المنوعات

نافذة تركيا على البحر الأحمر.. ما أهمية جزيرة “سواكن” السودانية؟

قبل الرئيس السوداني عمر البشير، عرضاً من نظيره التركي رجب طيب أردوغان لترميم جزيرة سواكن السودانية المطلة على البحر الأحمر، والواقعة في الجهة المقابلة لمدينة جدة السعودية “كي يعود إليها مجدها التاريخي”، ليعزز الحليف التاريخي للخرطوم نفوذه مجدداً في تلك المنطقة.

ومن العاصمة السودانية الخرطوم، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (25 ديسمبر 2017) أن السودان وافق على أن تتولى تركيا إعادة تأهيل جريرة سواكن وإدارتها، لفترة غير محددة، إذ يحمل المشروع التركي في طياته إشارات وركائز جديدة، تخطط أنقرة لجعله نقطة انطلاق لمشاريعها في القارة السمراء والبلدان المطلة على البحر الأحمر.

وأكد أردوغان أمام ملتقى اقتصادي جمع رجال أعمال سودانيين وأتراكاً: “طلبنا تخصيص جزيرة سواكن لوقت معين، لنعيد إنشاءها وإعادتها إلى أصلها القديم، والرئيس البشير قال: نعم”، مضيفاً أن “هناك ملحقاً لن أتحدث عنه الآن”.

وقد زار الرئيس التركي برفقة نظيره السوداني عمر البشير جزيرة “سواكن”، حيث تنفذ وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) مشروعاً لترميم الآثار العثمانية، وتفقد الزعيمان خلال هذه الجولة مبنى الجمارك ومسجدي الحنفي والشافعي التاريخيين.

وتحتوي جزيرة سواكن على أقدم ميناء في السودان، ويستخدم في الغالب لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة في السعودية، إذ يأتي الميناء في المرتبة الثانية بعد بورتسودان ويقع إلى الشمال منه بمسافة 60 كيلومتراً.

ويعي الرئيس أردوغان أهمية هذه الخطوة، ولا يخفي عزمه إعادة نفوذ تركيا في القارة السمراء كما كانت قبل 100 عام، إذ حظيت جزيرة سواكن بمكانة هامة في عهد الدولة العثمانية، وكانت مركزاً لبحريتها في البحر الأحمر، وضم ميناؤها مقر الحاكم العثماني لمنطقة جنوب البحر الأحمر بين عامي 1821 – 1885.

وأعلن أردوغان في هذا الشأن أن “الأتراك الذين يريدون الذهاب للعمرة سيأتون إلى سواكن، ومنها يذهبون إلى العمرة في سياحة مبرمجة”، مشيراً في الوقت ذاته إلى توقيع اتفاقية للصناعات العسكرية، من دون أن يقدم تفاصيل بشأنها.

وخلال زيارة أردوغان إلى السودان التي انطلقت الأحد (24 ديسمبر 2017)، وقَّع رجال أعمال من البلدين 9 اتفاقيات؛ لإقامة مشاريع عسكرية وأمنية وزراعية وصناعية؛ من بينها مسالخ لتصدير اللحوم ومصانع للحديد والصلب ومستحضرات التجميل، إضافة إلى بناء مطار في الخرطوم.

موقع “سودان تربيون” الإخباري، أشار إلى أن الرئيس التركي قد اختار أن “تكون جولته الوحيدة خارج الخرطوم خلال زيارته للسودان في سواكن على ساحل البحر الأحمر، في محاولة لإعادة أمجاد الدولة العثمانية حيث تعمل تركيا على ترميم آثارها في المدينة العريقة”، التي تنظر إليها نظرة احترام وإجلال.

ونقل الموقع السوداني عن مصادر لم يسمها، قولها إن الرئيس التركي وحرمه أمينة أردوغان أنهيا الاثنين (25 ديسمبر 2017) “زيارة خاطفة للمدينة الساحلية بشرق السودان، التي تبعد عن العاصمة الخرطوم 642كم، حيث استقبله هناك الرئيس السوداني عمر البشير وحرمه”.

وأفادت نفس المصادر أيضاً بأنه تم تشكيل “لجنة بتوجيه من البشير برئاسة قاضي محكمة عليا بولاية البحر الأحمر، أبو الفتح محمد عثمان، لمناقشة أمر جزيرة سواكن مع الوراث وأصحاب المنازل وقطع الأراضي، ليتم شراؤها منهم بواسطة الحكومة الاتحادية”، ليتم منحها إلى تركيا لتعيد ترميمها وجعلها منطقة اقتصادية وسياحية تساههم في نمو اقتصاد البلاد.

وشيدت “سواكن” فوق جزيرة مسطحة الأرض بيضاوية الشكل طولها نحو 750 متراً وعرضها أقل من 500 متر، داخل شرم ضيق يفتح على البحر ومتصل بالبر بطريق ممهد، وتضم منطقة أثرية تاريخية، تحولت منازلها إلى أطلال وحولتها الرياح الصحراوية القاسية إلى منطقة شبه مهجورة.

وكانت جزيرة “سواكن” مسبقاً ميناء السودان الرئيسي، قبل أن ينقل الاستعمار البريطاني في العام 1910 الميناء إلى بورتسودان، ليتم هجر “سواكن”، التي تم إحياؤها مجدداً بإنشاء ميناء لتصدير النفط.

وتقول مواقع إخبارية سودانية نقلاً عن معتمد محلية سواكن، خالد سعدان، قوله في هذا الشأن: إن “إعادة تشييد جزيرة سواكن التاريخية فرصة كبيرة لإنعاش القطاع السياحي والاستثماري في الولاية”. وأشار إلى أن مساحة الجزيرة “تقارب من 4 أو 5كم، تضم أكثر من 370 قطعة أرض سكنية وحكومية”.

تركيا والسودان تشكلان “مجلس تعاون استراتيجي” لتعزيز العلاقات1280x960

وقَّع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس السوداني عمر البشير، اتفاقاً على إنشاء “مجلس التعاون الاستراتيجي”، بهدف تعزيز الروابط الاقتصادية والعسكرية بينهما.

بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جولته الأفريقية، التي تشمل كلاً من السودان وتشاد وتونس، ليصبح أكثر رئيس دولة وحكومة في العالم زار القارة السمراء.

ويأمل البلدان في زيادة التبادل التجاري تدريجياً إلى عشرة مليارات دولار سنوياً من 500 مليون دولار حالياً. ووقع البلدان 12 اتفاقاً تشمل التعاون في المجالات العسكرية والاقتصادية والزراعية.

ويواجه اقتصاد السودان صعوبات منذ انفصال الجنوب إلى دولة مستقلة في العام 2011، آخذاً معه الكثير من أرباح إنتاج البلاد من النفط الخام. فيما عززت تركيا في السنوات الأخيرة استثماراتها في السودان.

وتقول تركيا إن الزيارات التي أجراها الرئيس التركي إلى القارة الأفريقية آتت أكلها، على الصعيدين السياسي بتعزيز العلاقات والتنسيق، والاقتصادي برفع حجم التجارة بين تركيا والدول الأفريقية، وبدا ذلك جلياً بين عامي 2012 و2016.

وبين عامي 2012 و2016 تجاوز حجم الصادرات التركية للدول الأفريقية 65 مليار دولار، وارتفع حجم التجارة معها إلى 93.5 مليار

وكان حجم التجارة السنوي بين تركيا والدول الأفريقية عام 2004، بحدود 5.6 مليارات دولار، وبالمقارنة مع حجم التجارة عام 2016 يُلاحظ أنّ حجم التبادل التجاري ارتفع بنسبة 200%، ليبلغ 16.7 مليار دولار.

والعلاقات الوطيدة التي باتت تربط تركيا بدول القارة الأفريقية، كانت نتاج خطة محكمة وضعتها حكومة حزب العدالة والتنمية التركية، تحت اسم “سياسة الانفتاح على القارة الأفريقية”.

وللخطوط الجوية التركية دور هام في في تعزيز أواصر الصلة بين تركيا ودول القارة السمراء، من خلال زيادة عدد الرحلات المتجهة إلى المطارات الأفريقية. ويغطي الأسطول الجوي للخطوط الجوية التركية 51 نقطة في 32 دولة أفريقية.

وعلى الصعيد الإنساني مدّت تركيا، من خلال أذرعها الخيرية، يد العون للمحتاجين في القارة الأفريقية، بتنفيذها الكثير من المشاريع التنموية.

وتجاوز حجم المساعدات التنموية المقدمة من تركيا لدول القارة الأفريقية، منذ بداية 2016، أكثر من 2.3 مليار دولار.

وكان الرئيس السوداني، عمر البشير، قد ذكر في تصريحات له، مساء الأحد، أن بلاده تجاوزت العديد من التحديات، وتشهد انفتاحاً واسعاً على محيطها الخارجي، مشيراً إلى “بطلان الدعاوي والافتراءات المغرضة من قبل الدوائر الاستعمارية التي حاولت أن تضع السودان في خانة التجريم والعزلة الدولية”، بحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى