الأقتصاد

صانع حقيبة نادية لطفي “المقاطعة” أعادت الحياة للصناعة المصرية

في حي البساتين بالعاصمة المصرية القاهرة، تقع ورشة، مجدي الأنصاري، أحد أقدم حرفيي المشغولات والمصنوعات الجلدية، الذي بدأ المهنة منذ ما يزيد على 40 عاما.‏وعندما التقته “سبوتنيك” كانت تعتلي وجهه ابتسامة، مستبشرا بالتوجه الجديد للمستهلك المصري في الإقبال على شراء المنتجات المحلية، بعد مقاطعة العديد من المواطنين للمنتجات الأجنبية، إثر تصاعد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ردا على عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حركة “حماس” الفلسطينية.“الحرفة أفضل من العمل الوظيفي”بدأت قصة مجدي الأنصاري مع حرفة منتجات الجلود، في ورشة والده، بستينيات القرن الماضي، والتي أكد أنه أعجب بها للغاية، عندما كان يرى الفنانة المصرية الراحلة، نادية لطفي، إلى جانب شخصيات شهيرة، وهم يزورون المحل لدى والده لكي يصنع لهم حقائب يد.

ويضيف متذكرا: “كان الزائرون يمنحونني بقشيشا، وعندما تخرجت التحقت بالعمل في وزارة التربية والتعليم، إلا أنني لم أتحمل العمل الوظيفي، وطلبت إجازة لمدة عام من دون راتب، وقررت السير على نهج والدي، بالاحتراف في صناعة الجلود”.وتابع الأنصاري: “كان والدي يعمل مع تجار وصناع إيطاليين في مصر، فذهبت إلى إيطاليا للعمل، وبدأت كمصمم للمنتجات المصنوعة من الجلود، وهناك تشبّعت بخبرة كبيرة، وعدت إلى مصر وأنا مصقل بأساليب التصميم والموديلات الحديثة، ولم يكن هناك وقتها علامات تجارية عالمية لصناعة المنتجات الجلدية”.

صانع حقيبة نادية لطفي يروي لـ"سبوتنيك" كيف أعادت "المقاطعة" الحياة للصناعة  المصرية... صور وفيديو - 07.11.2023, سبوتنيك عربي

الجلد الصناعي في مواجهة الطبيعيلكن يشير هنا إلى أن “سوق صناعة الجلد الطبيعي واجه ركودا، مع ظهور الجلد الصناعي، وفتح الدولة المصرية لباب الاستيراد، وعلى إثره بدأ الحرفيين الذين يعملون لدى والده في فتح ورش لتصنيع المنتجات من الجلود الصناعية، بينما أغلق أصحاب ورش الجلد الطبيعي أبوابها واتجهوا لفتح مكاتب استيراد المنتجات الجلدية المصنعة بالخارج”.ويوضح مجدي الأنصاري: “لقد كانت المنافسة مع المنتج المستورد مستحيلة، وهو ما ترتب عليه ركود سوق التصنيع في مصر، لكن من استطاع الصمود في النهاية هو الأصلح، وكذلك من تعلم الحرفة بصورة صحيحة، وأحب العمل بها، ولم تضطره الظروف لإغلاق ورشته، والعمل بمصنع أو ورش جلد صناعي أو بالاستيراد”.

عيوب الجلود الصناعيةأكد مجدي الأنصاري أن “انتشار ورش الجلد الصناعي أدى لانخفاض جودة المنتج، وذلك لأن الجميع كان يبحث عن التوفير والمكسب الكبير، فالحقيقة أن المنتج أصبح رديئا للغاية، ولا يرضي المستهلك الذي يبحث فقط عن السعر القليل، فالمنتج الجلدي يفسد منه قبل مرور شهور”.

المقاطعة والأمل في الطبقة المتوسطةأعرب مجدي الأنصاري عن تفاؤله بالطبقة المتوسطة في إحياء الإقبال على شراء منتجات الجلود الطبيعية من جديد، بعد رواج مقاطعة المنتجات الأمريكية والأوروبية في الوقت الحالي، وذلك لأنها تشكل “قوة كبيرا جدا”، وفق تعبيره.وفيما أشار إلى أن هناك طبقات أعلى لا تفكر في مقاطعة المنتجات الغربية، إلا أنه طالب بضرورة سير الغالبية خلف تشجيع المستهلك المصري لشراء منتج بلده، سواء في قطاعات المأكولات أو الملابس أو المنتجات الجلدية والصناعات اليدوية.

وشدد على أنه “في حال انقضاء فكرة مقاطعة المنتجات الغربية، فإنه يجب أن نشجع الصناعة المصرية المحلية، لأن من يعملون بها هم أبناؤنا وبناتنا”.

تماسيح وثعابينيعمل مجدي الأنصاري في جميع أنواع الجلود، لكن أكثر ما يثير الانتباه هو جلود التماسيح والثعبان التي يعمل بها، ويخزنها بورشته الصغيرة.ويقول: “لقد ارتفعت الأسعار جدا، إذ أن سعر متر جلد الثعبان كان يبدأ من 150 جنيها مصريا، لكم الآن أصبح يصل إلى آلاف جنيه للمتر الواحد”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى