عاجل

تركيا المتفاخرة بسياسة “الباب المفتوح”.. تُعيد اللاجئين قسرياً إلى إدلب

مع استمرار حالة عدم اليقين، حول اتفاق إدلب، المنطقة الأخيرة من سوريا التي تسيطر عليها المعارضة، خلص تحقيق أجرته صحيفة “غارديان” البريطانية، إلى أن اللاجئين السوريين غير المسجلين في تركيا، يواجهون الاعتقال، والاحتجاز، والترحيل مرة أخرى إلى الحرب التي فروا منها قسرياً.

وتقول جماعات حقوق الإنسان، بحسب الصحيفة، إن تصرفات أنقرة حيال اللاجئين السوريين تعد انتهاكاً للقانون الدولي، الذي يحظر الإعادة القسرية، حيث يرسل اللاجئين إلى مناطق الحرب مرة أخرى.
يقول جيري سيمبسون، من منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في جنيف، إن “هذه تعد عمليات ترحيل غير قانونية واضحة لأنهم لاجئين، وإعادة إرسالهم يعود إلى الإعادة القسرية”.
“سياسة الباب المفتوح”
ويلفت تقرير الصحيفة إلى أن تركيا التي تستضيف حالياً أكثر من 3.5 مليون سوري، وهو أكبر عدد من اللاجئين في العالم، لطالما تفاخرت بـ “سياسة الباب المفتوح” تجاه السوريين. إلا أنه الآن، ومع اقتراب قوات النظام السوري وحليفه روسيا، من السيطرة على محافظة إدلب، وجد أولئك الذين يحاولون الفرار من “حمام الدم” المتوقع، أبواب تركيا موصدة بإحكام.
وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، قال للصحافيين الشهر الماضي: “لن نتحمل مسؤولية أي موجة هجرة جديدة ربما تأتي في أعقاب هجمات إدلب” التي من المحتمل أن تقع.
ويشير التقرير إلى أن الشرطة التركية كثفت في الآونة الأخيرة نقاط التفتيش، واعتقلت أعداداً كبيرة من اللاجئين الذين لا يمتلكون وثائق أو تصاريح للسفر خارج المدن التي سجلوا فيها، مما جعلهم غير قادرين على العمل بصورة قانونية، أو حتى زيارة المستشفى، وعرضة للاعتقال في أي لحظة.
حالات سورية
وعرض التحقيق عدة حالات للاجئين سوريين تعرضوا للاعتقال أو الترحيل القسري، من بينهم المحامي السوري سامر طلاس، الذي عمل بشكل قانوني في منظمة غير حكومية سورية في غازي عنتاب، حتى يونيو (حزيران) 2017، عندما قبض عليه في حملة للشرطة، واقتيد إلى مركز أوزالي، دون سبب.
وقال طلاس إن السلطات في أوزالي أبلغت السوريين أنهم إذا وقعوا على وثائق للعودة الطوعية، فإنهم قد يغادرون إلى سوريا في صباح اليوم التالي لكن طلاس رفض. وبعد 45 يوماً، تم تسليمه أمراً بالترحيل القسري بحجة “العمل دون تصريح”، قبل أن يضيف: “إنه لأمر مثير للسخرية، ما يفعلونه هو ضد القانون”.
في خطاب أرسل إلى الصحيفة، نفت مديرية الهجرة في تركيا، قيام السلطات بأي عمليات ترحيل، مشيرة إلى أنه لا يتم حرمان أي سوري من فرصة التسجيل، أو “مواجهة الاعتقال” حال لم يفعلوا ذلك: “لا يتم ترحيل السوريين في بلادنا بأي شكل من الأشكال”.
تحدثت الصحيفة إلى العديد من السوريين الذين وصفوا مركز أوزالي الذي اقتيدوا إليه على أنه مثل السجن، تم تحويله من مدرسة إلى مرفق احتجاز بتمويل من الاتحاد الأوروبي، ويضم الآن 750 شخصاً.
 
“مهاجرين غير شرعيين”
وتقول الصحيفة إنه عادةً ما تحتجز تركيا الأجانب المزمع ترحيلهم في أحد مراكز الترحيل الـ 19 التي تديرها وزارة الداخلية، وتمنح تركيا حماية شاملة للسوريين، حتى لو دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية. ومع ذلك، تكشف أرقام الوزارة لعام 2017، عن أن أكثر من 50 ألف سوري اعتقلوا بصفتهم “مهاجرين غير شرعيين”.
ويحق للمحتجزين الحصول على مساعدة قانونية، لكن المحامين العاملين في القضايا السورية يقولون إنه بما أنهم محتجزون إدارياً، فإنهم لا يستطيعون فعل شيء سوى الاستئناف لنقل القضية إلى محكمة مفتوحة، وفي أي وقت يكون زبائنهم قد غادروا، علاوة على أن المعتقل لا يمكنه تحمل أتعاب المحامي، لذا فإنه يتخلى عن إرادته، ويوقع على وثيقة العودة طوعاً.
وتقول المتحدثة باسم المفوضية السامية، سيلين أونال، إن الوكالة التابعة للأمم المتحدة تعلم بوجود أكثر من 100 محتجز في أوزالي، الذين كان من المقرر ترحيلهم إلى سوريا، وتضيف: “قد يكون هناك أي رقم، ليس لدينا أي فكرة لأننا لا نمتلك إمكانية الوصول بشكل منتظم إلى مراكز الترحيل هذه”.
ادعاءات مغرضة
وتدعي السلطات التركية أن 250،000 سوري اختاروا العودة طوعاً، وتقر المفوضية بأن موظفيها أشرفوا على جزء صغير فقط من هؤلاء، أي 11،193 لاجئاً، وقاموا بتسليم جميع طلبات اللجوء إلى السلطات التركية في وقت سابق من هذا الشهر.
ويعترف متحدث باسم حاكم هاتاي، بأن اللاجئين السوريين غير الشرعيين، تم ترحيلهم بعد أن قبض عليهم وهم يعبرون الحدود “أو في حالات الجريمة”، رافضين تقديم المزيد من التفاصيل.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2016، عدلت تركيا قانون الحماية المؤقتة الخاص بالسماح بالترحيل في الحالات التي ترى فيها المحكمة الإدارية أن شخصاً ما “يشكل تهديداً للنظام العام، أو الأمن، أو الصحة، أو مشتبه بعمل إرهابي”.
ظلم وتهجم
وحسب تحقيق “غارديان”، تتدخل المحاكم التركية في بعض الأحيان في قضايا اللاجئين، عندما يكون هناك خطر “الإعادة القسرية”، إلا أنه بمجرد أن تصدر مديرية الهجرة أمر الترحيل، فإن الأمر نهائي.
لكن بالنسبة إلى سامر طلاس، كان المخرج الوحيد هو الحصول على تأشيرة دخول إلى فرنسا، والتي كان محظوظاً بما فيه الكفاية للحصول عليها لأنه كان على صلة بجماعات المجتمع المدني في الخارج.
يقول طلاس: “عندما سجنت في سوريا لمدة ثلاث سنوات، أدركت أنني مذنب في الذهاب إلى الحكومة، لكن في تركيا سجنوني بلا سبب.. هذا هو الظلم”.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى