مقالات

بناء البطل .. بناة الباطل .. الريح الهائجة قد اختلطت برماح الظلام – بقلم – دينا محسن

النص المعرفى فى جميع الدول المتقدمة يشير بوضوح دائماً إلى أن هناك عدلٌ فى ميزانِ التعاملات الحياتية اليومية منها سواء المؤقتة أو الدائمة ، ولذا نجد أنه عبر تطور العصور وتغير ملامحها واختلاف مراحل تكوينها لم يكن هناك عدلٌ; كاملٌ ولكن كانت تتفاوت نسبته وفقاً لوعى من يُطبّق عليهم ووفقاً لضمائر من يطبقونه . على سبيل المثال وليس الحصر نجد أن العالم الغربى كانت تغلُب عليه الهمجية والوحشية فى بدايات الكون ومع التطور البشرى قد تحوّل إلى مجتمع بدائى ثم إلى مجتمع زراعى ثم إلى مجتمع تجارى برجماتى ثم إلى مجتمع صناعى وأخيراً وليس آخراً وصل به المطاف إلى كونه مجتمع تكنولوجى بحت .
أما فيما يخص الأيدولوجيات الفكرية والمذهبية فقد ساد الفكر السوفسطائى فى بدايات الخليقة ثم محاولة اكتشاف الآلهة ثم الفلسفة النقدية ثم الثيوقراطية الجامدة ثم تدافعت الماركسية بمذاهبها الشيوعية والاشتراكية وربطها بتفتيت القوى العالمية الكبرى وأخيراً وليس آخراً تم إرساء قواعد الرأسمالية الليبرالية بمنتهى السلاسة لإبادة أى جزئ باقى من جزيئات الماركسية الباقية .
اللافت للنظر فى ذلك السرد التاريخى وعند إمعان الرؤية فيه نجد أنه لا يوجد مساحة فقهية لمفهوم الثبات او الجمود على مدار التاريخ منذ فجره ، ولكن دائماً هناك تدافع للافكار بأفكار بديلة وللأيدولوجيات بأيدولوجيات جديدة وللسياسات بسياسات جديدة وللأنظمة بأنظمة جديدة وللمذاهب الدينية سواء الوضعية منها أو السماوية بمذاهب جديدة ، السؤال المهم هنا ليس متى انتهى عصر ال … أو كيف انتهى ؟
ولكن ما الجديد الذى يمكن أن يتم طرحه ليتم فرضه وفق ما يقتضيه السياق الاجتماعى لكل المجتمعات على مستوى العالم ؟!!..
المجتمع المصرى نموذجاً ،،،، خلال تلك الآونة الأخيرة والفترات المتعاقبة السريعة وعلى مدار ستة أعوام حدثت تقلّبات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية جذرية فى بينة المجتمع المصرى ، وعليه فإنه صار من غير المعقول التصرف اليوم وفق مقادير أمس بل وعلينا النظر إلى الأمام ومناشدة المستقبل القريب أو البعيد .
هل مصر دولة رأسمالية ليبرالية تدين بالمذهب الميكافيلّى أم أنها دولة شوفونية إشتراكية الهوى ، أم أنها كالجنين المولود بلا ملامح فى الأفق الدولى والإقليمى ؟!!،
بالطبع لا فمصر البداية والحضارة قد علّمت العالم أجمع معنى القيادة والإدارة والنظام ، وبالتالى فهذا الاضمحلال الفكرى لا ينُم عن فقر مصر ولكن ينُم على فقر العقول التى تدير المنظومة بمختلف مسمياتها .
قد نتفق جميعاً أو نختلف ضمناً ، ولكن فى الواقع ليس من العيب أن تتحول مصر فى ظروف إستثنائية إلى دولة رأسمالية ليبرالية صِرف خلال عقد من الزمان ، ولكن إن انتابك شعور الشجاعة والقدرة على المغامرة وإرادة التغيير الجذرى ، عليك أن تعى أيضاً أنه ” إن أردت تطبيق النظام الرأسمالى فعليك أن تُطبق المنظومة كاااااااملة “.
لنا فى الغرب آية ،،، بعد انهيار الاتحاد السوفيتى ودخول الولايات المتحدة الأمريكية بمعاونة يهود الغرب والبروتستانتيين المتهوّدين والمتعصبين من الطائفة الإنجيلية المشهد السياسى الاقتصادى بات من الصعب على بقايا أشلاء مناصرى الماركسية وروافدها على مستوى العالم أن يصمدوا طويلاً أمام الفيضان السياسى الرأسمالى الغربى ، وبالتالى بدأت المجتمعات الغربية فى التحول السريع والتكيّف السريع والتأقلم المتهادى ، ولكن لم يمر الوقت طويلاً حتى فاقت الشعوب الغربية من غفلتها وادركت أنه لا مفر من المواجهة ، مواجهة هذا الفيضان الرأسمالى المُدمر لطبقة البروليتاريا والطبقات المتشعبة منها ، كما أن طبقة المثقفين والمتنورين شعرت بمداهمة هذا الخطر لها أيضاً ، وعليه فإن تلك الطبقات بدأت فى أن تدمج أفكارها سريعاً من أجل الوصول إلى حلول وطرق ردع لحماية أنفسها من خطر السقوط والتهاوى وصولاً إلى مرحلة ما قبل التاريخ سواء مرحلة المُلّاك والعبيد أو مرحلة تفشّى الجريمة المُسببة .
بدايات التنظيم النقابى فى الغرب كان دلالة قوية وإشارة مباشرة لكل صاحب راس مال كى يفيق من نرجسيته ويعلم جيدا انه لا يضيع حق فرد طالما دوام المطالبة به ، ومن هنا بدأ تشكيل وتنظيم وتفعيل العمل النقابى وبدأت فى التحول إلى أحزاب سياسية بجانب النقابات القائمة بحيث من يريد من العمال مزاولة السياسة فعليه الانضمام إلى أحزاب ومن يريد أن ينادى بحقوق العمال والعمل على رفعة مهنتهم والارتقاء بها وحل مشكلاتها فعليه أن ينصهر فى بوطقة النقابات العمالية ، ومن يعود إلى التاريخ يقرأ كيف ساهمت الحركة العمالية فى نهضة أوطاننا حين استطاعت أن تحصل على كافة حقوقها من أصحاب رأس المال .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى