السياسة

إثيوبيا تعانق الاستقرار السياسي قليلاً –

كتب احمد سلهوب

دخلت إثيوبيا مرحلة سياسة جديدة توّجت بوصول السياسي المسلم أبي أحمد لرئاسة الوزراء خلفاً لهايلي ماريام ديسالين، الذي استقال جراء احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه، سقط خلالها جرحى وقتلى بداية فبراير الماضي.

صعود أول مسلم إثيوبي ذي خلفية عسكرية لسدة الحكم له دلالات سياسية في المقام الأول، الغرض منها احتواء تظاهرات تندلع من حين لآخر في منطقة أوروميا المسلمة القريبة جغرافيا من العاصمة أديس أبابا بدعوى التهميش الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
احمد سلهوب
احمد سلهوب
ثانياً، أن إثيوبيا تمر بمرحلة حرجة على الصعيد الوطني وهي قضية سد النهضة التي بدأت نواته الأولى عام 2011 مستغلة تخبّط المشهد السياسي في مصر، ودخل السد مراحله الأخيرة من حيث البناء والتشغيل.
وبمعنى أكثر دقة ووضوحاً تحرص بلاد الحبشة على اللُّحمة الوطنية في الوقت الحالي والوقوف في صف وطني واحد لإنجاح المشروع وامتصاص حالة الغضب التي تضرب البلاد من فترة لأخرى وغلق الباب أمام منظمات ودول تندد بالوضع الداخلي للبلاد.
وهي تريد أيضاً كسب ودّ وتعاطف المجتمع الدولي معها في خلافها مع مصر دولة المصبّ.
وفي غضون ذلك دعت الحكومة الإثيوبية مواطنيها إلى التبرع لاستكمال بناء سد الألفية أو النهضة، وأطلق البنك المركزي الإثيوبي، بالتعاون مع مكتب تنسيق ودعم سد النهضة الإثيوبي برنامج “أسبوع السندات”، لبيع السندات المالية، بكل فروعها في البلاد، من أجل دعم تمويل السد لمدة أسبوع كامل، بدأ في 15 مارس/آذار.
وتلك الخطوات لا يكتب لها النجاح في ظل القمع والتنكيل بل في ظل الاستقرار السياسي والدفع بشخصية تطفئ النيران في مهدها.
كما أن العالم ينظر لإثيوبيا كقوة اقتصادية ناشئة، حيث تعتزم حكومة البلاد تصدير فائض الكهرباء إليها لدول الجوار، واستغلال العائد في مشروعات تنموية، رغم الفقر المدقع الذي يحل ضيفاً على مناطق كثيرة فيها. ولا نستطيع الجزم بأن حالة الاستقرار السياسي التي تحاول حكومة أبي أحمد ترسيخها ستستمر طويلاً أم ستكون مرحلة عابرة، لكون الجبهة الشعبية الديمقراطية الثورية الإثيوبية الحاكمة منذ عام 1991 حتى وقتنا الراهن تسيطر عليها القوميات الأقل عدداً في البلاد، ولكونها أيضاً تأسست على أساس عرقي ومناطقي وهي خليط من الحركات المسلحة التي أطاحت بالرئيس منغيستو هايلي ماريام، وتولى مخلب القط الأمريكي ميليس زيناوي هرم السلطة بعدها لحين وفاته عام 2012.
فالأورومو التي تشكل الأغلبية العظمى تمثل 39% من سكان الدولة و70% منها مسلمون، ويبلغ عددهم نحو 40 مليوناً من أصل 100 مليون نسمة، وهو عدد سكان البلاد مهمشون سياسياً، وسعت الحكومة لقضم منطقتهم المحيطة بالعاصمة بحجة توسيعها. أما الأمهره فهم مجموعة عرقية تعيش في وسط مرتفعات إثيوبيا وتعدادهم نحو 23 مليون نسمة، و85% منهم مسيحيون، و15% مسلمون، وتمثل 25% من إجمالي سكان البلاد متعددة الأعراق والقوميات، في حين تهيمن قبيلة التيغراي التي تشكّل نحو 5% فقط من السكان على مقاليد الحكم الحقيقية في البلاد.
وبالنظر إلى ما سبق يمكن القول إن الأيام القادمة ستظهر مدى قدرة الحاكم المسلم على التحكم في خيوط اللعبة في بلاده، أم أنه سيكون مجرد واجهة فقط ومن خلف الأبواب تتحكم الجبهة الثورية في مجريات الأحداث السياسية في البلاد، خاصة أن الولايات المتحدة تعتبر الجبهة الحاكمة ركيزة أساسية في محاربة الإرهاب بالقرن الإفريقي وكان لها الفضل في إسقاط نظام حكم المحاكم الإسلامية عام 2006 في الصومال، وأعتقد أنها لاتزال تنشط استخباراتياً لتعقب مسلحي حركة الشباب الصومالية التي تنفذ هجمات في ربوع مختلفة من البلاد استجابة للبيت الأبيض.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى