قول يا قلم .. بقلم : أحمد طلبة
في الليل البهيم ، وحين تشتد الخطوب وتتجمع غيوم النذر السوداء لتغطي سماء الوطن بلونها الكالح ، وتعم الفوضى ويسود الهرج والمرج في البلاد وبين العباد ، فيسرع الجميع إلى البيوت عند حلول الظلام خوفا من المجهول ، وعند ركن كل بيت ترتفع الأكف بالدعاء إلى رب السموات والأرض عجوز تناجي ربها والدموع تنهال مدرارا من مقلتيها المتعبتين أن تصان الأوطان ويحفظ الله الأبناء ورجال ترنوا أعينهم إلى الله تعالى ولم يتبقى لديهم أمل سوى أن ينعم الله عليهم بالفرج وهم موقنين أن الله قريب منهم مجيب لدعائهم وتوسلاتهم.
وبين ثنايا الألم والأمل يظهر الفارس المنشود ممتطيا صهوة الريح ليزيح الظلام ويشع بصيص النور ليكبر ويكون سراجا منيرآ ، فترتفع الحناجر بالتكبير والتهليل لقد استجاب الله لعباده المؤمنين المتقين الصابرين رجائهم ودعائهم فكان هذا الفارس المغوار الصيد الذي حمل روحه على كفه ، ناذرا نفسه لوطنه وشعبه حين كان في جحافل الرجال ، شاهرا سيف الحق بوجه غربان الشؤم وخفافيش الظلام، فارس خرج من خندق الأحرار ومصنع الأبطال متمترسا بدرع الإيمان بالله والشعب والوطن يحنوا بيده على شعبه فاردا السكينة والطمأنينة عليهم يقبل روؤسهم متصديا بصدره نبال الحقد والكراهية ممزقا صفحة الشيطان داعسا بقدمه جحور الأفاعى الرقطاء والعقارب الصفراء، فكانت ليلة البلاء ، لينبلج بعدها فجر الحرية ، ويهب نسيم الصباح وتدور عجلة العمل والبناء ليشمر الرجال عن سواعدهم السمر ، ليدقوا الأرض فتتفجر ينابيع الخير والمعطاء وتمتزج بها حبات العرق لتنشر المساحات الخضراء في الأوطان وترتفع أعمدة البناء لتعانق السماء.