي هذه القردة المريضة في أعماق الغابات ثم تحول المرض بعد ذلك إلي مرض يصيب القردة علي نطاق ضيق لم تسمع به البشرية من قبل إلي مأساة إنسانية مروعة ليس لها علاج .

وأدت الظاهرة المناخية المعروفة بإسم ” النينو” إلي تزايد معدل إحتراق الغابات مما أضطر خفافيش الفاكهة إلي ترك موطنها في تلك الغابات واللجوء إلي المزارع حيث نقلت الفيروس للخنازير والبشر مثل فيروس ” نيباه ” الذي كان سبق وظهر في ماليزيا و سنغافورة عام 1999 – نتيجة النشاط الأقتصادي البشري .

كذلك مرض ” سارس ” الذي أكد الدور السلبي للإنتقال بالطائرات في أنتشار جغرافي هائل للأمراض المعدية .

وقد ذكرت الدراسة أن المعرفة المتوافرة حتي الأن عن طبيعة إنتشار وأنماط حراك الأمراض المعدية محدودة للغاية كما أنه يستحيل التنبؤ بالوباء القادم أو مصدره أو طبيعته .

كل ذلك يؤكد ضرورة ربط النشاطات الأقتصادية المرتبطة بإستغلال تربة الأرض كالسياحة والزراعة أو غيرها بسياسات البيئة والصحة العامة – كما أوصت الدراسة بتكثيف الأبحاث حول الأثار السلبية الناتجة عن إزالة الغابات .هذه الأمور جميعها تضع حملا ثقيلا علي مؤتمرات المناخ التي يتوالي إنعقادها علي مر السنوات لتضع العالم أمام المخاطر التي يتعرض لها كوكب الأرض من جراء نشاطاته المختلفة والتي تهدد الحياة علي ظهر هذا الكوكب .

وصدق قول الحق في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم ” ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون. “صدق الله العظيم (سورة الروم -اية 41)                    والي مقالة قادمة باذن الله .

  E.mail : memosaleh0 @hotmail. Com

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى