مقالات

هكذا الإنتماء الإنسانى والوطنى ….

بقلم / أحمد العش
فى منتصف تسعينيات القرن العشرين، ذهل العالم كله بسطوع ظاهرة بشرية أفريقية، زاحفة من إحدى أفقر بلدان العالم آنذاك، تحمل صفة لاعب كرة قدم من عيار ثقيل غير تقليدى، إنه جورج وايا نجم ليبيريا، وعظيمها الأوحد فى كل مجالاتها فى كل تاريخها ما قل أو كثر، وكنت شاهداً بأم عينى على موهبة هذا اللاعب، الذى حقق ألقابا قياسية لاتزال قاصرة عليه إلى يومنا هذا.

فى عام 1995م حصد جورج وايا على ثلاثية ذهبية ، جعلته منقطع القرين بين لاعبى العالم أجمعين، أحسن لاعب في أفريقيا والأحسن فى أوروبا كلها كأول لاعب غير أوروبى ، ثم أحسن لاعب في العالم باستفتاء الفيفا، كل هذا من أنياب أفضل لاعبى العالم وقتئذ، وفى أكبر دورى فى العالم حينذاك وهو الدورى الإيطالى، لما كان لاعباً كبيراً فى نادى إى سى ميلان ،،
وهو ذاته جورج وايا الذى يمثل ذكرى وشبحا أليما للمصريين ، لما أخرج منتخبها من تصفيات كأس العالم 1998م، بهدفه اللولبى الشهير على ملعب أكرا بغانا ،،،
أعلم أن كل ما سبق قد لا يشغل القارىء بشىء، لكن الأهم والأجدى هو الذى ينبع بين السطور التالية ،،،
اعتزل جورج وايا بعد رحلة متوجهة بالعطاء الكروى، مكللة بالذيوع الجماهيرى، مجملة بالرخاء المادى، فاتجه من تلقاء نفسه إلى إنشاء الجمعيات الخيرية فى بلاده، وما تعانيه من فقر مدقع وجهل موجع، باعثا روح الأمل فى نفس شعبه القابع تحت خطوط الفقر طولا وعرضا، فى كافة المناحى والفروع ،،،
خاض غمار الحياة السياسية كمرشح لرئاسة الجمهورية الليبيرية عام 2005م، ولما خسر عيرته إحدى الأحقاد البشرية بالأمية التعليمية، فمكث غير بعيد حتى ارتحل لأمريكا، حاصلاً على درجة الدكتوراه، مواصلا تطلعاته السياسية بنزعة العمل المجتمعى والتفاني الإنسانى ،،،،
طرق أبواب مجلس الشيوخ الليبيرى، معلنا عن كاريزمة سياسية من رحم أسطورة كروية، وفى نهاية عام 2017م صار أكبر شخصية فى ليبيريا كلها، بعد تنصيبه رئيساً لها ،،،
هذا هو جورج وايا أعظم لاعب إفريقي فى القرن العشرين وإلى يومنا هذا، الذى ولد نصرانياً ثم أسلم عشر سنين، ثم عاد للنصرانية مجدداً، ولست بصدد التحقيق فى تأرجحه العقدى، بل إن شاغلى الحق هو مثاليته على الصعيد الإنسانى والانتمائى، فلعل غيره يتذوق بصيص الشهرة، فيجوب البلاد مشرقاً ومغربا، متقلبا متلونا بجنسيات شتى هنا وهناك، متنصلا من دولة شديدة التواضع كليبيريا، مجهولة المعرفة فى أفريقيا، فما ظنك بوضعيتها بين دول العالم الأول ،،،
ذلك هو جورج وايا صاحب النقلة النوعية فى مسار بلاده على كل صعيد، من نقطة متناهية الصفر إلى الرفعة والفخر، وهؤلاء هم لاعبى مصر أصحاب الملايين النقدية، أصحاب العقيدة النرجسية، أصحاب الأخلاق الدنية، أصحاب المساومات الوصولية، أصحاب العلاقات النسائية إلا من رحم ربي !!!!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى