الأقتصاد

ارتفاع أسعار الأضاحي ونقص عددها يدفع التونسيين إلى مقاطعة شرائها

بات التمسك بعادات عيد الأضحى مهمة صعبة بالنسبة لفئة كبيرة من العائلات التونسية، في ظل غلاء أسعار الأضاحي وتدهور القدرة الشرائية وارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة في البلاد.
ومع اقتراب عيد الأضحى الذي سيوافق يوم الأحد المقبل الموافق لـ 16 يونيو/ حزيران الجاري، تصاعدت شكاوى التونسيين من أسعار الخراف التي تجاوزت 1300 دينارا (4054 دولارا)، وسط تكثف الدعوات إلى مقاطعة شرائها.
وبينما تقدّر احتياجات التونسيين من الأضاحي بما يفوق 900 ألف أضحية، تؤكد مصادر رسمية أن “قطيع الخراف في تونس، تراجع بنسبة 16 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية”، في وقت تعجز فيه البلاد عن توريد الخراف نظرا لارتفاع أسعارها في السوق العالمية.
“العيد لمن استطاع إليه سبيلا”
يشعر أحمد غزيل (47 عاما)، بالأسى بينما يحاول الإجابة عن تساؤلات طفليه التي تكررت بشأن خروف عيد الأضحى، الذي بات واضحا أنه سيكون عاجزا عن توفير ثمنه بحلول الأسبوع المقبل. ويقول أحمد وهو مصلح أحذية وحقائب: “لا يمكنني أن أتحمل تكلفة الأضحية هذا العام، فالأسعار لم تعد مقبولة بالنسبة للبسطاء أمثالنا، لذلك قررت المقاطعة”.

ويؤكد أحمد أنه بالكاد تمكّن من شراء ملابس جديدة لابنته وطفله المولود حديثا، مضيفا: “أصبح من الصعب علينا توفير الحاجيات الأساسية لأطفالنا فما بالك بشراء خروف يتجاوز ثمنه راتبي الشهري”.

ولا يختلف وضع أحمد عن حال العديد من التونسيين، الذين يرون أن العيد كما الحج بات حكرا على “من استطاع إليه سبيلا”، كما يقول منجي الكرغلي لـ”سبوتنيك”.

ويضيف منجي الذي أمضى عطلة الأسبوع بين أسواق ونقاط بيع الأضاحي: “هل من المقبول أن يصل سعر الخروف إلى 1800 دينار و2000 دينار؟”، وتساءل ساخرا: “هل يطعمون هذه الخرفان ذهبا حتى يبيعوها لنا بأثمان خيالية؟”.

“ثلثا التونسيين لم يشتروا الأضاحي”

وأمام ارتفاع أسعار أضاحي العيد تلجأ العديد من العائلات التونسية إلى التخلي عن الأضحية واستبدالها باللحم الطازج، الذي تعد تكلفته منخفضة نسبيا مقارنة بثمن الخروف الحي.

ويؤكد رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، لطفي الرياحي، في تصريح لـ”سبوتنيك”، أن “غالبية التونسيين عزفوا عن شراء الأضاحي وأن أكثر من 60% من العائلات باتت عاجزة عن اقتناء الخرفان بسبب تراجع المقدرة الشرائية”.

ولفت الرياحي إلى أن “هذا الوضع يقود الكثير منهم إلى شراء كميات محددة من اللحوم”، مشيرا إلى أن “الكيلوغرام من لحم الخروف يباع حاليا بـ 43 دينارا”، وهو سعر اعتبره الرياحي “مقبولا مقارنة بما كان عليه في الأشهر الأخيرة (50 دينارا)”.

وقال الرياحي: “أسعار الأضاحي لا تتماشى مع المقدرة الشرائية للمواطنين ويجب البحث عن آليات لتحسين قطيع الأغنام، الذي يشهد انخفاضا في السنوات الأخيرة، وهو ما ينعكس مباشرة على أسعار البيع”.

وبيّن الرياحي أن “ارتفاع أسعار الخرفان يعود أيضا إلى القشارة (الوسطاء)، الذين عمدوا إلى شراء أغلبية القطيع من الفلاحين من أجل إحكام قبضتهم على السوق والترفيع في الأسعار”.

وأردف الرياحي بأن “الإجراء الأخير الذي اعتمدته السلطات التونسية والمتعلق بطرح نحو 4 آلاف أضحية للبيع بسعر 22 دينارا للكلغ، يمكن أن يعدّل السوق والتقليص من التفاوت الكبير في الأسعار”.

تراجع عدد قطيع الخراف

ويرى رئيس الغرفة الوطنية للقصابين التونسيين أحمد العميري، في تعليق لـ”سبوتنيك”، أن “أزمة أسعار أضاحي العيد تتجدد كل سنة، دون أن تخطو السلطات التونسية والجهات المعنية خطوة إلى الأمام في اتجاه إيجاد حل لها وإنقاذ القطيع”.

وأكد العميري أن “قطيع الخرفان في تونس تراجع بنسبة 43 بالمئة خلال السنوات الأخيرة الماضية، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأضاحي”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى