مقالات

ما بين استقالة الوزير ومؤخرة “لوبز” ومنع “زين لي فيك” … بقلم – احمد مدياني … كاتب مغربي

ما بين استقالة الوزير ومؤخرة “لوبز” ومنع “زين لي فيك”

أحمد مدياني
أحمد مدياني
بقلم – احمد مدياني … كاتب مغربي

من باب الحمق مطالبة وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، بالاستقالة من منصبه بسبب تزيين مؤخرة المغنية “جينيفر لوبيز” لسهرة حية على القناة الثانية، وظهور مؤخرات تتمايل على أنغام أغانيها تحيط بها من كل جانب. لكن من باب الإنصاف، مطالبة الوزير بتوضيح مهامه، ووضعه في زاوية ضيقة عن سبق إصرار وترصد، أمام استعمال عبارات فضفاضة من قبيل “سيادة الأمة، والمس بصورة المغرب، والإساءة الأخلاقية الجسيمة للقيم وللمرأة المغربية”. وكأن العبارات ذاتها لا تستقيم ولا تتناسب مع مشاهد رقص “لوبيز” فوق خشبة “السويسي” على إيقاعات موازين، من منطلق فكر وزير الاتصال وعشيرته.
قد يأخذنا الحماس الزائد، بسبب الجرعة الزائدة من “البورباغندا” التي أصبحت توفرها مواقع التواصل الاجتماعي فوق طبق من ذهب، لرصد وتتبع كل كبيرة وصغيرة، والهتاف بقطف رؤوس أينعت منذ مدة، بعد أن أظهرت فشلها في معالجة أطنان من الملفات والمطالب المجتمعية الملحة. ولأن ما يهز “مشاعر الأمة” ليس مشهد طفل رضيع يموت أمام باب مستشفى، أو عشرات القرى المغربيةالتي تعاني الجوع والفقر.. بل ما يهزها يوجد بين الأفخاذ، وقع وزير الاتصال في شر مبرراته التي صاغها لمنع عرض فيلم “زين لي فيك”، مبررات تلاشت أمام المؤخرات الأجنبية، بعد أن استأسد بها (المبررات) الوزير الخليفي أمام المؤخرات الوطنية.
من يقرأ بلاغ الأمانة العام لحزب العدالة والتنمية، وكيف صاغت “عبارات الاحتجاج” على بث “حفل راقص” دون ذكر مناسبة عرضه، ومن يحتضنه، ومن يوفر له ما لا يوفر لأعرق المهرجانات المغربية، سوف يفهم بقليل من الحكمة، أن ما بين الوزير وحزبه، ومؤخرة “لوبيز”، ومؤخرات فيلم “زين لي فيك”، شعرة رفيعة، نقشت فوقها “حدود ما يباح الاحتجاج عليه ومنعه صراحة، وما يجب الدفع بشره وخيره”. ذكر الحفل الراقص الذي أصبح “كابوس” الحكومة جاء بصيغة يخال إليك، وكأن طاقم القناة الثانية “دوزيم” كان يتجول بين أزقة الرباط، فجأة لمح تجمعا بشريا هائلا، أثار الحشد فضول الطاقم، سأل بعضهم عن المناسبة، قيل لهم “إن أهل الرباط ساهموا بالقليل والكثير لاستقطاب مغنية عالمية”. ولأن الطاقة لم يكن خارجا في مهمة رسمية كما يوحي إليك البلاغ، قرر للطف عناصره، التطوع ونقل الحفل مباشرة على الشاشة الصغيرة، حفل دام أزيد من ساعة، ويبدو أن جميع أعضاء حزب “المصباح” ناموا يومها باكرا، ولم يحرك أحدهم هاتفه لتنبه الوزير، والتدخل كما فعل يوما عند قناة “الجزيرة” لمنع نقل ندوة لجماعة “العدل والإحسان”.
الرقص والفن لا حدود لهما، أنا بدوري أعشق الرقص، خاصة التعبيري منه، مارسته ونلت أكثر من مرة جوائز عن تصميم رقصات تعبيرية داخل مخيماتنا الصيفية، وعندما كنت أصمم الرقصات، أشجع وأحث من أعمل معهم على عدم وضع حدود لتعبيرات الجسد، وعدم اعتبار الشريك “لذة” أمامه، بل جزء من لوحة فنية غايتها نقل صورة عن الفن، وامتاع من يتابعونه. لذلك لا نحرم ولا ندفع بتحميل ما نعشقه ما لا يطيق، لكن نشدد على الابتعاد عن تطبيق مقولة “حرام علينا حلال عليهم”، نشدد على الابتعاد عن فرض الوصاية على الأخلاق والقيم حين يكون الحائط قصيرا، ونرتعش أمام نطق نفس العبارات بشكل واضح وصريح حين يكون الحائطأضخم من أجسادكم ومهامكم.
لا أطالب باستقالة الوزير بسبب مؤخرة “جينيفر لوبز”، بل أطالب فقط بأن يكون “كسب الود وحشد التعاطف باسم محاربة المؤخرات”، منطقا محرما، لأن واقعة منع فيلم “زين لي فيك”، وما تلاها –لمكر الصدف- من مشاهد رقص نقلتها “دوزيم” مباشرة، تظهر أن مسألة الأخلاق والحرص على صيانتها باسم الحديث نيابة عن “الأمة”، ما هي إلا أسلحة دمار شمال في يد سياسي يختلط عنده العام بالخاص.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى