مقالات

ازدواجية أوروبا مع اللاجئين – بقلم – أحمد سلهوب

معركة حامية الوطيس تخوضها دول الاتحاد الأوروبي لوضع حل نهائي لمعضلة الهجرة غير الشرعية التي صدعت بدورها البيت الألماني من الداخل، وهذا ما جاء على لسان وزير الداخلية الألماني وتهديده بالاستقالة من منصبه احتجاجا على سياسات المرأة الحديدية ميركل.

المجر بدورها صاغت قوانين مكبلة ضد المهاجرين فبالإضافة لوضع سياج من الأسلاك الشائكة على حدودها، منعت بحكم القانون المؤسسات الخيرية من تقديم يد العون للمهاجرين في محاولة من بودابست سد الثغرات والممرات التي تعول عليها دول أوروبية أخرى لتقاسم الحصة.

ما يؤرق المشهد حقا هو صعود أحزاب يمينية متطرفة إلى سدة الحكم كما هو الحال في النمسا حيث نجد حزب الحرية اليميني المتطرف شريك في ائتلاف بزعامة مستشار النمسا الحالي سيباستيان كورتس، ويجمعهما موقف واحد مناهض لقضية اللاجئين الذين أجبرتهم ظروف الحرب على الفرار.

القادة الأوروبيون يرتدون عباءة الديمقراطية في المنظمات الدولية ويوجهون سهام النقد للدول التي يمنع فيها تداول سلمي للسلطة فضلا عن التنكيل بالمعارضين، في حين نجدهم يتعاملون مع قادة تلك البلاد بغية مصالحهم العليا، دون اتخاذ تحركات فعلية جادة تكبح جماح الديكتاتوريين الذين هم بدورهم سبب رئيس في قضية اللاجئين والهجرة غير الشرعية.

سوريا وليبيا نموذجان على غياب دور فعال للمجتمع الدولي برمته، وغض الطرف عن بشار مثلا المسؤول الأول والأخير عن قضية اللاجئين السوريين بالداخل الأوروبي، نجد تصريحات متضاربة من أوروبا ما بين رحيله والإبقاء عليه لحين ما تمكنت روسيا من فرض هيمنتها على الأجواء السياسية السورية، هذا أيضا فشل ذريع للأوروبيين، قد يفهم القارئ بمناداتي بتدخل أجنبي لا وألف لا، بل هناك من المسالك التي بموجبها يضعف أي كيان سياسي حاكم.

إيطاليا مؤخرا رفضت استقبال مئات المهاجرين وتركتهم لأمواج البحر تتلقفهم حسب بوصلة الرياح، حتى وافقت إسبانيا على استقبالهم مؤخرا في إحدى الجزر التابعة لها بمياه المتوسط. إذا هناك تغير في خريطة اللاجئين على مستوى العالم خاصة بعد اجتماع بروكسل الأخير الذي نص على إنشاء مراكز إيواء للاجئين للبت في مصيرهم.

لكن ستبقى المعضلة في اعتقادي قائمة طالما هناك ازدواجية في التعامل مع دول منبع الهجرة غير الشرعية، الدولة الوحيدة التي أجبرت أوروبا لمساعدتها في قطع دابر الهجرة صوب القارة العجوز وتمثل ذلك في دفع ثلاثة مليارات دولار هي تركيا.

ونشير في نهاية المطاف أن بزوغ نجم اليمين المتطرف في أوروبا وأفول الأحزاب التقليدية سيخلط الأوراق لكون قضية لاجئي البلقان في حقبة التسعينيات باقية في أذهانهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى