مقالات

حكومة الشاهد والسير فوق الأشواك – بقلم أحمد سلهوب

مضى رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد في خُطته وأجرى تعديلات وزارية ونال ثقة البرلمان مجدداً؛ أملاً في إحداث صحوة اقتصادية تتخطى متطلبات المرحلة التي تمر بها تونس، فلا تزال ديمقراطيتها هشَّة، وبالكاد نجت على الرغم من مخالب القط في الخليج العربي من إشعال فتيل الخلافات وحدوث تصدعات عبر حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس الحاكم لتونس، حيث وقف الشاهد أمام رغبته في تشكيل حكومة جديدة.

احمد سلهوب
احمد سلهوب

نجل السبسي الذي يحاول والده فرضه على المعادلة السياسية في البلاد منذ عام 2014، ليس في موضع سلطة تجعله يأخذ القرارات التي تملى عليه من الخارج، مجرد منصب إداري فقط يتولاه في حزب نداء تونس، وهو الحزب الحاكم في البلاد الذي تأسس عام 2012.

ووفق تقارير صحفية كان حافظ يريد رئيس وزراء ضعيفاً من حزبه حتى يستطيع التحكم فيه وتسيير أمور الدولة كما يشاء، لكن بعد تكليف الشاهد بالحكومة عام 2016 خلفاً للحبيب الصيد فاجأ الجميع بتوسيع دائرة تحالفاته وتقوية علاقاته، فمدَّ يده إلى حركة النهضة وأطراف أخرى في البرلمان والساحة السياسية محاولاً الإفلات من قبضة حافظ السبسي الابن والاستقلال بالقرارات الحكومية.

وظهر ذلك جلياً في استقراء الشاهد حقيقة المكايدة السياسية التي كانت تهدف إلى تغيير حكومته، ما يُوحي بعدم استقرار البلاد، بالتزامن مع حملة إعلامية إقليمية تضع الأوضاع بتونس في عين العاصفة. ففطن لذلك ومضى بتونس نحو بر الأمان متبعاً قواعد الدستور؛ كون بلاد القيروان أمام استحاق سياسي قادم في 2019، حيث تُجرى الانتخابات الرئاسية.

بالإضافة إلى سعيه الحثيث لجذب الاستثمارات الأجنبية لبلاده التي عانت فترة ركود بسبب وقوع عمليات إرهابية، لكن حدث مؤخراً طفرة أمنية جذبت على إثرها أفواجاً سياحية لينعش هذا القطاع الحيوي.

وفي اعتقادي للمرة الثانية تنتصر إرادة الشعب التونسي عبر قرارات الشاهد، فتغيير عدة وزراء جاء وفق مطلب وطني داخلي دون إملاءات خارجية لا تريد تونس مستقرة ما دام فيها فصيل إسلامي مثل حركة النهضة التي تعي حقيقة وعمق علم السياسة، وإن كانت شريكة في الحكم عبر بوابة الاقتراع دون تزوير، ويُحسب للرئيس السبسي الأب شراكته مع النهضة في بدايات حكمه لترسيخ فكرة التعاون واحترام الدستور، وإن خانه الحظ في دفع نجله للسياسة، الذي لم يحترم قواعد الاقتراع ومصلحة البلاد العليا في إصراره على دفع عجلة التغيير دون منصب كبير يخوّله تنفيذ ما يروق له، والبلاد تسير بخطى ثقيلة نحو ترسيخ تداول السلطة، حفظ الله تونس وسائر البلاد العربية والإسلامية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى