السياسة

الروهينغا في انتظار موعد مع الأعاصير

 أحمد سلهوب
أحمد سلهوب

كتب – أحمد سلهوب

تستعد الحكومة في بنجلاديش لتوطين لاجئي الروهينغا المتواجدين على أراضيها في جزيرة نائية تبعد عن سواحلها حوالي 130 كيلومترا تكونت بفعل الأعاصير، وتقع في خليج البنغال.
 حكومة الشيخة حسينة واجد استعانت بخبراء من بريطانيا والصين في سباق مع الزمن لبناء تجمعات سكنية على تلك الجزيرة الطينية، ذات النشاط الاقتصادي المحدود، حيث ترتكز على الزراعة وتربية المواشي فقط.
وربما تتحول تلك الجزيرة إلى سجن كبير خاصة أن عدد المرحلين إليها لاحقا، سيكون بلا وثيقة سفر أو بطاقة هوية ولن يستطيعوا مغادرتها إلا بالعودة الطواعية لميانمار أو الذهاب لدولة ثالثة، على الرغم من نفي حكومة دكا تحويل المكان المزمع نقل الروهينغا إليه إلى معتقل كبير.
ويشير مراقبون إلى أن الروهينغا أصبحوا عبئا ثقيلا على بنجلاديش وجب التخلص منهم بطريقة أو بأخرى، فالعاصمة دكا الخاضعة فعلا لحكم العسكر لا تنظر بارتياح لوجود لاجئين على أراضيها، رغم أنهم مسلمون وتربطهم روابط دينية وثقافية وتاريخية مع مسلمي المنطقة الجغرافية المحيطة بهم.

تلك التطورات الحاصلة تتزامن مع إقدام ميانمار بقيادة رئيسة البلاد أون سان سو تشي على تجريف قرى أقلية الروهينغا غرب البلاد، وبلغ عدد القرى المستهدفة بآليات ثقيلة إلى 55، وفق ما أشارت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها، وسبق أيضا أن أضرم الجيش النار في مساكنهم في محاولة للتخلص منهم ومحو أي وجود لهم في تلك المنطقة التي تشهد على امتداد جذورهم فيها منذ مئات السنين.
وهذا التقرير الصادر مؤخرا يناقض تماماً الاتفاق الذي وقع في شهر نوفمبر من عام 2017 بين دولتي ميانمار وبنجلاديش والذي ينص على تمهيد الطريق لعودة مئات الآلاف من لاجئي الروهينغا المسلمين في غضون شهرين من تاريخ الاتفاق.
فنحن إذا أمام فرضية توحي باعتزام حكومة سان سوتشي بعدم حلحلة القضية، وأن هناك نية مبيته لتطهير عرقي واسع النطاق قادم لامحالة لطالما جرفت القرى حتى الغطاء النباتي طاله الإزالة.

 ... البوذيين والوعود الكاذبة التي تطلقها حكومة بورما في تحسين أوضاع المسلمين مع التعنيف المستمر حتى فرّ عددٌ من المسلمين هناك إلى دول أخرى لينجو من العذاب..

… البوذيين والوعود الكاذبة التي تطلقها حكومة بورما في تحسين أوضاع المسلمين مع التعنيف المستمر حتى فرّ عددٌ من المسلمين هناك إلى دول أخرى لينجو من العذاب..
ودائما ما يولد العنف والقوة الغاشمة في التعامل مع أي قضية، عواقب وخيمة تتمثل في عنف مقابل، وحينما يحمل المضطهدون وخاصة إذا كانوا مسلمين السلاح للدفاع عن أنفسهم تتسارع وسائل الإعلام الدولية إلى التقاط الخبر والزج بكلمة مسلمين في أتون الصراع، لربط الإسلام بالإرهاب، متناسية عن عمد وليس غفلة لب القضية الأساسية المبنية على التطهير العرقي.
كما أن موقف المجتمع الدولي متخاذل ولم يرق إلى ردة فعل قوي تجبر ميانمار على وقف الاعتداءات الغاشمة تجاه مسلمي إقليم راخين، على الرغم من فرض الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على جيش ميانمار تتمثل بخفض المساعدات العسكرية للوحدات والضباط المتورطين في أعمال العنف.
ويقدر عدد الفارين من أعمال العنف الوحشية في ميانمار إلى بنجلاديش بحوالي 700 ألف، حيث عبروا النهر وتحدوا تقلبات الطبيعة من وأمطار غزيرة ووحل وتوجهوا إلى أراض بنجلاديش التي أعلنت دولة مستقلة عام 1971 بعيد انفصالها عن باكستان بإيعاز من الهند التي قدمت خدمات عسكرية واقتصادية لتلك الدولة الوليدة آنذاك.
فهناك تقاعس دولي حقيقي رغم المساعدات الغذائية التي تصل من هنا وهناك، حينما يدافع مسلمو الروهينغا عن حقهم في الحياة، يجب أن يعي ساسة الدول الكبرى ويتذكروا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948.
وفي ديباجته يشير إلى أن من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.
وتجدر الإشارة إلى أن ولاية راخين تعاني من الاضطرابات جراء العنف الطائفي والتمرد في بعض أجزاء الولاية، حيث شهدت في شهر أغسطس (آب) الماضي غرق منطقتها الشمالية في أزمة دولية بعد شن الجيش البورمي حملة ضد متمردي الروهينغا، ما تسبب في نزوح جماعي للأقلية المسلمة عبر الحدود إلى بنجلاديش.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى