واشنطن بوست: بن سلمان مرعوب وعسيري قد يكون “كبش الفداء” لإنقاذه من ورطة خاشقجي
كشف المعلق ديفيد إغناطيوس أن معرفة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أو كما يعرف بـ “م ب س” بمقتل الصحافي المعروف جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول أصابه بالرعب حيث التزم قصره بالرياض قبل أن يخرج بعد أيام غاضبا يبحث عن رد أو “كبش فداء”.
وجاء في مقاله بصحيفة”واشنطن بوست” أنه وبناء على مصادر عدة بدأ ولي العهد بالبحث عن شخص يحمله مسؤولية ما يقول المسؤولون الأتراك أنها عملية قتل بشعة للصحافي.
وبناء على مصدر قال إن “كبش الفداء” ربما يكون الميجر جنرال أحمد عسيري، نائب مدير المخابرات.
ونقل عن مصدر غربي أمني إن العسيري “اقترح على م ب س عددا من الطرق للتحرك ضد خاشقجي وغيره”.
مشيرا إلى أن حكومة الولايات المتحدة علمت عن خطط العسيري لإنشاء “فريق النمر” للقيام بمهام سرية خاصة و “قيل لي إن المسؤولين لم يعرفوا الأهداف إلا أن المخابرات الأمريكية علمت بعد اختفاء خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول يوم 2 تشرين الأول (أكتوبر) أن ولي العهد أخبر مساعديه أنه يريد إحضار خاشقجي وغيره إلى السعودية”.
وأشار إلى الجهود الأمريكية للبحث عن حل مرتب والخروج من الأزمة حيث زار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو السعودية يوم الثلاثاء واجتمع مع الملك سلمان وولي عهده وطلب منهما إجراء تحقيق “شفاف” باختفاء خاشقجي ويشكك الكاتب من إمكانية قبول الكونغرس لحل كهذا خاصة بعد تصريحات السناتور الجمهوري (عن ساورث كارولينا) ليندزي غراهام يوم الثلاثاء والذي كان واضحا بقوله “إن (م ب س) هو من أمر بقتل هذا الرجل”.
ونقل الكاتب عن مصدرين قالا إن جارد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس دونالد ترامب حث م ب س الأسبوع الماضي على إجراء تحقيق يكشف عن الفاعل الحقيقي. وبعد يوم من محادثته مع الملك قال الرئيس إنه يعتقد بوجود “قتلة مارقون” داخل الحكومة السعودية وربما كانوا مسؤولين عن مقتل الصحافي، مما يشير إلى أنه يحاول إرسال إشارات تتعلق باستراتيجية الرجل الميت. ويقول الكاتب إن الراوية السعودية التي تظهر تشير إلى أن القصر أمر باعتقال خاشقجي والتحقيق معه ولكن ليس قتله. ويعتقد الكاتب أن الرواية هذه مليئة بالثغرات: فلو كان الهدف “الترحيل القسري” إلى السعودية فلماذا كانت هناك حاجة للتحقيق معه في اسطنبول؟ ولماذا كان خبير الطب الشرعي من ضمن أعضاء الفريق السعودي المكون من 15 شخصا؟ وأخيرا هل سيقبل الكونغرس بهذه الرواية السعودية الجديدة وكذا الإعلام وربما المحاكم الأمريكية؟
إدارة ترامب تبحث عن حل مرتب للخروج من الأزمة وكوشنر تحدث مع بن سلمان
وقال إغناطيوس إن استهداف خاشقجي ليست هي المرة الأولى التي يحاول فيها النظام السعودي إسكات نقاده له. فقبل ذلك قام سعودي بارز بانتقاد بعض ملامح خطة م ب س لخصخصة شركة أرامكو، وهي الشركة المملوكة من الدولة. وكان هذا السعودي في الخارج ويتحدث مع مستثمرين محتملين. وحضرت طائرة مع مسؤول حاول اعتقال الرجل بتهمة الإرهاب. ولكنه هرب ويعيش الآن في خارج المملكة ولكن الرسالة كانت واضحة: انتقاد م ب س مخاطرة.
ويرى الكاتب أن المزاج المتعكر داخل قصر “م ب س” في الرياض وخلال الأشهر الماضية يعكس الضغوط التي تواجهه وتشديد دائرة المقربين منه.
وأشار الكاتب إلى أن أهم مستشار لولي العهد هو سعود القحطاني، الذي يعتبر مستشاره لشؤون الإعلام ولكنه أصبح رجله “بمثابة مستشار مسؤول مافيا” في المعارك ضد أعدائه الخارجيين مثل قطر وإيران وكذا نقاده المحليين. ومثل رئيسه فالقحطاني شاب وجامح. ومهمته هي تنظيم مقابلات الصحافيين الأجانب مع م ب س إلا أن مصادر تقول إنه بات يلعب دورا أكبر ويشرف على استراتيجية التواصل الإجتماعي التي ينظر إليها السعوديون مثل الروس كساحة حرب.
ويعمل القحطاني من جهاز خاص وهو “مركز الدراسات والشؤون الإعلامية” ومقره الديوان الملكي بدون مراقبة أو إشراف أي من الوزرات الحكومية وتحول كما تقول مصادر إلى مركز عمليات تجسس. ويعتبر القحطاني عفريتا على النقاشات في التويتر ولديه 1.3 مليون ودائما ما يرسل رسائل حادة لمن يعارضونه. فقد قام بالإعلان عن هاشتاغ “القائمة السوداء” وطلب من السعوديين المساعدة في الكشف عن أعداء المملكة. ويصف المعارضون في قطر أتباعه بالذباب الإلكتروني.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن القحطاني وغيره من المساعدين ساعدوا م ب س للسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة لاستخدامهم عمليات قاسية في القرصنة الالكترونية ضد معارضيهم.
أهم مستشار لولي العهد هو سعود القحطاني، وقد أصبح “بمثابة مستشار مسؤول مافيا”
ويقول إغناطيوس إن الدائرة المغلقة من ولي العهد ساعدته للدفع باتجاه الإصلاحات مثل تقليل سلطة المؤسسة الدينية والسماح للمرأة بقيادة السيارة وفتح دور السينما والترفيه ولكن فريقه من المستشارين عادة ما أسهموا في تضخيم دوافعه المتهورة لا كبتها.
ويرى الكاتب أن الانهيار كان واضحا جدا بعد اختفاء خاشقجي، ومع أن البيانات السعودية كانت تنقل أخبارا عادية ومفرحه عن مواقف المملكة لكن خلف الأضواء كانت هناك قصة أخرى حيث أصيب م ب س بالفزع لعدة أيام قبل أن يخرج غاضبا. ويرى الكاتب ان مصدر قلقه الآخر هو فشل خططه في تفعيل الاقتصاد السعودي، ففي آب (أغسطس) قررت المملكة وقف خطط خصخصة أرامكو ولأجل غير مسمى. وكان م ب س يأمل أن يؤدي بيع أسهم منها لتوليد 100 مليار دولار يريدها لتطبيق رؤية 2030. وفي نفس الشهر الغيت خطة للاستثمار في شركة السيارات الكهربائية “تيسلا” وكذا استثمارات في البنك الياباني “سوفت بانك”. و”محاطا برجال يبصمون على ما يقول ويعتبرون قمع المعارضة جزءا من الحرب الإعلامية ومنزعجا من تراجع أحلام الإصلاح الإقتصادي تحرك م ب س نحو تلك اللحظة المصيرية عندما دخل خاشقجي القنصلية السعودية في اسطنبول. وعندما فتح الصحافي الشجاع الباب بدأ عملية كارثية وضعت مصير م ب ومستقبله محل تساؤل، فإغلاق ملف تحقيق في جريمة ليس سهلا حتى لو كان الشخص أميرا واثقا ومتهورا”.