السياسة

الى اين يذهب الخلاف المغرب والجزائر حول الصحراء… وما الذي يحول دون التوافق؟

يمثل الخلاف بين الجزائر والمغرب حول “قضية الصحراء”، تحديا هاما أمام العمل الجماعي في منطقة المغرب العربي، في ظل تحديات إقليمية كبرى.

الخلاف المتجدد بين البلدين لم يغب عن أروقة الأمم المتحدة منذ سنوات، حيث ندد مؤخرا الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، السفير عمر هلال، بما وصفه بـ “استغلال الجزائر لفترة ولايتها في مجلس الأمن لتعزيز موقفها المتحيز بشأن قضية الصحراء المغربية”، وفق “هسبريس المغربية”.

في المقابل ذكر ممثل الجزائر السفير عمار بن جامع خلال كلمته أمام لجنة تصفية الاستعمار للأمم المتحدة الثلاثاء، بـ” الوضع القانوني للصحراء الغربية، متسائلا في نفس الوقت كيف تدعي المملكة المغربية سيادتها على الأراضي الصحراوية وهي التي اقترحت على موريتانيا أن تتقاسمها معها سنة 1975″، وفق “الشروق” الجزائرية.

الخلاف بين البلدين أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، وتراجع العلاقات الاقتصادية إلى مستويات لا تذكر، فيما حال دون عمل اتحاد المغرب العربي منذ سنوات طويلة.

حول أسباب استمرار الخلاف يقول موسى خرفي، نائب رئيس البرلمان الجزائري، إن بلاده تدافع عن التحرر من الاستعمار.

وأضاف ، انها تدعو الأطراف المعنية إلى الجلوس والاحتكام للقوانين واللوائح الخاصة بالقضية، وأنها تتحدث دائما حول “تقرير المصير”.

ولفت إلى “أن الأطراف المعنية هي من يجب أن تجلس لتحدد يوم الاستفتاء من أجل تقرير المصير، واتباع المسارات القانونية”.

وتابع “كل من يتحدث عن أن الجزائر تسعى لحرب مع المغرب أو ملاسنات وغيرها هو خاطىء، الجزائر تدعو لحق تقرير المصير”.

في المقابل، قال نوفل بوعمري الباحث المغربي، إن السجال الحاصل بالأمم المتحدة مع الجزائر، هو سجال دائما ما يكون بسبب المداخلات التي يقدمها المندوبين الجزائريين الذين يقحمون بمناسبة وبدونها ملف الصحراء، ويعمدون في أكثر من مناسبة إلى تحريف النقاش عن مساره الأممي، و السياسي و هو المسار الذي سبق أن تم حسمه في قرارات مجلس الأمن التي تبنت لغير رجعة مبادرة الحكم الذاتي كحل سياسي لطي هذا الملف.

وأضاف، أن الجزائر تعكس موقفها الرافض للمسار السياسي، بحيث ترفض التعاطي بشكل إيجابي مع المبعوث الأممي ومع طبيعة المسار الذي تم تحديد إطاره في الموائد المستديرة، والطاولة الرباعية بطرفيها الأساسيين المغرب و الجزائر.

وتابع” هذا الوضع الذي أصبحت فيه الأمم المتحدة تُحمل المسؤولية للجزائر، ما دفعها إلى عرقلة المسار الأممي لأنه جعلها في مواجهة قرارات المجلس”.

ولفت إلى أن “المسار الواضح اليوم هو المسار الذي حددت إطاره قرارات مجلس الأمن، آخرها القرار 2703 الذي حدد المعايير السياسية للحل، و هي معايير تتبنى مبادرة الحكم الذاتي.

وكان المغرب أشاد في وقت سابق بتبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يوم 30 أكتوبر 2023، القرار 2703 المتعلق بقضية الصحراء، والذي يمدد ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة، إلى غاية متم أكتوبر 2024.

وقال البيان الرسمي ” يأتي هذا القرار في سياق يتسم باستمرار الدينامية الإيجابية التي يشهدها الملف، تحت قيادة الملك محمد السادس”.

الجزائر تحذر المغرب من تبعات مصادرة ممتلكات سفارتها

من ناحية اخرى أدانت الجزائر “بأشد العبارات” مشروع مصادرة ممتلكات سفارتها في المغرب، وفقا لوزارة الخارجية الجزائرية.

وبحسب الخارجية الجزائرية، فإن “هذا الأمر يعد مرحلة تصعيد جديدة من المملكة المغربية، في تصرفاتها الاستفزازية تجاه الجزائر”.

وأشار بيان الخارجية الجزائرية إلى أن “هذه الاستفزازات الجديدة تجلت مؤخرا من خلال مشروع مصادرة ممتلكات سفارة الدولة الجزائرية في المغرب”.

وأضاف البيان أن الجزائر تعتبر أن ذلك “يشكل انتهاكا جسيما لاحترام وواجب حماية الممثليات الدبلوماسية لدول ذات سيادة، الذي تكرسه القوانين والأعراف الدولية”، مشيرًا إلى أن “المشروع المغربي، الذي يتنافى مع الممارسات الدولية المتحضرة، ينحرف بشكل خطير عن التزامات اتفاقية فيينا حول العلاقات الدبلوماسية، التي تفرض عليها احترام وحماية السفارات المتواجدة على ترابها مهما كانت الظروف”.

وأكد البيان أن “الجزائر تدين بأشد العبارات عملية السلب الموصوفة هذه، كما أنها تندد بقوة باللاشرعية وعدم التطابق مع الواجبات التي تتحملها كل دولة عضو في المجتمع الدولي بكل صرامة ومسؤولية”. وخلص البيان إلى أن “الحكومة الجزائرية سترد على هذه الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة، كما سيتم اللجوء إلى كل السبل والوسائل القانونية المتاحة، سيما في إطار الأمم المتحدة من أجل ضمان احترام مصالحها”.

وكانت الحكومة المغربية قد قررت نزع ملكية عقارات وأراض تابعة للدولة الجزائرية في الرباط، لسبب ما أسمته بـ”توسعة مبان إدارية لصالح وزارة الخارجية”، حسب ما جاء في الجريدة الرسمية المغربية.

المغرب أم الجزائر… خط الغاز النيجيري يعود للواجهة مرة أخرى

مرة اخرى عاد الحديث عن مشروع خط الغاز النيجيري للواجهة مرة أخرى، بعد حديث مديرة المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن في المغرب، أمينة بنخضرة، أن القرار النهائي بشأن الاستثمار في الخط متوقع صدوره في مطلع العام المقبل.

يحتل الخط أهمية خاصة بالنسبة للمغرب الذي يحتاج إلى الغاز، في الوقت الذي سعت الجزائر هي الأخرى لتمرير خط أخر عبر أراضيها، عبر اتفاق ثلاثي مع النيجر ونيجيريا.

وقالت مديرة المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن في المغرب خلال مؤتمر الاستثمار في طاقة أفريقيا في باريس الثلاثاء: “نعد أنفسنا لإصدار قرار الاستثمار النهائي في مطلع 2025”.

وأوضحت: “نجحنا أيضا في الاتفاق مع أحد أضخم المشتغلين في مجال التجميع في أوروبا وسيشتري كل الغاز المصدَّر عبر خط أنابيب المغرب-أوروبا بمجرد توصيله بخط الأنابيب هذا”. في المقابل، تتحرك الجزائر لإتمام الإنشاءات الخاصة بالخط الممتد من نيجيريا إليها، وفي تصريحات سابقة، قال وزير الطاقة والمناجم الجزائري، محمد عرقاب، إنه تم الاتفاق بين الجزائر ونيجيريا على استئناف مشروع أنبوب الغاز بين البلدين، الذي تعطل بسبب الاضطرابات السياسية الأخيرة في النيجر.

جاءت تصريحات الوزير في ختام القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، حيث أفاد بأنه تم الاتفاق مع وزيري الطاقة في نيجيريا والنيجر على إعادة المشروع للطاولة مجددا.

ويربط مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء الدول الثلاث بطول إجمالي 4128 كيلومترا منها 1037 كيلومترا داخل الأراضي النيجيرية و841 كيلومترا في النيجر و2310 كيلومترات في الجزائر.

فيما يمتد الخط من نيجيريا إلى المغرب على امتداد 5600 كلم، عبر 11 دولة أفريقية، هي بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون، وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا.

من الجانب المغربي، يقول الأكاديمي أوهادي سعيد، إن مشروع أنبوب الغاز لا يزال يعرف متابعة دقيقة حيث أعلن في وقت سابق، انطلاق عملية المسح البري على هامش اللقاء بين المكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن المغربي ومؤسسة النفط الوطنية النيجيرية.

يضيف، أن هذه العملية تعد عادية، إذ ترمي إلى تحديد المسار الأمثل الأنبوب آخذا بعين الاعتبار المرور على الدول الموقعة للاتفاقية والجوانب الأمنية واللوجستية والاقتصادية خصوصا التكلفة.

يوضح أن نتائج هذا المسح سيمكن تحديد بداية الأشغال في بداية سنة 2025 لاحترام الآجال المعلن عنها سابقا، حيث خصصت سنة 2024 لتأسيس الشركة المسؤولة عن تنسيق التمويل، والبناء و العمليات الخاصة بالمشروع في انتظار قرار نهائي من نيجيريا، لتحديد حصة مشاركتها في رأسمال الشركة سالفة الذكر.

وتابع: “بهذه الخطوات يتضح جليا أن المشروع ماض في تنزيله إلى أرض الواقع عن طريق البحر أو و البر، وتمكين أوروبا من نحو 15 مليار مكعب، من الغاز أي نصف سعة المشروع”.

ويرى أن مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، تخطى عقبات كثيرة وبدأت عملية التنزيل، بل تسريع تنزيله في تناغم تام مع الاستراتيجية المغربية لربط المملكة بالدول الأفريقية، جنوب الصحراء، ببنيات تحتية حديثة تساهم في تتبع مشروع أنبوب الغاز لتحقيق الإمدادات اليومية دون مشاكل.

على الجانب الآخر، قال خبير الطاقة الجزائري، أحمد طرطار، إن المشاورات التي جرت في السابق بين الجزائر ونيجيريا، أفضت إلى اتفاق واضح، يقضي بتنفيذ المشروع بين البلدين، مع النيجر.

وأضاف، أن نسبة التغطية لدى نيجيريا بلغت نحو 70%، فيما تستغرق النسبة المتبقية نحو 6 أشهر.

ولفت إلى أن الجزائر يمكنها نقل الغاز عبر الأنبوب المار من تونس، والأنابيب الخاصة بها إلى أوروبا، نظرا لخبرتها الكبيرة والممتدة في نقل الغاز.
يشير إلى أن الإجراءات في النيجر تستكمل بعد الانتهاء من مد الأنابيب عبر أراضي نيجيريا، في إطار استكمال الخط نحو الجزائر.

وفق الخبير الطاقي الجزائري، يمكن للجزائر أن تساعد أوروبا بشكل كبير في ظل حاجتها الماسة للغاز، إثر الأزمة المترتبة على “العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا”.

ولفت إلى أن الخط الممتد على طول نحو 4 آلاف كيلو متر، ويزود أوروبا بنحو30 مليار متر مكعب سنويا، يستكمل في الدول الثلاث على نحو متسارع.

وأشار إلى أن الجزائر تقوم على الإنشاءات في الوقت الحالي، فيما يتبق الجزء الخاص بالنيجر، والذي ينتظر التمويل اللازم، ضمن الاتفاق المبرم بين الدول الثلاث، ليعرف العام 2025 الانتهاء من التجهيزات اللازمة لبدء تشغل الخط في وقت لاحق.

يذكر أن اتفاقا ثلاثيا بين الجزائر ونيجيريا والنيجر، وقّع سنة 2009، لإتمام المشروع الذي تعطل لأسباب عديدة على رأسها تهديدات الجماعات الإرهابية، وهذا بعد توقيع مذكرة تفاهم بين البلدان الثلاثة سنة 2003، للتحضير للمشروع.

وفي مطلع العام 2024، أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس، مباحثات هاتفية مع الرئيس النيجيري بولا أحمد أديكونلي تينوبو، شملت مشروع خط أنبوب الغاز الأفريقي.

تناولت المباحثات “مشروع خط أنبوب الغاز الأفريقي-الأطلسي نيجيريا-المغرب”، وبحث الجانبان أيضا العلاقات الثنائية التي تشهد تطورات إيجابية خلال السنوات الماضية.

وخلال المحادثة، وجه العاهل المغربي دعوة إلى الرئيس النيجيري للقيام بزيارة رسمية للمغرب، سيتم تحديد تواريخها عبر القنوات الدبلوماسية، وفقًا للبيان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى