أزمة الموردين تهز قطاع السيارات الأوروبي.. وصانعو “نجمة مرسيدس” في مهب الريح

صناعة السيارات، التي لطالما كانت رمزًا للنمو والابتكار الاقتصادي العالمي، تعيش اليوم أزمة غير مسبوقة تهدد وجودها. فالمنافسة بين التكنولوجيا التقليدية والسيارات الكهربائية أثقلت كاهل الموردين، وأسفرت عن خسائر فادحة في الوظائف وتصدعات خطيرة في سلاسل التوريد.

إفلاس شركات عريقة

من بين الضحايا شركة غيرهاردي كونستوفتيكنيك، التي تأسست عام 1796 ونجت من تحديات تاريخية كبرى مثل الحروب العالمية والكساد الاقتصادي. غير أن الأزمة الراهنة في قطاع السيارات الأوروبي أجبرتها على إعلان إفلاسها الشهر الماضي.

غيرهاردي، التي اشتهرت بصنع مكونات بلاستيكية مثل شارات النجمة المميزة لمرسيدس-بنز، كانت تمثل نموذجًا للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري لصناعة السيارات. ومع ارتفاع التكاليف وانخفاض الطلب، أصبح مصير 1500 موظف في مهب الريح.

تراجع الطلب يضرب الموردين

وفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ، يعاني الموردون من انخفاض مبيعات السيارات وصعوبة الانتقال إلى إنتاج السيارات الكهربائية. شركة فورفيا الفرنسية، المزودة لعمالقة الصناعة مثل فولكس فاغن وستيلانتيس، اضطرت إلى خفض آلاف الوظائف نتيجة التراجع في الطلب على المكونات التقليدية مثل أنظمة العادم وناقلات الحركة.

لكن الأزمة لم تقتصر على الموردين التقليديين، حيث تعاني الشركات المخصصة لتقنيات السيارات الكهربائية أيضًا من تخفيضات الدعم الحكومي وتراجع المبيعات. فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة نورثفولت السويدية إفلاسها في الولايات المتحدة، بينما تم تأجيل أو إلغاء 11 مشروعًا من أصل 16 مخططًا لإنشاء مصانع بطاريات في أوروبا.

خسائر عمالية واستثمارية ضخمة

تشير إحصائيات جمعية صناعة السيارات الأوروبية (CLEPA) إلى أن الموردين الأوروبيين شطبوا أكثر من 53,300 وظيفة في عام 2024، معظمها في ألمانيا. هذه الخسائر تجاوزت الأضرار التي خلفتها جائحة كورونا، مما يعكس عمق الأزمة التي تضرب القطاع.

وأوضح ماتياس زينك، رئيس الجمعية، أن الشركات استثمرت بكثافة لتلبية الطلب المتوقع على السيارات الكهربائية، لكن هذا الطلب لم يرتقِ إلى التوقعات.

تأثير شامل على القطاع

حتى الشركات الكبرى، مثل روبرت بوش، تواجه تحديات مالية حادة، مع توقع تحقيق 20% من موردي السيارات خسائر خلال العام المقبل. ويرى الخبراء، مثل أندرو بيرغباوم من شركة “أليكس بارتنرز”، أن صناعة السيارات أصبحت واحدة من أكثر القطاعات اضطرابًا على مستوى العالم، حيث تلجأ الشركات المصنعة إلى تباطؤ أو وقف الإنتاج، مما يسبب تداعيات خطيرة على سلاسل التوريد.

حلول للخروج من الأزمة

في ظل هذه التحديات، يدعو الخبراء إلى تقديم دعم أكبر للموردين الصغار، وتحفيز الاستثمار في التقنيات النظيفة، وإعادة صياغة استراتيجيات الإنتاج والتوريد لضمان استدامة القطاع.

رغم شدة الأزمة، تبقى صناعة السيارات أمام فرصة لإعادة ابتكار نفسها، لتتأقلم مع متغيرات السوق واحتياجات المستقبل في ظل التحول نحو السيارات الكهربائية والتقنيات النظيفة.

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع للدعم:

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى