معلومات عامه

كاتب أمريكي: القضاء على الإرهاب بالتدخل العسكري نظرية فاشلة

7455de5c1e6b2a6dd3e75216649028fc

رأى الكاتب الأمريكي فريد زكريا أن نظرية التدخل العسكري الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط ليس هو السبيل الوحيد للقضاء على الإرهاب المتنامي هذه الأيام وقد أثبتت فشلها على مدار التاريخ بل تأتي بنتائج عكسية.

ووصف زكريا، وهو أيضا مقدم برنامج “جلوبال باليك سكوير” في شبكة سي إن إن الاخبارية، الهجمات على مجلة “شارلي إبدو” في باريس على أنها وحشية ولكنها مدهشة وهو الأمر الذي دفع الكثير للتساؤل حول كيفية وقف هذا النوع من الإرهاب. فجاءت بعض الاجابات قاطعة مثل ما قاله السيناتور الامريكي جون ماكين حينما قال “هذا الهجوم الذي رأيتموه في باريس؟ سترون مثله في الولايات المتحدة” وأن الوقاية منه سوف تتطلب استراتيجية أكثر عدوانية من جانب الجيش الامريكي في منطقة الشرق الأوسط، بالتدخل بقوات برية وفرض منطقة حظر جوي في سوريا ومزيد من القوات في العراق وأفغانستان.

وعلق زكريا على مثل هذه التصريحات –وفق ما نقلته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية على موقعها الإلكتروني – قائلا اثبتت النظرية “نقاتلهم هناك حتى لا نضطر إلى قتالهم هنا” التي كانت سائدة في بعض الاحيان إبان حرب العراق فشلها آنذاك ومن الخطأ تبني مثل هذه النظرية الآن.

وقد لاحظ سياسيون ومعلقون آخرون أن العديد من الجهاديين لديهم اتصالات بالأراضي الوعرة الجديدة في الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن وسوريا، الذي انهار فيهما النظام، وتفشى فيهما الحرب المدنية وتزايدت فيها نسبة الجماعات الإرهابية. حيث رأى البعض أن الأمر هو “رد فعل عكسي” للفوضى في سوريا إلا ان الفكرة السائدة كانت “لو كانت واشنطن قد انخرطت أكثر هناك منذ البداية لكنا ننعم بأمن أكثر الآن”.

ويتساؤل زكريا ماذا يقول الجهاديون؟ افادت شبكة اخبارية انه في أثناء الادلاء بالشهادة امام المحكمة عام 2007، كشف شريف كوشي، أحد الإرهابيين الذين نفذا هجوم باريس الاسبوع الماضي، سبب تطرفه حيث قال “أنا على استعداد للذهاب والموت في المعركة…. لقد راودتني هذه الفكرة عندما رأيت الظلم الذي يجري هناك [في العراق] على شاشات التلفزيون… أنا أتكلم عن التعذيب الأمريكيين للعراقيين.” ولو نظرنا بعين ثاقبة فيما قاله لرأينا أن تدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط كان السبب الجلي ليصبح في صفوف الجهاديين. وعلى ما يبدو فإن مزيدا من التدخل كان له آثار عكسية.
وحلل الباحثان روبرت بيب وجيمس فيلدمان أكثر من ألفين ومائة حالة موثقة من التفجيرات الانتحارية في الفترة بين 1980-2009 وخلصوا إلى أن معظم الانتحاريين كانوا يتصرفون ردا على تدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وليس بسبب دافع ديني أو أيديولوجي. ففي كتابهما “كتنج ذا فيوز” “نزع الفتيل”، يلاحظ المؤلفان أن أكبر الهجمات في الدول الغربية بعد 11 سبتمبر، وتفجيرات مدريد ولندن، كانت “بشكل خاص بسبب غزو العراق” .

هناك أيضا واقع مرير وهو إذا كان الهدف من التدخل في سوريا هو القضاء على القوات الجهادية، فإن الولايات المتحدة بذلك تتخذ قالب ومنهج نفس معسكر الرئيس السوري بشار الأسد .

ويفضل زكريا أن يحدد التدخل الأمريكي هوية السوريين المعتدلين، ويضمن لهم الحاق الهزيمة بالإسلاميين الراديكاليين -الأقوى منهم بكثير- ثم الحاق الهزيمة بجيش الأسد الأقوى منهما كليهما، ومن ثم يتحقق الاستقرار في سوريا. وعلى الأرجح، ما يحدث حاليا من شأنه أن يساعد الأسد ويرجح كفته وأن يزيد الطين بله.

واستطرد زكريا دعونا نرجع قليلا في صفحات التاريخ ، يقال ان عدم التدخل الولايات المتحدة في البوسنة في تسعينيات القرن الماضي في وقت مبكر قد أدى إلى ولادة التطرف الإسلامي، كما حدث مع التدخلات في العراق وأفغانستان في بداية الالفية الجديدة، كما حدث مع الشراكة مع الجيش الباكستاني، كما حدث مع هجمات الطائرات بدون طيار في باكستان واليمن ، كما حدث مع العمليات في أفغانستان، كما حدث مع انسحاب القوات من نفس البلد.

فعندما تتدخل الولايات المتحدة، يقال أنه لاستفزاز الإرهابيين. وعندما لا يحدث ذلك، يقال إن ذلك دليل على ضعف واشنطن. وبغض النظر عن ما قامت به الولايات المتحدة على مدى العقدين الماضيين، فقد ارتفعت ظاهرة التطرف الإسلامي، والذي غالبا ما يوجه ضد الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، ودائما ما تجد عدد قليل من الشباب المهمشين الذين يتصرفون بناء على الأيديولوجية الفاسدة للجماعات المتطرفة.

وبالنظر إلى نظرية أن السبيل الوحيد لوقف الإرهاب في أوطاننا هو أن تتدخل الولايات المتحدة عسكريا وتحقق الاستقرار في أجزاء كثيرة من منطقة الشرق الأوسط التي تغوص في أعماق الصراعات، جعل واشنطن تتبني سياسة ساذجة لعقود.

وأوضح الباحث أندرو باسيفيتش أن واشنطن، قبل سوريا، كانت قد تدخلت بالفعل في 13 دولة في العالم الإسلامي منذ عام 1980. وهو الأمر الذي يطرح سؤال هل على المرأ أن ينفذ المزيد من نفس الخدعة؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى