مقالات

الغوطة الشرقية والحرب الدافئة – بقلم – احمد سلهوب

حالة من السعار أصابت النظام السوري معززة بتعاون روسي إيراني لاتباع سياسة الأرض المحروقة تجاه الغوطة الشرقية وهي منطقة من ضواحي العاصمة دمشق، اتخذها  مناهضون  سوريون لبشار الأسد مقرا لهم.

 الغريب أن العالم يقف مكتوفي الأيدي لم يحرك ساكنا تجاه ما يحدث في الغوطة وقبلها مدينة حلب، فالضحايا يتساقطون بينهم أطفال في عمر الزهور ومنهم من كان ينتظر في رحم أمه ليستوي على سوقه لكن القذائف لاحقته في مهده.

نظام بشار آمن العقوبة لذا تتساقط مئات القنابل والصواريخ على المدنيين الأبرياء في الغوطة، كما سجل نشطاء سوريون غارات للطيران الروسي يستهدف مناطق مدنية، ويخرج سيرجي لافروف وزير خارجية روسيا قائلا: ” الإرهابيون رفضوا إلقاء السلاح”، أي استخفاف  هذا بالعقول وبالأسرة الدولية التي تقول  تسعى لوقف إطلاق النار لإجلاء المحاصرين والمرضى وإدخال مساعدات غذائية.

وهناك من تنطلي عليه الحجج الروسية ويصدق أن موسكو حاربت داعش وأحرزت تقدما في هزيمته، على الرغم من مئات الأدلة التي تثبت ارتكاب روسيا مجازر بحق سوريين أبرياء في حلب سابقا، بل طال الهجوم مشافي  تداوي الجرحى، وتكرر السيناريو مجددا بالغوطة.

ونقول إن المجتمع الدولي موقفه مخز من مجريات التطورات الميدانية بسوريا الآن، باستثناء أصوات المنظمات الدولية التي صدحت وأطلقت صرخة استغاثة لكن بدون جدوى فعلية

والمفارقة هنا تصريح الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون الذي يطالب بالحوار مع بشار الأسد الذي قتل أكثر من نصف مليون سوري وهذا الرقم تقديري، وبذلك نشير إلى أن السياسية الفرنسية رمادية، فتارة تقول حوار مع دمشق، وتارة أخرى لا مكان للأسد في السلطة.

والأكثر فجاعة تقرير صادر عن المخابرات الألمانية يوصي باستئناف الحوار مع الأسد وهذا ما يناقض قيم ميركل، إذا كل تلك المواقف والتصريحات التي تتزامن مع الهجوم الضار على الغوطة، تشير إلى تحول لافت في السياسية الأوروبية تجاه القضية السورية وهو الرضوخ ببقاء الأسد وفقا للنظرية الروسية والإيرانية.

أما إيران فلها مآرب أخرى في سوريا غير السياسية  الظاهرة لنا، فهناك التحول الديمغرافي يجرى على قدم وساق في سوريا بإيعاز منها، أي تهجير مناطق السنة واحلالها بسكان شيعة بل وصلت لشراء أراض، ولا أستبعد مساعي طهران لفرض تلك الخطوة في الغوطة الشرقية التي تحرق الآن، لكونها قريبة جغرافيا من العاصمة دمشق، ولنرجع للوراء قليلا ونتذكر تصريح على يونسي مستشار المرشد الإيراني على خامنئي، حينما قال إن بلاده تسيطر على أربع عواصم عربية.

 ولا يخفى على أحد أن أجواء الحرب الباردة  أضحت سوريا مسرحا لها بين روسيا وأمريكا، وإذا  كانت الحرب الباردة شهدتها أوروبا الشرقية فنستطيع أن نقول أن التنافس الحالي هو حرب دافئة، وهذا راجع إلى حلم سوفيتي قديم، فقبل انهياره كان أوج حلمه هو الوصول إلى المياه الدافئة، فالكل  هنا يبحث عن مصلحته فقط وسوريا في مهب الريح.

وبالعودة للماضي فقد شهدت الغوطة عام 2013 مجزرة بشعة بالكيماوي من قبل نظام بشار راح ضحيتها أكثر من ألف ، والآن يعاد السيناريو بشكل أكثر كتامة بدون حلول جذرية ، وما يحدث في تلك المنطقة المكلومة يذكرنا بمذبحة سربرينيتسا في البوسنة والهرسك في يوليو/ تموز عام 1995 حيث قتل أكثر من 8 آلاف مسلم وبعدها بفترة قصفت أمريكا عاصمة صربيا بلجراد.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى