الأقتصاد

واشنطن بوست: ألمانيا لم تتعلم من تاريخها واليونان تدفع الثمن

مع اقتراب الموعد النهائي لكي تتوصل اليونان لاتفاق مع دائنيها، أو تواجه الإفلاس، يتهم اليونانيون وأنصارهم، ألمانيا مقرضهم الأكبر بالنفاق، إذ بعد كل شيء أعفى مقرضو ألمانيا، من نصف ديونها، في عام ١٩٥٣، كي تتمكن الجمهورية الوليدة من التعافي بعد الحرب الألمانية التي شنَّتْ ضد أولئك المقرضين، ولكي ينتعش اقتصادها. يونانيون غاضبون من الأزمة[/caption]

ولكن ألمانيا، التي تصر على التزام اليونان بجميع الشروط من أجل تسديد الديون، يمكن أن تدعي أي شيء، سوى كونها تتبع سياسة حافلة بالنفاق والرياء، وفقاً صحيفة واشنطن بوست.

وإذا عدنا إلى ما كانت عليه ألمانيا عام ١٩٣٠، سنجد أن حكومتها التي كانت مؤلفة من ائتلاف من أحزاب الوسط بزعامة المستشار هينريك برونينغ، أصرت على موازنة ميزانيتها من أجل إقناع دائنيها- الدول التي كانت تدفع لها أموالاً كتعويض عن الحرب العالمية الأولى- بأنها مدين أهل للثقة ويتحمل مسؤولياته.

وعلى أمل أن تستجيب الدول الدائنة عبر إعفائها من تلك التعويضات، قلص برونينغ الخدمات الاجتماعية والإنفاق.

وسار على طريق الاستقامة المالية رغم وصول معدلات البطالة لمستويات قياسية، وهي نفس السياسة، في ظل حالة ركود مماثلة، التي تطالب فيها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليونان بتطبيقها.

نتيجة مؤسفة
ولكن، برأي الصحيفة، كان لسياسة برونينغ نتيجة مؤسفة، فمع تردي الحالة الاقتصادية وتعمق الركود، واصلت الأحزاب الألمانية الوسطية وحتى الديمقراطية الاجتماعية الإصرار على تطبيق سياسة تقشف شديد، مما دفع الناخبين للتخلي عن أحزاب الوسط، والاتجاه نحو الأحزاب المتطرفة في انتخابات عام ١٩٣٢، وعلى الفور وصل أحد أولئك الزعماء المتطرفين إلى السلطة، وكان اسمه أدولف هتلر.

وقالت واشنطن بوست، إن أبرز ألغاز هذا الزمن يحكي تجربة ألمانيا المميزة في العقود الأخيرة في فهم وتقبل مسؤوليتها عن فظائع العهد النازي، في حين واصلت تجاهل أخطاء السياسة الاقتصادية التي مهدت الطريق لوصول النازية إلى السلطة.

تعويضات متعبة
وتابعت الصحيفة “قد يتراءى للمرء أن الألمان تعلموا شيئاً من كتاب (النتائج الاقتصادية للسلام)، الذي نشره جون مينارد كينيس عام ١٩٢٠، وتوقع فيه أن تكون التعويضات المرهقة التي فرضت على ألمانيا وفق معاهدة فرساي، غير مستدامة، وتحمل مخاطر سياسية على مستقبل الديموقراطية الألمانية”.

كما قد يتصور البعض أنهم تعلموا من سقوطهم في بئر النازية، أنه عندما تسجل البطالة أرقاماً قياسية، يمكن أن تقضي على قابلية بقاء الديمقراطية، وقد يظن البعض أنهم تعلموا درساً من اتفاقية الديون التي وقعت في لندن عام ١٩٥٣، والتي تشير إلى أن الإعفاء من الديون ووضع شروط تسديد معقولة يمكن أن يدعم الازدهار ويعزز الديمقراطية لدى الدولة الدائنة، وهي في هذه الحالة ألمانيا.

بلا عبر
ولفتت الصحيفة إلى أن الألمان لم يتعلموا أي من تلك الدروس، ويبدو ذلك واضحاً بالنسبة لليونانيين، فإن إصرار ألمانيا على مواصلة اليونان تقليص حجم الاستثمار في الخدمات الاجتماعية وسواها، وحتى عند وصول معدلات البطالة لأكثر من ٢٥٪، وفي ظل عيش ٤٠٪ من الأطفال اليونانيين في حالة فقر، ورغم بروز مفاجئ لحزب نازي جديد (الفجر الذهبي)، الذي حصد مقعدين في البرلمان اليوناني، إن كل ذلك يشير إلى حاجة ألمانيا للاعتبار من دروس الماضي.

وبالرغم من تاريخ بطولي من الديمقراطية المتقدمة، وبناء اقتصاد منصف ونشط على نحو استثنائي، للألمان الديمقراطيين الاجتماعيين أيضاً، تاريخ حافل في إخضاع عقيدتهم الديمقراطية الاجتماعية لأسلوبهم الألماني المتشدد، في بعض الأوقات الصعبة، إذ فعلوا ذلك عندما صوت وفدهم البرلماني للدخول في حرب عام ١٩١٤، وعندما انصاعوا لجنون برونينغ الاقتصادي عام ١٩٣٠، وعند انضمامهم الآن إلى جوقة ميركل بفرض مطالب تعجيزية على اليونان.

وختمت واشنطن بوست رأيها بأن ألمانيا تحملت أعباء تاريخها، لكنها لم تتعلم، واليوم على حساب اليونان، ما يكفي من تاريخها لأن تكون قوة اقتصادية مسؤولة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى