د. حسام حجازي : “الأطعمة المحرمة والمتداولة في مصر القديمة بين العقيدة والعادات اليومية”
يعتقد د. حسام حجازي، مفتش الآثار وعضو المجلس الدولي للمتاحف، أن دراسة الأطعمة المحرمة والمتداولة في مصر القديمة تكشف جوانب هامة من الحياة اليومية والدينية في تلك الحضارة. كان النظام الغذائي المصري القديم لا يقتصر على توفير الطعام فقط، بل كان يحمل أبعادًا روحية وثقافية عميقة. الأطعمة التي يتناولها المصريون القدماء، أو تلك التي تجنبوها، تعكس معتقداتهم وأسلوب حياتهم.
الأطعمة المحرمة:
في مصر القديمة، كانت بعض الأطعمة تعتبر محظورة أو مكروهة لأسباب دينية أو ثقافية. من أبرز هذه الأطعمة:
الأسماك: على الرغم من أن المصريين القدماء كانوا يعيشون على ضفاف النيل، إلا أن بعض أنواع الأسماك كانت محظورة، خاصة على الكهنة. كان يُعتقد أن الأسماك ترتبط بالإله ست، إله الفوضى والعالم السفلي، لذا كانت تُتجنب في بعض الطقوس الدينية.
الخنازير: كانت الخنازير تعتبر حيوانات نجسة في بعض الأوقات، وخاصة في فترات معينة من التاريخ المصري القديم، حيث كانت تُربط بالإله ست أيضًا. وبالرغم من أن الفلاحين قد استهلكوا لحم الخنزير في بعض الفترات، إلا أن هناك دلائل على تحريمها في أوقات أخرى.
القطط والبقر: بسبب الارتباط الديني بالآلهة، لم يكن مسموحًا للمصريين بأكل القطط، التي كانت تمثل الإلهة باستيت، أو البقر، الذي كان مقدسًا للإلهة حتحور. هذه الحيوانات كانت تُعتبر مقدسة وكانت لها معاملة خاصة في الطقوس الدينية.
الأطعمة المتداولة:
على الجانب الآخر، كان هناك العديد من الأطعمة التي كانت شائعة ومتداولة في مصر القديمة، والتي شكلت أساس النظام الغذائي للمصريين:
الخبز والبيرة: كان الخبز هو الطعام الأساسي في مصر القديمة، وقد صُنع من الشعير أو القمح. إلى جانبه، كانت البيرة المشروب الأكثر انتشارًا، حيث كانت تُستهلك بكميات كبيرة وتُعتبر جزءًا أساسيًا من كل وجبة تقريبًا.
الخضروات والفواكه: كانت الخضروات مثل البصل والثوم والخس جزءًا من الوجبات اليومية. كما كان للمصريين القدماء تشكيلة واسعة من الفواكه مثل التمر والتين والرمان، التي كانت تؤكل طازجة أو مجففة.
اللحوم والأسماك (غير المحرمة): على الرغم من القيود الدينية على بعض الأنواع، كان المصريون يأكلون اللحوم مثل لحم العجل والضأن والماعز، بالإضافة إلى أنواع من الطيور مثل البط والإوز. كما تم استهلاك الأسماك المتاحة التي لم تكن محرمة.
العلاقة بين الغذاء والعقيدة:
يرى د. حجازي أن النظام الغذائي للمصريين القدماء يعكس طبيعة علاقتهم بالآلهة والعالم الروحي. الطعام لم يكن مجرد وسيلة للبقاء، بل كان جزءًا من الطقوس الدينية والقرابين المقدمة للآلهة. الخبز، النبيذ، الفواكه، والخضروات كانت تُستخدم في الاحتفالات والطقوس كوسيلة للتواصل مع الآلهة وضمان رضاهم.