الأهواز المنسية من أجندة العرب – بقلم – أحمد سلهوب
أهملت الدبلوماسية العربية طوال عقود طويلة مضت، خاصة الخليجية منها، قضية الشعب العربي بالأهواز، وهي منطقة عربية تقع شمال غرب إيران تطل على الخليج العربي، احتلتها طهران بتواطؤ من إنجلترا في حقبة نظام الشاه عام 1925.
وقبل أن نخوض في ذكر تفاصيل الأهواز، نقول إن إيران تلك الدولة ذات المساحة الشاسعة نسبياً تضم العديد من الأقليات والإثنيات العرقية على أراضيها، منهم على سبيل الذكر: الأكراد والتركمان والبلوش والعرب وغيرهم.
فالسيطرة على الأهواز التي تبلغ مساحتها تقريباً 160 ألف كيلومتر مربع بعد تقطيع أوصالها وضم أجزاء منها إلى محافظات أخرى، أفسح المجال لقادة الفرس للإطلالة على مياه الخليج العربي الدافئة، ومشاركة دول المنطقة الحدود البحرية، ما نجم عنه نزاعات حدودية، مثلما هو الحال في قضية جزر الإمارات وشط العرب التي وصلت إلى صدام مسلح بين بغداد وطهران، امتد من عام 1980 إلى 1988.
ولكن إيران ما بعد الثورة الإسلامية عام 1979 اتبعت سياسة العقاب الجماعي ضد القوميات على أراضيها، فعمدت مثلاً إلى طمس الهوية العربية في منطقة الأهواز البالغ عدد سكانها 7 ملايين شخص، وإطلاق أسماء فارسية على بلدات عربية بُغية تغير واقعها وجغرافيتها المتعارف عليها منذ الأزل، كل ذلك وسط صمت دولي مُخزٍ.
كما اتخذت إيران المعروفة بدولة فارس ما قبل عام 1935، سلسلة إجراءات عقابية رادعة لكل من تسوّل له نفسه أن يطالب بالاستقلال، وصلت لارتكاب مجازر وحشية من قبل نظام الخميني وذلك بعد أشهر قليلة من انتصار الثورة التي أسقطت الشاه، منها أحداث “الأربعاء الأسود” أو ما يُعرف بأحداث المحمرة التي وقعت في التاسع من مايو 1979، راح ضحيتها عدد كبير من المواطنين العرب.
وبالنظر إلى ما سبق نقول إن الحضور العربي الضعيف لمناصرة قضية عرب إيران، دفع نظام الملالي إلى أن يستنفد أيضاً الموارد الاقتصادية لتلك البقعة الغنية بالنفط والذي يمثل حوالي 85% من إجمالي إنتاج إيران لهذا القطاع الحيوي، فضلاً عن نهر كارون التي عمدت الدولة لتجفيفه وتحويل مجراه المائي إلى وجهة أخرى، لتصاب المنطقة العربية في إيران بحالة من الفقر والتشظي والهجرة.
وعلى الدول العربية، خاصة دول الخليج، أن تستخدم قوتها الناعمة -كالإعلام مثلاً- لتسليط الضوء عن المضايقات التي تتعرض لها القوميات في المحافل الدولية، وتدعيمها عبر عقد المؤتمرات والندوات الثقافية للحيلولة دون تفاقم دور إيران، وإحراجها في المؤسسات الدولية كمنظمات حقوق الإنسان، وأخذ التوصيات والبيانات الصادرة عن تلك المنظمات ومناقشتها وعرضها.
وفي الختام نشير إلى أن آخر حاكم للأهواز هو الشيخ خزعل الكعبي المنحدر من أصول عربية، والذي أُرغم على ترك الحكم، وعلى الأجيال المتعاقبة له وتحديداً الحالية منها في دول المهجر الأوروبي أن يقصدوا مؤسسات الحكم العربية بشكل لافت، وأن يستغلوا حالة الصدام الحاصل بين إيران والغرب الآن وأمريكا حول برنامجها النووي لإيصال صوتهم وقضيتهم، مستعينة بالدول العربية التي انضمت إلى منظمة حقوق الإنسان في سويسرا.