مقالات

الانتصار الإفتراضي للجماعات المتطرفة – بقلم – أحمد سلهوب

قديماً كانت الجماعات الإسلامية المتشددة تتخذ من شرائط الفيديو أو التسجيلات الصوتية وسيلة لإستقطاب الشباب لصفوفها أو للإعلان عن عمليات تفجيرية هنا أو هناك، مثلما فعل الراحل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن عام 1998 حينما تحدث للعالم بأسره عبر شرائط الفيديو معلناً عن تأسيس الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبين، وكان هذا الإعلان النواة الأولى لتمدد التنظيم وعدم إنحساره.

احمد سلهوب
احمد سلهوب

ومع التطور الحاصل في وسائل الاتصال والطفرة الهائلة التي قربت المسافات واختصرت عامل الزمن، كان المتطرفون الإسلاميون أكثر دقة وإحترافية من الحكومات حسب اعتقادي في تسخير تلك الوسائل لصالحها، فعبر تلك النوافذ الإلكترونية نجحوا في استمالة أتباع جدد خاصة من مسلمي أوروبا والشباب حديث العهد بالإسلام، حيث يشكل الأخير بيئة خصبة لنمو التفسيرات الخاطئة لصحيح الدين الحنيف، ما يجعلهم لاحقاً آلة تنفيذ منزوعة العقل والتفكيرومجهزة للتخريب.

ولنتخذ من داعش نموذجا يطابق ما ذكرناه آنفاً، حيث نجحت بإقتدار في استغلال مواقع التواصل الإجتماعي، لتعزيز نظريتها القائمة على الدم وترسيخ مفاهيم مغلوطة عن الإسلام، لدرجة أنها أدخلت مفهوم الحرب النفسية في دعايتها على غرار جيوش الدول، وكانت تلك الطريقة غير متعارف عليها حتى لعهد قريب لدى المتطرفون، فبالتكنولوجيا ومؤثرات المونتاج أعطت انطباع بأنهم قوة لاتقهر، وتحديدا عقب السيطرة على مساحات شاسعة من العراق بعد الانسحاب المتعمد للجيش في العاشر من يونيو لعام 2014.

وكانت أكثر النجاحات التي حققها داعش عبر تلك النوافذ، هي استفحال ظاهرة “الذئاب المنفردة”، أي الشخص الذي يعتنق أفكار داعش المتطرفة من خلال “تويتر ووسائل أخرى، إذا كان ذلك بمثابة الانتصار الإفتراضي لهم.

وبعد سلسلة الهجمات التي تعرضت لها بعض البلدان الأوروبية كفرنسا وبلجيكا وألمانيا وإسبانيا مؤخرا، علت الأصوات منادية بضرورة أن تتخذ الحكومات خطوات أمنية للحد من خطورة داعش الإلكترونية، ومراقبة المواقع التي تبث الكراهية وإنكار حق الأخر في الحياة.

في اعتقادي أننا الآن نشاهد حرب عالمية من نوع أخر هي الحرب الإلكترونية ، لايكون فيها الانتصار سهلا وطريقه ممهدا، لأنها ببساطة حرب “عقول”.

وفي نهاية المطاف لابد من كبح جماح تلك الجماعات المتطرفة على اختلاف مذاهبها ومعتقداتها وعرقيتها إلكترونيا وفي الميدان واستحداث أدوات وبرامج جديدة من قبل المواقع الشهيرة كالفيس وتويتر للحد من اتخاذها نافذة مدمرة.

أحمد سلهوب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى