مقالات
رجب طيّب أوردغان – رويبضة العصر وصنمه
نماذج عوجاء لأنظمة عرجاء لتضليل المسلمين وتشويهه
(الإسلام من أردوغان إلى داعش)
حجري سعيد – اليمن
يستفحل الجهل، وتتوالى المصائب؛ عندما يستلم التّافهون مسؤوليّة الناس، سواء في العلم وبيان أحكام الشرع، أم في الحكم ورعاية الشّؤون؛ مصداقًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: “سيأتي على الناس سنوات خدّاعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصّادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرّويبضة، قيل: يا رسول الله وما الرّويبضة؟ قال: التّافه ينطق بأمر العامّة” أخرجه ابن ماجة في سننه، وأحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فالحديث يخبرنا بأن الرّويبضات سيكون لهم موطئ قدمٍ في رعاية الشّؤون، والحكم، والقول الفصل في اتّخاذ القرارات والنّطق باسم العامّة، ولكن كيف لهؤلاء التّافهون أن يصلوا إلى النّطق باسم العامّة؟! وكيف لهم أن يكونوا بمثل هذا المقام؟! وهل أوصلتهم الأمّة للنطق باسمها؟! وهل هي من أوكلت إليهم شؤون الحكم والرّعاية؟!… الجواب: قطعًا لا.
إنّ هؤلاء الرّويبضات تمّت صناعتهم وإيصالهم إلى ماهم عليه، والصّانع هو عدو الأمة، نعم فقد دأب الغرب منذ حوالى قرن على تنصيب هؤلاء الرّويبضات حكامًا على المسلمين، وصناعتهم كزعماء، فقد بدأ الإنجليز بصناعة مصطفى كمال – عليه من الله ما يستحق – قائدًا للأمّة، وهو اليهودي الحاقد على الإسلام والمسلمين، وجعلوا المسلمين يمجّدونه ويمنحونه لقب الغازي، ويشبّهونه بالقائد خالد بن الوليد رضي الله عنه… وبعد أن استتبَّ له الأمر انقضّ على الإسلام بالقضاء على الخلافة، وطمس شريعته وفتك بأمّته.
كما تهافتت الدّعوات البائدة، والدّخيلة على الأمّة كالاشتراكيّة، والقوميّة، والوطنيّة… ولكن، ولله الحمد، تمّ كشف الغطاء عن زعماء هذه الدّعوات، ولامست الأمّة نتائج الزّعامات المصطنعة، بعد أن عانت الأمّة في عهدهم من تقسيمٍ وتفتيتٍ للبلدان، ونهبٍ للثّروات، وضياعٍ للمقدّسات.
فبرز في الأمّة التّوجّه السّياسيّ الإسلاميّ الّذي صار له رأي عام ودور هام في قيادة الجماهير وتحريكها. وبعد بروز هذا التّوجه في الأمّة؛ لم تعد صناعة قادة الأمّة وحكّامها، من قبل الغرب، تنفع بنفس الأساليب والشّعارات التي نجح فيها الغرب سابقًا، عندما صنع مصطفى كمال وجمال عبد الناصر وغيرهما.
فالأمّة متعطّشةٌ لدينها وشريعة ربّها، تتوق لتطبيقه في أرض الواقع؛ تتوق لأن تنفكّ من الأنظمة المطبّقة عليها، والتي لا تنبثق عن عقيدتها، وخاصةً بعد أن اتّضح لها أنّ حكّامها ماهم إلّا دمًى بيد الغرب يحركها كيفما يشاء، وبعد أن تجلّت لها حقيقة الحرب العالميّة – التي تقودها أميركا – ضدّ ما يسمّى الإرهاب– التي تقصد بها حربها على الإسلام، نعم، إنّ الإرهاب الذي تقصده أميركا هو الاسلام الذي تخاف عودته.
هذا، وبعد أن ظهر للأمّة أنّ سبب تخلّفها هو إهمالها لشرع ربّها، وبعد أن خرج في الأمّة من يعمل لإعادة الحكم بما أنزل الله، وصارت الدّعوة إلى تطبيق الشّريعة مطلبًا جماهيريًّا في الأمّة؛ عمل أعداء الأمّة وبالأخصّ أميركا على إخراج أنموذجين للأمة أحلاهما مرٌّ؛ وهما الأنموذج الأوردغانيّ، والأنموذج الدّاعشيّ؛ فعملت داعش على تشويه الدولة الإسلامية، وتشويه الإسلام، وإظهاره على أنّه دين قتلٍ، وذبحٍ، وإحراقٍ، وسبيٍ للنّساء.
لقد فتن هذا التّنظيم المسلمين في عقائدهم، ومن خالفه حتى في المعتقدات الظّنّيّة – أي متعلقات أركان العقيدة- قتلوه، ومن لم يبايعهم قتلوه، ومن رفض عنجهيّتهم وحكمهم الظّالم قتلوه، ومن لم يقاتل معهم قتلوه.
فتكالب أعداء الأّمة عليها؛ فاجتاحوا الدّيار، وقتلوا النّساء والأطفال، بحجّة قتال تنظيم الدولة الذي قام الغرب نفسه بصناعته لتشويه صورة الإسلام، وكأنّ الغرب يقول للمسلمين: هذا هو تطبيق الشريعة الذي تنادون به، وهذه هي دولة الإسلام التي تنشدونها؛ فماذا جنيتم من ورائها غير القتل، والّدمار، ودكٍّ للمدن بمساجدها، ومساكنها، لا فرق بين المدن القديمة، والحديثة، سواء في العراق أم في سوريا.
ولكن هيهات للأمّة أن تنخدع بمثل هذا التنظيم ودولته؛ فأفكار الإسلام متمكنة من نفوس أبناء الأمّة، وإن لم يعايشوا الدّولة الإسلاميّة التي تطبّق الإسلام بالكيفيّة اّلتي طبّقها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدون، ومن بعدهم؛ إلّا أنّ أبناء الأمّة يدركون كيفيّة تطبيق الإسلام، وكيفيّة رعاية الشّؤون، لاسيما بعد أن ظهر في الأمّة من يعمل لنهضتها، بمبدأ الإسلام؛ فبيّن للأمّة أجهزة دولة الخلافة، وأنظمتها، وكيفيّة تطبيق هذه الأنظمة؛ فكانت الدّولة المنشودة متجسدةً في النّفوس والعقول… فأنّى لغرٍّ لم يفقه منها شيئًا أن يشوّهها؟!!.
أمّا الأنموذج الأوردغانيّ؛ فالمقصود منه تجربة تركيّا بقيادة رئيسها الحاليّ رجب طيّب أوردغان – رويبضة العصر وصنمه – هذا الأنموذج يُخيّل لعامّة النّاس أنّه يرفع الشّعارات والعبارات الإسلاميّة، ولم تكن هذه الشّعارات إلّا اسمًا برّاقًا ليخدع السطحيين بها؛ حيث يقوم هذا الأنموذج على أساس تحريف الإسلام كنظام حكمٍ، وتفريغه من مضمونه سياسيًّا واقتصاديًّا؛ لأنّه قائم على ركيزتين: