عاجل

الأسد يلتهم “بيت جن” آخر معاقل الغوطة الغربية

بدأت الجمعة عمليات إجلاء مسلحي الغوطة الغربية وأسرهم، من ريف دمشق الجنوبي الغربي إلى محافظتي إدلب ودرعا، وذلك في إطار اتفاق قالت مصادر محلية إنه تم التوصل إليه مطلع الأسبوع الحالي، بين ضباط من قوات الأسد والأهالي في تجمع “بيت جن” التابع لغوطة دمشق الغربية.

المصادر ذاتها قالت إن الاتفاق جاء في ختام حملة عسكرية شرسة، شنها النظام السوري وحلفاؤه (من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني) على الفصائل المسلحة في تلك المناطق، استمرت أكثر من ثلاثة أشهر.

وأكدت مواقع إخبارية ومصادر محلية مطلعة، أن الاتفاق الذي أنجزه وفد أهالي تجمع “بيت جن” وضباط الأسد والمليشيات الحليفة، يشمل وقفاً كاملاً لإطلاق النار في المنطقة، والتزام الطرفين بعدم استقدام أي تعزيزات، إضافة إلى انسحاب مقاتلي المعارضة.

ونص الاتفاق أيضاً على إجلاء مقاتلي هيئة “تحرير الشام ” البالغ عدهم نحو 150 شخصاً، بسلاحهم الخفيف وعائلاتهم، إلى مدينة إدلب اعتباراً من صباح اليوم الجمعة.

كما شمل، وفق المصادر ذاتها، تسليم سلاح فصائل “اتحاد قوات جبل الشيخ” إلى قوات النظام، وإجلاء مقاتلي الجيش الحر وعائلاتهم، ومن يرغب بالخروج من البلدات المحاذية للبلدة، باتجاه محافظتي درعا والقنيطرة، وتسوية أوضاع من يرغب بالبقاء في تجمع “بيت جن” وتسليم سلاحه.

ويرى ناشطون وحقوقيون أن عمليات الترحيل هذه -إن جرت فعلاً- فهي تدخل في إطار عمليات التطهير الديموغرافي، الذي تسعى إليه قوات النظام والمليشيات الطائفية الإيرانية واللبنانية المتحالفة معها.

ويتهم ناشطون قوات النظام وحلفاءه بمحاولة السيطرة على عدد من المناطق السورية؛ بهدف توطين بعض الطوائف الحليفة على حساب سكان تلك المناطق الأصليين.

ومن المقرر أن يستمر إجلاء المسلحين وعائلاتهم ثلاثة أيام، يتم خلالها نقلهم من تجمع قرى “بيت جن” في ريف دمشق الجنوبي الغربي، إلى “إدلب” شمالاً ودرعا جنوباً والقنيطرة غرباً.

ويشير الناشط “أبو معاذ الشامي” إلى أن عملية الترحيل “تأتي في إطار اتفاقية فرضها النظام السوري، وذلك بعد تمكنه من السيطرة على المنطقة كاملة، بعيد معارك ضارية استمرت نحو ثلاثة أشهر”.

ومنطقة تجمع “بيت جن” وما حولها عاشت حصاراً خانقاً، فرضه النظام والمليشيات الطائفية، استمر عدة سنوات، وترافق مع قصف شبه يومي بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة؛ ما تسبب بدمار شبه كامل للمنازل والمرافق، وتردٍ للخدمات الصحية والمعيشية.

وأشار إلى أن “الفصائل المسلحة في المنطقة الجنوبية (درعا والقنيطرة)، حاولت رفع الحصار في بيت جن والقرى المحيطة بها، من خلال فتح معارك ضد قوات النظام انطلاقاً من ريف القنيطرة الشمالي، لكنها لم تفلح بسبب وعورة المنطقة الفاصلة، والوجود العسكري الكبير لقوات النظام ومعاونيه”.

الخبير العسكري “أبو عبد الله الحوراني”، أكد بدوره أنهم في ريف دمشق الغربي “دافعوا عن المنطقة بشكل مستميت، لكن ميزان القوى في العدة والعتاد كان لمصلحة قوات النظام والمليشيات الطائفية التي جندت كل إمكانياتها العسكرية، وقطعت كل طرق التعزيزات والإمداد القادمة للغوطة الغربية من درعا والقنيطرة”.

ولفت إلى أن قوات نظام الأسد والمليشيات الطائفية المتحالفة معها، وضعت كامل ثقلها العسكري في ريف دمشق الغربي، واستبقت حملتها العسكرية بقصف جوي، وذلك بعد انحسار المعارك في عدد من المناطق السورية.

وأوضح الحوراني أن تلك القوات سعت جاهدة إلى تحقيق السيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية والمهمة، والوصول إلى خطوط الدفاع الأولى للثوار، الممتدة على مسافة عشرة كيلومترات من بلدة “كفر حور” شمالاً، وصولاً إلى بلدة “مغر المير” جنوباً، على أطراف “مزرعة بيت جن”.

ولفت  إلى أن “السيطرة على ريف دمشق الجنوبي الغربي ستمكن مليشيات إيران و”حزب الله” (التي تقاتل في سوريا) من تحقيق أهدافها المبيتة في تنفيذ تغيير ديموغرافي في المنطقة المذكورة”.

وأضاف الفرحان: “سيمكنها (الاتفاق) أيضاً من الوصول إلى حدود الجولان المحتل من قبل إسرائيل، والسيطرة على كامل الحدود السورية اللبنانية؛ وهو ما كانت تسعى إليه دائماً”.

وأعرب عن اعتقاده بأن تكون وجهة قوات النظام القادمة ريف القنيطرة الخاضع لسلطة المعارضة، ومناطق ما يعرف “بمثلث الموت”، لا سيما “تل الحارة الاستراتيجي” شمال غربي درعا، وبعض المناطق والمرتفعات المجاورة.

ويستند الفرحان في اعتقاده إلى التعزيزات الكبيرة من قوات النظام والمليشيات الطائفية، التي وصلت مناطق مثلث الموت منذ أواخر الشهر الماضي، وتمركزت في مواقع “جدية” و”الصنمين” في ريف درعا الشمالي، في حين وصل قسم منها إلى مدينة درعا، وبعض مناطق وجود النظام المجاورة.

وأكد أن فصائل المنطقة الجنوبية العاملة في ريفي درعا والقنيطرة، تراقب تحركات النظام والمليشيات المتحالفة معه وتعزيزاتهما عن كثب، مشيراً إلى أنها “مستعدة لدحرهما، إذا حاولوا التقدم باتجاه مناطق سيطرتها”.

وأضاف الفرحان أن هذه المنطقة “ستبقى بؤرة للاستهداف والقتال، بين تلك المليشيات الطائفية من جهة، وبين الكيان الصهيوني (الإسرائيلي)، الذي بات يستشرف الخطر الإيراني الحقيقي، بعد وصول تلك المليشيات إلى حدود الجولان المحتل”.

واعتبر أن الخطر الإسرائيلي تفسره “الضربات الاستباقية”، التي نفذتها طائرات الاحتلال خلال الأيام القليلة الماضية، لبعض المواقع العسكرية في ريف دمشق.

لكن مصادر عسكرية محلية أفادت بوجود اتفاق (روسي –إسرائيلي)، يتعلق بوضع “بيت جن”، تقوم خلاله إسرائيل بالضغط على فصائل المعارضة للانسحاب، وتسليم المنطقة للنظام، مقابل أن تضمن روسيا عدم دخول مليشيات “حزب الله” ومليشيات إيرانية إليها.

كما أن إسرائيل تضمن عدم دخول فصائل الجيش السوري الحر إلى بلدة “حضر” الدرزية، أو محاولة استعادة بلدة “بيت جن” من جديد.

و”بيت جن” تقع في القسم الشرقي من “جبل الشيخ” أو جبل “حرمون” المطل على بلدة شبعا اللبنانية، وتعتبر نقطة وصل مهمة بين طرقات ومنافذ الإمداد لفصائل الجيش الحر، لا سيما بين ريفي دمشق الغربي والقنيطرة الشمالي، وصولاً إلى ريف درعا الشمالي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى