أنصار الصدر يقتحمون المنطقة الخضراء ببغداد مع تفاقم الأزمة السياسية
اقتحم المئات من أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد يوم السبت ونصبوا خياما بجوار مبنى البرلمان بعد أن ندد الصدر بإخفاق السياسيين في إصلاح نظام “المحاصصة” السياسية الذي تلقى عليه مسؤولية تفشي الفساد.
وعبر المحتجون الذين احتشدوا خارج المنطقة شديدة التحصين حيث توجد مباني الحكومة والسفارات الأجنبية جسرا فوق نهر دجلة وهم يرددون هتافات تندد بالمشرعين الذين غادروا البرلمان.
وكان دخول المنطقة الخضراء سلميا بوجه عام في بدايته إلا أن قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع والأعيرة النارية مع غروب الشمس في محاولة لمنع دخول المزيد من المتظاهرين. وقالت مصادر الشرطة إن نحو 12 شخصا أصيبوا.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة وأربعة دبلوماسيين غربيين يقيمون بالمنطقة الخضراء إن المجمعات التي يتواجدون فيها أوصدت. ونفى متحدث باسم السفارة الأمريكية تقارير عن إجلاء الموظفين.
وقال مصدر في مكتب الصدر لرويترز إن أفراد الأمن العراقيين شكلوا قوات مشتركة مع مسلحي الصدر للتحكم في تحرك المتظاهرين. وأضاف أن أغلب المتظاهرين أخلوا البرلمان وبعضهم يحضرون لاعتصام في ساحته.
وقال مسؤولان أمنيان إنه تم إرسال عناصر من القوات الخاصة بالجيش العراقي بعربات مدرعة لتأمين المواقع الحساسة ولم يتم فرض حظر للتجول.
وقال مسؤول أمني آخر إن كل مداخل بغداد أغلقت “كإجراء احترازي للحفاظ على أمن العاصمة.”
وفي وقت سابق يوم السبت قاد انتحاري شاحنة محملة بثلاثة أطنان من المتفجرات واقتحم تجمعا للزوار الشيعة في ضاحية النهروان جنوب شرق بغداد مما أسفر عن مقتل 19 شخصا وإصابة 48 آخرين في هجوم أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنه.
وأظهرت لقطات بثتها محطة تلفزيون الشرقية العراقية رئيس الوزراء حيدر العبادي وهو يسير داخل المنطقة الخضراء محاطا بعشرات الحراس المسلحين في نفي لتقارير عن هروبه. ودعا المتظاهرين إلى العودة للمناطق المخصصة للتظاهر وعدم التعدي على الممتلكات العامة.
وهذا الانتهاك للمنطقة الخضراء غير مسبوق رغم استهدافها بقذائف المورتر منذ سنوات قليلة مضت. وضمت المنطقة الخضراء التي تمتد على مساحة عشرة كيلومترات مربعة من قبل مقر القوات الأمريكية وقت احتلال العراق وأحد قصور الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وتقطع نقاط تفتيش وحواجز خرسانية الجسور والطرق السريعة المؤدية للمنطقة الخضراء منذ سنوات في إشارة على انعزال القيادة العراقية عن شعبها.
وأظهر تسجيل نشر على الإنترنت المتظاهرين وهم يهاجمون سيارة مدرعة بيضاء بعصي وأشياء أخرى. وفي فيديو آخر ظهر المحتجون وهم يضربون رجلا يرتدي حلة رمادية.
وقالت مصادر من مكتب الصدر إن عددا من النواب الأكراد الذين كانوا محاصرين داخل البرلمان أجلاهم نائب من التيار الصدري في موكب السيارات الذي يخصه.
وقال حارس من قوات البشمركة الكردية في نقطة تفتيش إن الاحتجاجات تصاعدت بعد أن انسحبت قوات الأمن من نقطة تفتيش خارجية في محاولة فاشلة لتأمين مبنى البرلمان. وأضاف أن المحتجين لم يخضعوا للتفتيش قبل دخول المنطقة.
وقال شاهد من رويترز إن نحو عشرة من عناصر الجماعة المسلحة الموالية للصدر قاموا بتفتيش المحتجين على عجل في الوقت الذي وقفت فيه قوات الأمن جانبا بعد أن كانت عادة تجري تفتيشا دقيقا بكلاب الحراسة.
وظل آلاف المحتجين على بوابات المنطقة الخضراء وهم يهتفون “سلمية”. ووقف بعضهم فوق الأسوار الخرسانية التي تحيط بالمنطقة.
وقال متحدث باسم الصدر لرويترز إنه دعا أنصاره لإخلاء مبنى البرلمان ونصب خيام خارجه.
وقال الشيخ مهند الغراوي إن المفاوضات جارية بين قوات الأمن والمسؤولين الحكوميين وممثلين عن المحتجين لضمان الوفاء بمطالبهم.
ودعا الرئيس العراقي فؤاد معصوم المحتجين لمغادرة البرلمان لكنه أضاف أن دفن نظام المحاصصة الحزبية والطائفية لا يجب أن يتأخر.
* “انتفاضة شعبية عظيمة”
وأظهرت لقطات للتلفزيون المحلي من داخل مبنى البرلمان مئات المحتجين وهم يرقصون ويلوحون بالأعلام العراقية ويهتفون بشعارات موالية للصدر. وبدا أن البعض يحطمون الأثاث.
كما أظهرت لقطات المحتجين وهم يهتفون ويلتقطون صورا لأنفسهم من داخل قاعة البرلمان التي كان يجتمع فيها النواب قبل دقائق.
وفشل البرلمان في استكمال النصاب القانوني في وقت سابق يوم السبت للتصويت على تعديل وزاري اقترحه العبادي بعد التصديق على عدد قليل من الوزراء يوم الثلاثاء رغم مقاطعات من النواب المنشقين.
واعتصم مؤيدو الصدر -الذين سيطر مقاتلوه في إحدى الفترات على مساحات من بغداد وساعدوا في الدفاع عن العاصمة في وجه تنظيم الدولة الإسلامية- لأسابيع أمام بوابات المنطقة الخضراء تلبية لدعوة قائدهم للضغط على الحكومة لتنفيذ إصلاحات.
ويريد العبادي تغيير بعض الوزراء الذين اختيروا لتحقيق توازن بين الأحزاب والأعراق والطوائف وإبدالهم بتكنوقراط بهدف مكافحة الفساد لكن الأحزاب السياسية قاومت التغيير.
وقبل دقائق من اقتحام المنطقة الخضراء بدا أن الصدر يحدد مهلة للسياسيين وقال إذا بقي المسؤولون الفاسدون ونظام المحاصصة فإن الحكومة بأكملها ستسقط دون استثناء.
وخلال خطاب بثه التلفزيون من مدينة النجف أعلن خلاله اعتزالا للحياة العامة لمدة شهرين قال الصدر إنه ينتظر انتفاضة شعبية عظيمة وثورة كبرى لوقف زحف الفساد.
وحذر العبادي من أن أي تأخير في التصويت على التشكيل الحكومي المقترح قد يعيق الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مساحات واسعة من شمال وغرب العراق.