مقالات

₪ شكليات بائسة .. يكتبها – اشرف الفراني

بدأت في أوائل السبعينيات خطة ممنهجة وممولة من دول البترودولار الخليجية لنشر “المذهب الوهابي” في كل البلدان ، وخاصة مصر ودول شمال البحر المتوسط ، واستغلوا الفرصة الذهبية ، عندما أطلق السادات “سامحه الله” أيدي تيارات الإسلام السياسي في السبعينيات بالتحكم والتلاعب بالهُوية المصرية ومقدرات وقيم المجتمع المصري ، وتغيير بل تشويه “الديسك” الإجتماعي والثقافي والفكري والفني والتعليمي بل والاقتصادي للمجتمع -حتي وصلنا إلي ما وصلنا اليه من تدهور وانحطاط وإسفاف.

اشرف الفراني

وكان ذلك تدميراً متعمداً لآخر ما ورثه المصريون من العصر الليبرالي الذهبي الوطني التنويري ١٨٥٠-١٩٥٠ مدفوعا بزخم ثورة يوليو ١٩٥٢ بكل اهدافها وتحيزاتها ، والتي حوربت من الراديكاليين ومن كل اتجاه ، وحولوه من مجتمع رائد وعقلاني ومبدع ومنتج إلي مجتمع ناقل ومقلد ومتلقي وسطحي ومستهلك حتي للفكر والفن ، ناهيك عن تفكيك وبيع وخصخصة القلعة الصناعية الناصرية في عهدَي السادات ومبارك تباعاً وتغيير أنماط السلوك والتفكير المجتمعي من مجتمع النخبة والتميز والقيادة “عمدة الطبقة الوسطي” ، وتحويلها إلي الطبقة الدُنيا المنقادة والمهمشة والمنسية والتابعة “.

هذا المذهب الوهابي الذي يتنصلون منه الآن في بلدانهم” نجحوا بسبب نشره في مصر عن طريق تجار الدين وعملاء المذاهب في “قتل الفن والفكر والإبداع الحقيقي في مصر” لتسهييل عملية قتل العقل النقدي المصري المبدع بكل انفعالاته وطموحه وحيويته ، واستبدال المكانة الريادية بنفوذ المال ، ذلك بتدشين “أكبر عملية نصب” باسم الدين في تاريخنا ، وتكفير كل مظاهر الفن والتفكير والإبداع والعلم والتعددية ، حتي يسهل عليهم السيطرة علي المجتمع الجاهل بمقتضي السمع والطاعة العمياء وفرض سطوتهم ، التي لم نجن حالياً بسببها إلا كل هذا الجهل والتخلف والضعف والرجعية والدم .

وللأسف قد بدأوا في مطلع الثمانينيات بشراء جميع دور السينما والمسارح عن طريق مافيا العقارات التابعة لهم والممولة منهم ، والتي انتشرت في ربوع الجمهورية تشتري أي عقار لدار عرض سينمائي وتحوله لبرج أو مول تجاري يحمل عنوانا متأسلماً ، حتي اسماء الشوارع والمؤسسات والمحلات الكبيرة والصغيرة لم تسلم من تشويههم لها ، والتي كانت تحمل اسماء رموز الحركة الوطنية والأدبية والعلمية لمصر وتسجل تاريخها وهويتها الجامعة ، تم تغييرها وخاصة ما يحمل اسم “ناصر” ذلك لاجتماع العداوتين عداوة السعودية والسادات لكل ما يمثل المرحلة الناصرية آنذاك ، في محاولات مستميته نجحوا فيها للأسف “لأسلمة شكلية” وتشويه المجتمع المصري وطبعه بهوية علي غير هويته المصرية الجامعة لكل مكوناته الإسلامية والعروبية والتي تمثل الاسلام الوسطي ، ذو المزاج المتدين المعتدل ، وزرعوا فينا التعصب والتشدد البائسين ، حتي مدينة دكرنس لم تسلم من هذه الخطة ، وكان بها دار سينما ومسرح مهيب.

وكان أمامها قطعة أرض فضاء ، تم بناء مسجد بجوار السينما ، وكان من الممكن بنائه في أي مكان آخر ، لكنهم أصروا علي هذا المكان “المحشور” بين البيوت لإحراج أصحاب السينما ومضايقتهم بتلاكيك العامة والدهماء ، ووضعهم في مأذق نفسي مع إيمانهم ، مما اضطرتهم كل تلك الضغوط المقصودة -في ظني- إلي إيقاف نشاط دار السينما مدة طويلة من الزمن قبل إلغائه ، وتحويلها لقاعات أفراح مغلقة وكاتمة للصوت .. كما كتموا صوت كل شئ جميل وحر في مصر ، حتي ساد فكر التسلط والاستبداد ، وامتلأت الساحة السياسية والفكرية بالمتخلفين والجهلاء والمخوخين عقلياً والمخربين نفسياً ، وللأسف يقدمهم البعض حالياً علي اعتبار أنهم رموزاً نابهة ورائدة للمجتمع المصري

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى