مقالات

قصة السفير السعودي في لبنان

بقلم – ميشال نصر

لعله من بين قلة من السفراء العرب في تاريخ الدبلوماسية المعتمدة في لبنان يثير هذا الكم من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول مواقفه وسط الاتهامات في السر والعلن لحقيقة الدور الذي يلعبه من مقر سفارته في قريطم، او منزله في اليرزة الذي قد تكون اخطأته ذات يوم “الصواريخ الرسائل” التي استهدفت المربع الامني لوزارة الدفاع .

فالسفير السعودي، المتهم بلعب دور استخباراتي من الدرجة الاولى، كونه صاحب نظرية عزل حزب الله عبر العقوبات التي نظر لها، بحسب ما يتهمه انصار الممانعة في لبنان، او يوم قرر جمع القادة اللبنانيين الى عشاء رمضاني “استدرج” اليه رئيس تكتل الاصلاح والتغيير، لتنجح خطة “كسر الجرة” بينه وبين بيك زغرتا نهائيا، بعدما كان سبقها تصريح شهير للسفير خالف فيه كل ما قيل عن تبن وتذكية سعودية لفرنجية كمرشح رئاسي.

اليوم وفي ظل عودة الحديث عن اتجاه اميركي- خليجي، رأس حربته سعودي، لاعادة رسم المعادلات في المنطقة، التي كسرت توازناتها الحاكمة لفترة تداعيات الاتفاق النووي الايراني الذي جاء على حساب الرياض، عبر التصعيد في لبنان ضد حزب الله عبر عقوبات قد تصل حدود الضربة العسكرية الاسرائيلية بعد ما يتردد عن تقاطع مصالح خليجي – اسرائيلي، وفي اليمن مع توجه التحالف العربي لحسم المعركة عسكريا، على وقع دعم المعارضة السورية بعد اعادة توحيد فصائلها في حلب بغض نظر من واشنطن، خرج من يتحدث في لبنان عن “اعادة تموضع ” دبلوماسي سعودي في بيروت نتيجة المخاوف الامنية من استهداف مصالح المملكة في ظل التصعيد المنتظر خلال الاسابيع المقبلة.

مخاوف عززتها، بحسب مطلعين الرسائل السياسية العالية النبرة التي سبق لامين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ان اطلقها مرارا، وكذلك مجموعة من المسؤولين الايرانيين ليس آخرهم علاء الدين بروجردي من السراي الحكومي والتي وصلت اصدائها الى الديوان الملكي، خصوصا انه سبق النقلة النوعية في التصعيد الكلامي، تسريبات “مقربة ” من السفارة تحدثت منذ مدة عن تحذيرات تلقتها من جهاز امني لبناني عن امكانية استهدافها من قبل حزب الله او حلفائه، واتهامات ضمنية لمخابراتها بالوقوف وراء تفجير “بلوم بنك” لتاليب المصارف والري العام ضد حارة حريك.

قراءة لا تنفيها مصادر مقربة من السفارة ، وان كانت عزت مغادرة السفير ايلول المقبل، قبل ان يعود بعد ايام الى بيروت لانهاء بعض الاعمال والقيام بجولته الوداعية، قبل ان ينفذ الاوامر الملكية للالتحاق بمقر عمله الجديد في باكستان، بعد تاجيل التنفيذ لمدة سنة مواكبة لحل لبناني رئاسي بقي سرابا.

وتشير المصادر في هذا الاطار الى ان وجهتا نظر تسودان دوائر الخارجية السعودية، تدعو الاولى الى تعيين سفير جديد نظرا لاهمية الموقع اللبناني في خريطة النفوذ السعودي خصوصا في هذه المرحلة الحرجة سنيا ووطنيا بشكل عام، مقابل من يدعو الى التريث وضرب عصفورين بحجر واحد، الاول امني والثاني بروتوكولي عبر الاكتفاء بتكليف القائم بالاعمال بتولي تسيير مهام السفارة الى حين انتخاب رئيس للجمهورية.

بين التوجهين قد تطول المشاورات او تقصر وفقا لحسابات داخلية سعودية، واقليمية بنكهة دولية، لتحسم الايام المقبلة اتجاه الرياح السعودية ومدى مطابقتها للسفن اللبنانية. ايا يكن فان الاتجاه العام هو نحو مزيد من شد الحبال وجولات المواجهة بين طرفي معادلة “الالف-سين” قد تتخذ في لحظة معينة منحى امنيا بعدما اكتملت الظروف السياسية والاعلامية الموضوعية لتغطية هكذا عمل، سواء من اصحاب التهديدات او من جهات ثالثة قد تحاول الدخول على الخط لزيادة ” الطين بلة”.

ميشال نصر
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى