عاجل

عام من الحرب الروسية على أوكرانيا.. واشنطن تفشل في إقناع حلفائها في الشرق الأوسط بالانحياز

في معرض دفاعي دولي كبير في الإمارات العربية المتحدة هذا الأسبوع، وفي زاوية بعيدة، تم تشييد هيكل أرجواني كبير يحمل اسم روسيا بعيدًا عن أنظار معظم الزوار.

يعد معرض الدفاع الدولي (آيدكس) الذي يقام كل سنتين في العاصمة الإماراتية أبوظبي أكبر معرض دفاعي في الشرق الأوسط، ويشارك فيه أكثر من 1300 عارض من 65 دولة.

ولكن ما يميزه عن غيره من معارض الأسلحة الكبرى هو المشاركون فيه. تشمل قائمة المدعوين مسؤولين عسكريين ومصنعين من دول ليست صديقة مع بعضها البعض. ويشارك في الحدث نفسه مندوبون من الصين والولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا والهند وباكستان وإسرائيل والدول العربية.

لكن لم يكن كل المشاركين يلتقون مع بعضهم البعض. ولم تكن أسماء الشركات الروسية الثماني في المعرض مدرجة في قائمة العارضين والخريطة التي تم تسليمها للزوار والصحفيين.

قال متحدث باسم IDEX لشبكة CNN إن الشركات يمكن أن تشارك “كشركات عارضة، بينما يمكن لآخرين المشاركة كعلامات تجارية تحت مظلة الشركات التابعة.. هذه ممارسة شائعة في صناعة المعارض.”

شاركت روسيا في المعرض من قبل، لكن حضورها هذا العام حساس بشكل خاص.

مع مرور عام على بدء روسيا حربها على أوكرانيا، يوضح عمل الإمارات المتوازن في “آيدكس” سياسة أوسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط من الحياد الرصين، فضلًا عن عدم قدرة الولايات المتحدة على التأثير على حلفائها في الشرق الأوسط للانضمام إلى المعسكر الغربي.

قال كريستيان أولريتشسن، أستاذ العلوم السياسية في معهد بيكر بجامعة “رايس” في هيوستن، تكساس، إنه “كان من الواضح منذ بداية الغزو الروسي قبل عام أن شركاء أمريكا الإقليميين في الشرق الأوسط… لن ينحازوا إلى أي طرف أو ينخرطوا في منافسة القوى العظمى والتنافس الاستراتيجي الذي أصبح أكثر صعوبة منذ عام 2022”. وأضاف: “لذا، إلى هذا الحد، فشلت الولايات المتحدة في إقناع شركائها الإقليميين بالانحياز إلى جانب معين”.

استفادت دول الخليج الغنية بالطاقة من ارتفاع الأسعار الناجم عن الحرب في أوكرانيا، والتي أضافت عشرات المليارات من الدولارات إلى خزائنها. وسجلت الدول الأعضاء الستة في مجلس التعاون الخليجي، والتي تضم المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر والبحرين، فوائض في الميزانية في عام 2022 لأول مرة منذ ثماني سنوات. كما سمح تحالف المملكة العربية السعودية مع روسيا في مجموعة “أوبك بلس” للنفط، بالسيطرة بشكل أفضل على أسعار النفط الخام العالمية، في تحد للولايات المتحدة.

في الإمارات العربية المتحدة، ازدهر سوق العقارات في دبي حيث توافد الروس على مركز الأعمال الإقليمي، وقاموا بشراء العقارات وتأسيس أعمال تجارية.

كما أصبح الروس أيضًا أكبر مشتري العقارات الأجانب في تركيا العام الماضي، وفقًا لما نقله موقع صحيفة “دايلي صباح” التركية عن بيانات معهد الإحصاء التركي.

غموض استراتيجي

قالت سينزيا بيانكو، زميلة باحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إنه “حتى الآن، من الواضح جدًا لهم (دول الشرق الأوسط) بعد مرور عام على عزل روسيا أن اختيار أحد الجانبين لن يكون في مصلحتهم ولذا فهم ما زالوا يرفضون بشدة القيام بذلك”.

وقالت في حدث استضافه منتدى الخليج الدولي إن معظم دول الخليج ظلت “غامضة” و”تعتز بهذا الغموض الاستراتيجي”. وأضافت أنهم كانوا “يتحوطون منذ اليوم الأول من الحرب”.

لكن الولايات المتحدة أشارت مؤخرًا إلى أن صبرها مع حلفائها بدأ ينفد، قائلة إن أيام التعامل مع كل من روسيا والغرب معا قد ولت.

عمدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تكثيف الضغط على شركائها في الشرق الأوسط للاختيار بين روسيا والغرب، خاصة الإمارات العربية المتحدة وتركيا.

وزار وفد من وزارة الخزانة الأمريكية كلا البلدين أواخر الشهر الماضي للتحذير من مساعدة روسيا في التهرب من العقوبات، مهددين بمنع وصولهما إلى أسواق مجموعة السبع بحال لم يمتثلا لذلك.

وقالت الإمارات عقب الزيارة إنها ناقشت مع شريكها الأمريكي إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإن “الحكومتين شهدتا تطورات كبيرة”.

بعد استقباله وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في أنقرة، الاثنين، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنه في حين أن حكومته لا تشارك في “عقوبات أحادية الجانب”، فإنها لن تسمح بانتهاك العقوبات الأمريكية والأوروبية عبر تركيا.

يوم الثلاثاء، أقر نائب وزير الخزانة والي أدييمو بأن البيانات الاقتصادية الروسية “تبدو أفضل مما توقعه الكثيرون في وقت مبكر من الصراع”، لكنه تعهد بمضاعفة الجهود لحمل الدول الأخرى على الامتثال للعقوبات المفروضة على روسيا.

وقال: “سنجبر أولئك الذين يفشلون في تنفيذ عقوباتنا وضوابط التصدير لدينا على الاختيار بين علاقاتهم الاقتصادية مع تحالفنا من البلدان – الذي يمثل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي للعالم – أو تقديم الدعم المادي لروسيا، وهو اقتصاد أصبح أكثر عزلة اليوم”.

من جهته، قال محمد باهارون، المدير العام لمركز دبي لبحوث السياسات العامة، لـCNN إن لغة الاستقطاب بين الغرب مقابل روسيا تمثل إشكالية و”خطيرة على المدى الطويل”.

ورأى أن “هناك جدار جديد يجري تشييده، وأعتقد أن هذه هي المشكلة الحقيقية”، مضيفا أن الضغط الأمريكي المتزايد على دول الخليج لن يساعد روسيا أو الولايات المتحدة أو الإمارات العربية المتحدة.

وتابع بالقول: “حتى الآن، كان موقف الإمارات والسعودية وغيرها هو إيجاد حل وسط وإيجاد جهود وساطة بين البلدين لإحلال السلام”.

قال أولريشسن من جامعة “رايس” إن الإمارات تراقب عن كثب على الأرجح التصريحات الأمريكية بشأن التهرب من العقوبات في حال تحولت إلى أفعال.

في معرض الدفاع بأبوظبي، كان الجناح الروسي مزدحما، حيث شوهد زوار يرتدون ملابس عربية تقليدية مهتمين بما تقدمه صناعة الأسلحة الروسية. تواصلت CNN مع وفود من ثلاث شركات روسية مختلفة، بالإضافة إلى أحد منظمي الجناح الروسي، لكن جميعهم رفضوا التحدث.

ومع ذلك، قالت Rosoboronexport ، وهي شركة تصنع الطائرات بدون طيار والصواريخ، في بيان صحفي الأسبوع الماضي إنها “مشغولة في وضع مقترحات لأشكال الشراكة التي قد تكون ذات أهمية فورية لدول الشرق الأوسط”. ونقل البيان عن مديرها العام الكسندر ميخيف قوله إن “دول الشرق الأوسط شركاء تقليديون ومهمون لروسيا”.

ومع ذلك، ألقت قالت سينزيا بيانكو، زميلة باحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، بظلال من الشك على اهتمام الشرق الأوسط بالأسلحة الروسية. وقالت: “لقد أصبح من الواضح في العديد من العواصم (الخليجية) أن الغزو الروسي لأوكرانيا كشف نقص الجودة في أداء الأسلحة الروسية، وانخفاض مستويات صناعة الدفاع الروسية”، مضيفة أن دول الخليج ستكون الآن أكثر اعتمادًا على دول الناتو في المشتريات الدفاعية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى