مقالات

شهادة عن قرب حول خاشقجي

كتب- أصلان كيوان

الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي من المؤمنين بسلاح الكلمة وحرية الرأي لطالما لاتؤذن بالعنف وتتخذه منهجا، لكنه أدرك مع التغييرات المصاحبة لصعود محمد بن سلمان إلى منصب ولي العهد وما أعقبها من اعتقالات طالت رجال الدين والاقتصاد على حد سواء استحالة تقبل الرأي المخالف لسدنة الحكم، فآثر العدول عن الكتابة في السعودية ولجأ إلى الولايات المتحدة. سألته لماذا جازفت وتركت السعودية قال لي:

“أريد أن أكون حرا طليقا”، وفي خضم الحديث عن الاقتصاد السعودي وتحديدا عن مشروع نيوم المزمع تنفيذه في إطار رؤية 2030 تنبأ له بالفشل وعدم جدواه اقتصاديا وبنى حجته على تجربة مماثلة نفذت سابقا في السعودية وهي مركز الملك عبدالله المالي. كان حريصا في ترحاله وتنقله من مكان إلى أخر، إيمانا بجسامة الخطر المحدق حوله، فكان دائما يستخدم تطبيقا إلكتروني غير شائع يتميز بمعايير الأمان المطلوبة حتى كان دائما ما يقوم بحذف أي محادثة بعد الانتهاء منها مباشرة حتى مع المقربين منه، مخافة الاختطاف، وكان يدور في مخيلته دائما قصة اختطاف الأمراء السعوديين من أوروبا على متن طائرات خاصة، لذا تفادى مثل هذه الأمور.

خلال فترة ترأسه قناة العرب التي لم ترى النور لأسباب سياسية تتعلق بالبحرين والمملكة، رسم لها خيوطا واسعة الأفق لتعبر عن نبض الشارع العربي وتكون ندا لقناة الجزيرة القطرية، كما تميز بقربه من الصحفيين داخل أروقة القناة على صعيد العمل مستمعا بصمت واهتمام شديدن، مانحا لهم صك الحرية والأمان في تعاطيهم للأخبار. حتى الصحفيين السعوديين الذين كانوا يسيئون له ويمقوتنه، ترفع عن الرد عليهم حتى لاينزلق في بئر التخوين وتقاذف الشتائم، والأغرب أن خاشقجي عرض على صحفي سعودي لايكف عن الإساءة إليه العمل في قناة العرب. وحينما سئل لماذا أقدمت على تلك الخطوة فرد قائلا: ” هو صحفي شاطر”.

وحتى وقتنا هذا يبقى اختفاء خاشقجي لغزا كبيرا، وإن كانت غالبية الصحف العالمية والتركية تشير إلى مقتله على يد فريق اغتيال سعودي في مدينة إسطنبول التركية. وختاما، الرجل كان محب لبلده السعودية كان يريدها في طليعة الأمم، ووصف نفسه بالناصح الأمين لنظام الحكم، وأعلن سابقا عبر صفحته على تويتر، مبايعته للملك سلمان ولنجله محمد الذي تولى منصب ولي العهد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى